بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله البررة المعصومين ، صلاة دائمة بدوام السماوات والأرضين ، وسلاماً كثيرا مؤبّدا أبد الآبدين .
كتاب الصلاة
الواجبة والمندوبة ، اليوميّة وغيرها .
والصلاة في اللغة : الدعاء ۱ ، وشرعاً : أفعال مخصوصة مبدأة بالتكبير ومختتمة بالتسليم .
باب فضل الصلاة
قد أجمع أهل العلم على أنّها أفضل العبادات ، وأنّها معراج المؤمن ۲ ، وقربان كلّ تقي ۳ ، وأنّه لا شيء بعد المعرفة أفضل منها ۴ ، لا سيما الفرائض اليوميّة .
قوله : (حدّثني محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن معاوية بن وهب) . [ح 1 / 4786] محمّد بن يحيى هذا هو أبو جعفر العطّار .
وأحمد بن محمّد بن عيسى بن عبد اللّه بن سعد بن مالك بن أحوص الأشعري أبو جعفر شيخ القمّيّين ، لقى الرضا والجواد والهادي عليهم السلام ۵ .
والحسن بن محبوب السرّاد ، ويُقال له : الزرّاد، كوفي ۶ .
معاوية بن وهب البجلي أبو الحسن الكوفي ۷ ، وكلّهم ثقاة جلائل ، وينابيع العلوم وعيونها .
وابن محبوب على ما ذكر الشيخ أبو عمرو الكشّي رحمه الله ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم، وأقرّوا لهم بالعلم والفقه ۸ .
قوله في صحيحة زيد الشحّام : (فيسبغ الوضوء) . [ح 2 / 4787] قال طاب ثراه : المراد بإسباغ الوضوء فعله بجميع الشرائط والأركان المعتبرة في الصحّة وفي كماله .
قوله : (ياويلاه) إلخ . [ح 2 / 4787] قال طاب ثراه :
الويل : كلمة يقال عند الوقوع في المهلكة، وتلحقه الألف للندبة، والهاء للسكت ۹ . وفي قول إبليس هذا دلالة على أنّه كان مأمورا بالسجود للّه تعالى ؛ تعظيماً لآدم وشكرا لإيجاده تعالى إيّاه ؛ لأنّه وقع التصريح بذلك في بعض الأخبار .
قوله في خبر يزيد بن خليفة : (نزلت عليه الرحمة من أعنان السماء إلى أعنان الأرض) . [ح 4 / 4789] الظاهر أنّ الظرف لغو متعلّق بنزلت ، وإدراج الأعنان في الطرفين لبيان كثرتها .
ويحتمل أن يكون مستقرّا من الرحمة ، فيكون أتمّ في ذلك البيان ، وأوفق لما ورد في ثواب كلمة لا إله إلّا اللّه وأمثالها من أنّه يملأ ما بين السماء والأرض ۱۰ .
وأيّده طاب ثراه بقوله عليه السلام في الخبر الّذي بعده : «وأظلّته الرحمة من فوق رأسه إلى اُفق السماء» ، والأعنان من السماء : نواحيها ، وعنانها بالكسر : ما بدا لك إذا نظرت إليها ۱۱ .
والاُفق على مثال عسر وعسر ورجل : الناحية، والطرف ، وجمعه الآفاق ۱۲ .
قوله في خبر أبي حمزة : (ونظر اللّه إليه. أو قال. أقبل اللّه عليه) . [ح 5 / 4790] أمثال هذه الأفعال إذا نُسبت إليه تعالى يُراد بها آثارها وما يترتّب عليها .
قوله : (عن ابن مسكان، عن إسماعيل بن عمّار) . [ح 7 / 4792] في بعض النسخ: «ابن سنان» بدلاً من «آبن مسكان» ، وهو محتمل لعبد اللّه ومحمّد المشترك بين المجهول والثقة ۱۳ .
