59
شرح فروع الکافي ج2

شرح فروع الکافي ج2
58

باب الحبلى ترى الدم

اختلف الأصحاب في أنّ الحبلى هل ترى الحيض أم لا ؟ فذهب الصدوق إلى الأوّل. ۱
ويدلّ عليه زائدا على ما مرّ من الأخبار الدالّة على اعتبار التمييز من غير تقييد بالحاملى ما رواه المصنّف في الباب في الصحاح عن محمّد بن مسلم، وعبد الرحمان بن الحجّاج، وعبد اللّه بن سنان، ۲ وفي الحسن عن سليمان بن خالد. ۳
وما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي المغرا، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحبلى قد استبان ذلك منها، ترى كما ترى الحائض من الدم، قال : «تلك الهِراقة ۴ إن كان دماً كثيرا فلا تصلّينّ، وإن كان قليلاً فلتغتسل عند كلّ صلاتين». ۵
وفي الصحيح عن صفوان، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الحبلى ترى الدم ثلاثة أيّام أو أربعة أيّام، تصلّي؟ قال : «تمسّك عن الصلاة». ۶
وفي الصحيح عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سألته عن الحبلى ترى الدم، قال : «نعم، إنّه ربّما قذفت المرأة بالدم وهي حبلى». ۷
وفي الموثّق عن إسحاق بن عمّار، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة الحبلى ترى الدم اليوم واليومين، قال : «إن كان دماً عبيطاً فلا تصلّي ذينك اليومين ، وإن كانت صفرة فلتغتسل عند كلّ صلاتين». ۸
وعن حريز، عمّن أخبره عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهماالسلامفي الحبلى ترى الدم ، قال : «تدع الصلاة ، فإنّه ربّما بقي في الرحم ولم يخرج ، وتلك الهِراقة» . ۹
وعن سماعة ، قال : سألته عن امرأة رأت الدم في الحبل ، قال : «تقعد أيّامها الّتي كانت تحيض ، فإذا زاد الدم على الأيّام الّتي كانت تقعد استظهرت بثلاثة أيّام ، ثمّ هي مستحاضة» . ۱۰
وما روي من طريق العامّة عن عائشة : «أنّ الحبلى إذا رأت الدم لا تصلّي ». ۱۱
وهؤلاء لم يفرّقوا بين المعتادة وغيرها ، ولا في المعتادة بين ما رأت الدم في وقت عادتها أو في غيره .
وقال الشيخ في النهاية : «إذا رأت الدم في الأيّام الّتي كانت تعتاد فيها الحيض فلتعمل ما تعمله الحائض ، فإن تأخّر عنها الدم بمقدار عشرين يوماً ثمّ رأته ، فإنّ ذلك ليس بدم حيض فلتعمل ما تعمله المستحاضة ». ۱۲
وبذلك جمع بين الأخبار في التهذيب ۱۳ والاستبصار ۱۴ بين صحيحة الحسين بن نعيم الصحّاف وما ذكر .
وذهب في الخلاف ۱۵ والمبسوط ۱۶ إلى أنّها تحيض ما لم يستبن حملها ، مدّعياً عليه في الأوّل الإجماع ، وهو أحد طرق جمعه بين الأخبار .
وعن ابن إدريس ۱۷ وابن الجنيد : ۱۸ «أنّها لا تحيض مطلقاً ».
ويدلّ عليه ما رواه الشيخ عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، قال : «قال النبيّ صلى الله عليه و آله : ما كان اللّه ليجعل حيضاً مع حبل» . ۱۹
وهو مع ضعفه يمكن حمله على الغالب . ۲۰
وحكى في المختلف ۲۱ عنه أنّه احتجّ بذلك الخبر ، وبصحيحة حميد بن المثنّى ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الحبلى ترى الدفقة والدفقتين من الدم في الأيّام وفي الشهر والشهرين ، فقال : «تلك الهِراقة ، ليس تمسك هذه عن الصلاة». ۲۲
وفيه : أنّ الظاهر أنّ العلّة فيه عدم تحقّق أقلّ الحيض .
وربّما احتجّ عليه بأنّه يصحّ طلاقها مع الدم إجماعاً ولا يصحّ طلاق الحائض مطلقاً إجماعاً ، ومن هذين الإجماعين يلزم أن لا يكون دمها حيضاً . ۲۳
وردّ بمنع الإجماع الثاني؛ مستندا بجواز طلاق الغائب مع الحيض . ۲۴
وهذا القول محكي عن أبي حنيفة والشافعي في قوله القديم وسعيد بن المسيّب وعطاء والحسن وجماعة اُخرى من العامّة ۲۵ ، محتجّين بما نقلوه عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : «لا توطأ الحَبَالى حتّى يضعن ، ولا الحيالى ۲۶ حتّى يستبرئن بحيضة» ۲۷ ، حيث جعل الحيض علامة على فراغ الرحم ، فدلّ على أنّه لا يتصوّر مع الشغل بالحيض .
وعن سالم [بن عبداللّه بن عمر، عن أبيه] أنّه طلّق امرأته وهي حائض ، فسأل عمر النبيّ صلى الله عليه و آله فقال : «مره ۲۸ ليراجعها ثمّ ليطلّقها طاهرا أو حاملاً» ۲۹ ، فجعل الحمل كالطهر علماً على عدم الحيض. وهما غير قابلين للمعارضة لما ذكر .
على أنّ خبر سالم إنّما يدلّ على جواز طلاقها حاملاً ، ولعلّ ذلك لجواز طلاق الحامل الحائض ، بل ظاهر العطف بكلمة «أو» ذلك ، فهو حجّة للجواز لا عليه .
وقد احتجّ عليه بأنّ الحكمة في الحيض إعداد المرأة للحمل ، ثمّ اغتذاؤه جنيناً ثمّ رضيعاً باستحالته لبنا . ۳۰
وردّ بأنّ الدم قد يفضل عن غذاء المغتذي فيقذفه الرحم ، كما هو مصرّح به في خبر سليمان بن خالد ، وبأنّه لو تمّ ذلك لزم عدم جواز اجتماعه مع الإرضاع ، وهو مخالف لإجماع أهل العلم .
وقد يقال : إنّ الحيض عدّ دليلاً على براءة الرحم في العدّة والاستبراء ، فلو اجتمع مع الحمل لم يكن دليلاً عليه .
وفيه : أنّ الدلائل الشرعيّة ليست عللاً عقليّة امتنع تخلّف معلولاتها عنها ، وإنّما هي أمارات قد يتخلّف معلولاتها عنها ، فتأمّل . ۳۱