وإسماعيل هو أخو إسحاق بن عمّار ، ولقد ورد مدحه فقد روى المصنّف قدس سره في باب البرّ بالوالدين في الصحيح عن عمّار بن حنّان ، قال : خبّرت أبا عبد اللّه عليه السلام ببرّ إسماعيل ابني بي ، فقال : «لقد كنت اُحبّه ، وقد ازددت له حبّاً» ۱۴
.
وروى الكشّي رحمه الله بإسناده عن زياد القندي ، قال : كان أبو عبد اللّه عليه السلام إذا رأى إسحاق بن عمّار وإسماعيل بن عمّار قال : «وقد يجمعهما لأقوام»، يعني الدنيا والآخرة ۱۵ .
وقد ثبت فطحيّة عمّار ۱۶ ، وأمّا إسماعيل فلم ينقل عنه أحد هذه ، فالخبر على نسخة الأصل حسن .
ثمّ الظاهر أنّ المراد بالصلاة الفريضة اليومية ، ولا بُعد فيكونها أفضل من الحجّ مع اشتماله على صلاة فريضة .
ويحتمل تعميم الفريضة ، فيخصّ أفعال الحجّ بما عدا صلاته .
لا يقال : هذا ينافي ما ثبت من أنّ أفضل الأعمال أحمزها ۱۷ ؛ لزيادة مشقّة في الحجّ ليست في الصلاة .
لأنّا نقول : هذا مخصّص بأفراد نوع واحد من العمل كالوضوء والصوم في الشتاء والصيف ، ولا يعدو إلى ما تعدّد، فربّما يكون الأخفّ معه أفضل ، كما يظهر من تتبّع أخبار ثواب الأعمال .
قوله : (جماعة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى) . [ح 8 / 4793] لفظ جماعة قائمة مقام عدّة ، وقد سبق أنّ العدّة الّتي تروي عن أحمد بن محمّد بن عيسى منهم محمّد بن يحيى العطّار ، وعليّ بن إبراهيم بن هاشم ، وأحمد بن إدريس ، وهم ثقات ، فالخبر صحيح .
ولعلّ إطراقه صلى الله عليه و آله لانتظار الوحي . وقال طاب ثراه :
ويحتمل أن يكون للتفكّر في إجابة المسؤول ؛ لأنّه أمر عظيم ، أو للتنشيط . والسجود محتمل لمعناه الحقيقي، وللصلاة ، فعلى الأوّل يدلّ على أنّ طول السجود أفضل من كثرته بلا تطويل ومن طول القيام، والشافعي فضّل طول القيام في الصلاة؛ معلّلاً بأنّ ذكر القيام إنّما هو القرآن ، وهو أفضل الأذكار ۱۸ .
قوله في مرسلة إبراهيم بن عمر : (صلاة المؤمن بالليل) إلخ. [ح 10 / 4795] قال طاب ثراه :
يحتمل أن يكون تفسير الحسنات بصلاة الليل باعتبار أنّها فرد من الحسنات ، أنّ الحسنات منحصرة فيها ؛ لاحتمالها الصلوات الخمس أيضاً بدليل صدر الآية . وقد جاء في روايات العامّة تفسيرها بالصلوات الخمس ۱۹ . وقال بعضهم نقلاً عن مجاهد : إنّها سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر ۲۰ ، ولعلّه أيضا باعتبار أنّها فرد من الحسنات .
1.صحاح اللغة، ج ۶، ص ۲۴۰۲ (صلا) .
2.هذه العبارة مع كثرة تداولها على الألسن لم ترد في المصادر الروائيّة، و أقدم مصدر وردت فيه هذه العبارة و نسب إلى النبي صلى الله عليه و آله تفسير الرازي، ج ۱، ص ۲۶۶، ولم أجده في مصادر الإماميّة، والظاهر أنّها من عبارات علمائنا المتأخّرين.
3.روي ذلك عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في : دعائم الإسلام، ج ۱، ص ۱۳۳؛ مسند الشهاب، ج ۱، ص ۱۸۱، ح ۲۶۴؛ كنز العمّال، ج ۷، ص ۲۸۸، ح ۱۸۹۱۷.