1.المقنع، ص ۵۰ .

2.الأحاديث ۳ و ۴ و ۵ من هذا الباب من الكافي.

3.هو الحديث ۶ من هذا الباب من الكافي.

4.الهِراقة: بهاءٍ مكسورة بمعنى الصبّة. اُنظر: مجمع البحرين، ج ۵ ، ص ۲۴۷ ۲۴۸ (هرق) .

5.تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۳۸۷ ، ح ۱۱۹۱؛ وسائل الشيعة، ج ۲، ص ۳۳۱ ، ح ۲۲۸۱.

6.تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۳۸۷ ، ح ۱۱۹۳؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۱۳۹، ح ۴۷۸ ؛ وسائل الشيعة، ج ۲، ص ۳۳۱ ، ح ۲۲۸۰.

7.تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۳۸۶ ، ح ۱۱۸۸؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۱۳۹، ح ۴۷۵ ؛ وسائل الشيعة، ج ۲، ص ۳۳۲ ، ح ۲۲۸۶. و في الأخيرَين: «الدم» بدل «بالدم».

8.تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۳۸۷ ، ح ۱۱۹۲؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۱۴۱، ح ۲۸۳؛ وسائل الشيعة، ج ۲، ص ۲۹۶، ح ۲۱۷۸.

9.تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۳۸۶ ، ح ۱۱۸۶ ؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۱۳۸، ح ۴۷۳ ؛ وسائل الشيعة، ج ۲، ص ۳۳۲ ، ح ۲۲۸۵.

10.تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۳۸۶ ۳۸۷ ، ح ۱۱۹۰؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۱۳۹، ح ۴۷۷ ؛ وسائل الشيعة، ج ۲، ص ۳۰۲ ، ح ۲۱۹۲.