و عن أميرالمؤمنين عليه السلام في : الخصال، ص ۳۲۰ ، حديث أربعمئة، ح ۱۰؛ نهج البلاغة، قصار الحكم، الرقم ۱۳۶؛ خصائص الأئمّة، ص ۱۰۳؛ تحف العقول، ص ۱۱۰ و ۲۲۱؛ وسائل الشيعة، ج ۷، ص ۲۶۱ ۲۶۲، ح ۹۲۸۳.
و عن الإمام الصادق عليه السلام في: الفقيه، ج ۴، ص ۴۱۶، ح ۵۹۰۴ .
و عن الإمام الرضا عليه السلام في: الكافي، باب فضل الصلاة، ح ۶؛ عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج ۲، ص ۱۰، ح ۱۶ من الباب ۳۰ ؛ الفقيه، ج ۱، ص ۲۱۰، ح ۶۳۷؛ وسائل الشيعة، ج ۴، ص ۴۳ ۴۴، ح ۴۴۶۹.
4.الكافي، باب فضل الصلاة، ح ۱؛ دعائم الإسلام، ج ۱، ص ۱۳۳.
5.رجال النجاشي، ص ۸۱ ۸۲ ، الرقم ۱۹۸؛ خلاصة الأقوال، ص ۶۱ ۶۲؛ رجال ابن داود، ص ۴۴، الرقم ۱۳۱.
6.الفهرست، ص ۹۶، الرقم ۱۶۲؛ رجال الطوسي، ص ۳۳۴ ، الرقم ۴۹۷۸ ؛ و ص ۳۵۵ ، الرقم ۵۲۵۱ ؛ خلاصة الأقوال، ص ۹۷.
7.رجال النجاشي، ص ۴۱۲، الرقم ۱۰۹۷، الفهرست، ص ۲۴۸، الرقم ۷۳۸؛ رجال الطوسي، ص ۳۰۳ ، الرقم ۴۴۵۹ ؛ خلاصة الأقوال، ص ۲۷۴؛ رجال ابن داود، ص ۱۹۱، الرقم، ۱۵۹۰.
8.اختيار معرفة الرجال، ج ۲، ص ۸۳۰ ، الرقم ۱۰۵۰.
9.اُنظر: صحاح اللغة، ج ۵ ، ص ۱۸۴۶ (ويل) .
10.اُنظر: الكافي، كتاب الدعاء، باب التسبيح و التهليل، ح ۳ ؛ الدعوات للراوندي، ص ۵۴ ، ح ۱۳۶؛ وسائل الشيعة، ج ۷، ص ۱۸۵، ح ۹۰۷۰.
11.النهاية، ج ۳ ، ص ۳۱۳ ؛ القاموس المحيط، ج ۳ ، ص ۳۳۲ (عنن) .
12.اُنظر: صحاح اللغة، ج ۴، ص ۱۴۴۶ (أفق) . و فيه: «رجل أفقي بفتح الهمزه والفاء ما إذا كان من آفاق الأرض» .
13.عبداللّه بن سنان ثقة، وثقّه الكشّي في رجاله، ج ۲، ص ۷۱۰، ح ۷۷۰؛ والنجاشي في رجاله، ص ۲۱۴، الرقم ۵۵۸ ؛ و الشيخ في الفهرست، ص ۱۶۵، الرقم ۴۳۳ ؛ و ابن شهر آشوب في معالم العلماء، ص ۱۰۷، الرقم ۴۸۷ ؛ و العلّامة في خلاصة الأقوال، ص ۱۹۲.
و أمّا محمّد بن سنان، فضعّفه الكشّي في رجاله، ج ۲، ص ۶۸۷، ح ۷۲۹؛ و النجاشي في ، ص ۳۲۸ ، الرقم ۸۸۸ . و نقل العلّامة في الخلاصة، ص ۳۹۴ ، الاختلاف في توثيقه، و حكى عن الشيخ المفيد توثيقه، و عن النجاشي و الشيخ الطوسي و ابن الغضائري و الكشّي تضعيفه، ثمّ قال : «والوجه عندي التوقّف فيما يرويه» .
14.الكافي ، باب البرّ بالوالدين من كتاب الايمان و الكفر، ح ۱۲، و رواه الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب الزهد، ص ۳۴ ، ح ۸۸ ؛ وسائل الشيعة، ج ۲۱، ص ۴۸۸، ح ۲۷۶۶۵.
15.اختيار معرفة الرجال، ج ۲، ص ۷۰۵، ح ۷۵۲.
16.اختيار معرفة الرجال، ج ۲، ص ۵۲۴ ، ح ۴۷۱ ؛ الفهرست، ص ۱۸۹، الرقم ۵۲۶ ؛ معالم العلماء، ص ۱۲۲، الرقم ۶۰۱؛ خلاصة الأقوال، ص ۳۸۱ ؛ رجال ابن داود، ص ۲۶۳، الرقم ۳۶۰ .
17.بحارالأنوار، ج ۷۹، ص ۲۲۹ ، و قال : «الخبر المشهور بين العامّة و الخاصّة أنّ أفضل الأعمال أحمزها» ؛ و ج ۸۲ ، ص ۳۳۲ ، ذيل ح ۱۲ نقلاً عن الشيخ البهائي؛ تفسير الرازي، ج ۲، ص ۲۱۷؛ صحاح اللغة، ج ۳ ، ص ۸۷۵ ؛ مجمع البحرين، ج ۱، ص ۵۷۳ (حمز)؛ شرح المواقف، ج ۸ ، ص ۲۸۵. و في غريب الحديث لابن قتيبة، ج ۱، ص ۷۱ : سئل ابن عبّاس أيّ الأعمال أفضل؟ قال : أحمزها.
18.الأذكار النوويّة، ص ۵۶ ۵۷ ، باب أذكار السجود . و راجع: المجموع للنووي، ج ۲، ص ۱۶۸؛ و ج ۳ ، ص ۲۶۷ ۲۷۱؛ و ج ۴، ص ۴۵ و ۴۱۴ ؛ روضة الطالبين، ج ۱، ص ۳۴۰ .
19.اُنظر: مسند أحمد، ج ۱، ص ۷۱و ۳۸۶ و ۴۳۰ و ۴۴۵ و ۴۴۹ ؛ و ج ۵ ، ص ۲۴۴ و ۴۳۷ ؛ صحيح البخاري، ج ۱، ص ۱۳۳ ۱۳۴؛ و ج ۵ ، ص ۲۱۴ ۲۱۵؛ صحيح مسلم، ج ۸ ، ص ۱۰۱ و ۱۰۲، سنن ابن ماجة، ج ۱، ص ۴۴۷ ۴۴۸، ح ۱۳۹۸؛ و ج ۲، ص ۱۴۲۱، ح ۴۲۵۴ ؛ سنن الترمذي، ج ۴، ص ۳۵۲ ۳۵۳ ، ح ۵۱۱۳ ؛ و ص ۳۵۴ ، ح ۵۱۱۷ ؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج ۸ ، ص ۲۴۱؛ و ج ۸ ، ص ۳۲۲ ؛ مسند الطيالسي، ص ۹۰ ۹۱؛ المصنّف لابن أبي شيبة، ج ۸ ، ص ۱۹۷، ح ۱۵؛ تفسير الثوري، ص ۱۳۵؛ تفسير القرآن لعبد الرزّاق، ج ۲، ص ۳۱۴ . جامع البيان، ج ۲، ص ۱۷۱ ۱۷۴؛ تفسير ابن أبي حاتم، ج ۶، ص ۲۰۹۲؛ معاني القرآن للنحّاس، ج ۳ ، ص ۳۸۶ .
20.جامع البيان، ج ۱۲، ص ۱۳.