11.سنن الدارمي، ج ۱، ص ۲۲۵؛ وفي الموطّأ ، ج ۱، ص ۶۰، ح ۱۰۰ بلفظ: «أنّها تدع الصلاة» ؛ و ح ۱۰۱ بلفظ: «تكفّ عن الصلاة» . و نحوه في المصنّف لابن أبي شيبة، ج ۲، ص ۱۱۶، ح ۱۰.

12.النهاية ، ص ۲۵ .

13.تهذيب الأحكام ، ج ۱ ، ص ۳۸۸ ، ذيل ح ۱۱۹۶ .

14.الاستبصار، ج ۱، ص ۱۴۰، ذيل ح ۴۸۱.

15.الخلاف، ج ۱، ص ۲۳۹، المسألة ۲۰۵.

16.المبسوط، ج ۵ ، ص ۲۴۰ ؛ فإنّه ذكر فيه قولان ، و قال : «ذكرناها في الخلاق».

17.السرائر، ج ۱، ص ۱۵۰.

18.حكاه عنه المحقّق في المعتبر، ج ۱، ص ۲۰۰؛ و العلّامة في تذكرة الفقهاء، ج ۱، ص ۲۵۴.

19.تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۳۸۷ ۳۸۸ ، ح ۱۱۹۶؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۱۴۰، ح ۴۸۱ ؛ وسائل الشيعة، ج ۲، ص ۳۳۳ ، ح ۲۲۸۸.

20.هذا الاحتمال مذكور في وسائل الشيعة.

21.مختلف الشيعة، ج ۱، ص ۳۵۷ .

22.الاستبصار، ج ۱، ص ۱۳۹، ح ۴۸۰ ؛ وسائل الشيعة، ج ۲، ص ۳۳۲ ، ح ۲۲۸۴.

23.هذا الاحتجاج مذكور في السرائر، ج ۱، ص ۱۵۰.

24.راجع : مختلف الشيعة، ج ۱، ص ۳۵۸ ؛ و منتهى المطلب، ج ۲، ص ۲۷۳ ، و غالب الألفاظ المذكورة بعد ذلك من هذا الكتاب.

25.حكاه عنهم غير الشافعي النووي في المجموع، ج ۲، ص ۳۸۶ . و قول الشافعي مذكور في ص ۳۸۴ ، و حكى قوله الجديد بأنّه حيض.

26.الحيالى جمع الحائل، و هي الّتى لا حمل لها. اُنظر : حاشية ردّ المختار، ج ۶، ص ۶۹۲.

27.عوالى اللآلي، ج ۲، ص ۱۳۲، ح ۳۶۰ ؛ و ج ۳ ، ص ۲۲، ح ۱۱۲؛ المبسوط للسرخي، ج ۳ ، ص ۱۵۳؛ و ج ۵ ، ص ۵۲ و ۱۷۴؛ و ج ۱۰، ص ۲۱؛ و ج ۱۳، ص ۱۴۵؛ تحفة الفقهاء، ج ۲، ص ۱۱۲؛ بدائع الصنائع، ج ۲، ص ۲۷۰؛ و ج ۳ ، ص ۱۲۹ و ۱۶۲؛ و ج ۵ ، ص ۱۲۰ و ۲۵۳ . و هذا المعنى مع مغايرة في اللفظ رواه أحمد في مسنده، ج ۴، ص ۱۰۸؛ و أبي داود في سننه، ج ۱، ص ۴۸۱، ح ۲۱۵۷.

28.في الأصل: «ائمره» ، و المثبَت من المصادر.

29.مسند أحمد، ج ۲، ص ۲۶؛ صحيح مسلم، ج ۴، ص ۱۸۱؛ سنن الترمذي، ج ۲، ص ۳۲۱ ، ح ۱۱۸۶؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج ۷، ص ۳۲۵ ، باب الطلاق يقع على الحائض؛ المصنّف لابن أبي شيبة، ج ۴، ص ۴، الباب الأوّل من كتاب الطلاق، ح ۸ .

30.قاله الشهيد الثاني في روض الجنان، ج ۱، ص ۱۶۹، و الردّ أيضا منه.

31.اُنظر : رسائل الشهيد الثاني، ص ۲۰۵. و أشار أبو البركات إلى هذا الكلام و جوابه في الشرح الكبير، ج ۱، ص ۱۶۹، و هذا الاستدلال موجود في المحلّى لابن حزم، ج ۱، ص ۲۶۳.

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 202996
صفحه از 575
پرینت  ارسال به