19
شرح فروع الکافي ج5

باب المحرم يضطرّ إلى ما لا يجوز لبسه

أراد قدس سره بيان جواز لبس الخفّين والجوربين والقباء والسراويل عند فقد ثوبي الإحرام والنعل ، لكن بتغيير يسير في ما عدا السراويل بشقّ ظهر الخفّ والجورب ولبس القباء مقلوبا من غير أن يدخل يديه في الكمّين ، وظاهره عدم وجوب الفدية حينئذٍ لا في لبس الخفّ والجورب ولا في لبس القباء ، وهو المشهور بين الأصحاب ، بل لم أجد مخالفا له .
وهو مذهب أكثر العامّة منهم الشافعيّ وأحمد ، ونقل عن أبي حنيفة ومالك وجوب الفدية في الموضعين . ۱
ويدلّ على مذهب الأصحاب أصالة البراءة عن الفدية وانتفاء دليل عليها ؛ لإطلاق الأخبار في الجواز في الضرورة من غير إيجاب للفدية ، فمنها : ما رواه المصنّف قدس سره في الباب .
ومنها : ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبيّ ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا اضطرّ المحرم إلى القباء ولم يجد ثوبا غيره فليلبسه مقلوبا ، ولا يدخل يديه في يدي القباء» . ۲
وفي الصحيح عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «يلبس المحرم الخفّين إذا لم يجد نعلين ، وإن لم يكن له رداء طرح قميصه على عاتقه أو قباءه بعد أن ينكسه» . ۳
ومنها : ما رواه الصدوق رضى الله عنه عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام في المحرم يلبس الخفّ إذا لم يكن له نعل؟ قال : «نعم ، ولكن يشقّ ظهر القدم ، ويلبس المحرم القباء إذا لم يكن له رداء ، ويقلب ظهره لباطنه» . ۴
وروى الجمهور عن عبداللّه بن عمر ، عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : «فإن لم يجد نعلين فليلبس خفّين وليقطعهما حتّى يكونا إلى الكعبين» . ۵
وقد وقع الخلاف في مقامين :
الأوّل : في تفسير النكس ؛ فعلى المشهور هو أن يجعل ظهر القباء بطنا وبطنه ظهرا ، أو أن يجعل أعلاه أسفله ، وهما مرويّان .
ومنع ابن إدريس الأوّل ؛ محتجّا بأنّه يشبه لبس المخيط . ۶
ويردّه خبر محمّد بن مسلم . ويؤيّدها قوله عليه السلام في صحيحة الحلبيّ : «ولا يدخل يديه في يدي القباء» . ۷
والأفضل الجمع ؛ لرواية مثنّى الحنّاط ۸ ، فإنّ ظاهر العطف فيها المغايرة .
والثاني : في وجوب شقّ ظهر الخفّ والجورب ؛ فقد قال به الشيخ في أكثر كتبه ۹ وأتباعه ۱۰ ؛ لخبر محمّد بن مسلم المتقدّم ، وما رواه المصنّف عن أبي بصير ۱۱ ، ومنعه الشيخ في النهاية ۱۲ وابن إدريس ۱۳ والمحقّق ۱۴ وجماعة . ۱۵
ويدلّ عليه إطلاق عدّة أخبار ، منها : صحيحة عمر بن يزيد ۱۶ المتقدّم .
ومنها : ما رواه المصنّف في الباب من خبري رفاعة ۱۷ وحمران ۱۸ ، وكأنّهما حملا الأمر بالشقّ في الخبرين المشار إليهما على الندب والاستحباب ؛ لضعف سنديهما بوجود الحكم بن مسكين ۱۹ في الأوّل ، وعليّ بن أبي حمزة البطائنيّ الذي هو قائد أبي بصير في الثاني . ۲۰
وهو محكي عن جماعة من العامّة محتجّين بعموم حديث ابن عبّاس وجابر : «من لم يجد نعلين فليلبس خفّين» . ۲۱
وخصوص ما نقلوا عن عليّ عليه السلام : «قطع الخفّين فساد ، تلبسهما كما هما» . ۲۲
وعن عائشة : أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله رخّص للمحرم عن يلبس الخفّين ولا يقطعهما . ۲۳
وعن صفيّة أنّها قالت : كان ابن عمر يفتي بقطعهما ولمّا أخبرته بحديث عائشة رجع . ۲۴
وفي المنتهى :
قال بعضهم : الظاهر أنّ القطع منسوخ ، فإنّ عمرو بن دينار روى الحديثين معا وقال : انظروا أيّهما كان قبل؟ قال الدارقطنيّ : قال أبو بكر النيسابوريّ : حديث ابن عمر كان قبل ؛ لأنّه قد جاء في بعض رواياته أنّه قال : نادى رجل رسول اللّه صلى الله عليه و آله وهو في المسجد يعني بالمدينة وكأنّه قال قبل الإحرام . وفي حديث ابن عبّاس يقول : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يخطب بعرفات يقول : «مَن لم يجد نعلين فليلبس خفّين» . فدلّ على تأخّره عن حديث ابن عمر ، فكان ناسخا . ۲۵
قوله : (وفي رواية اُخرى يقلب ظهره بطنه) .[ ح 5 / 7246] إشارة إلى صحيحة محمّد بن مسلم ۲۶ المتقدِّمة .

1.اُنظر : المغني ، ج ۳ ، ص ۲۷۲ ۲۷۳ ؛ الشرح الكبير ، ج ۳ ، ص ۲۷۲ ؛ بداية المجتهد ، ج ۱ ، ص ۲۶۲ ؛ عمدة القاري ، ج ۲ ، ص ۲۲۴ ؛ الاستذكار ، ج ۴ ، ص ۱۶ ؛ التمهيد ، ج ۱۵ ، ص ۱۱۲ .

2.تهذيب الأحكام ، ج ۵ ، ص ۷۰ ، ح ۲۲۸ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۲ ، ص ۴۸۶ ، ح ۱۶۸۵۱ .

3.تهذيب الأحكام ، ج ۵ ، ص ۷۰ ، ح ۲۲۹ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۲ ، ص ۴۸۶ ، ح ۱۶۸۵۲ .

4.الفقيه ، ج ۲ ، ص ۳۴۰ ، ح ۲۶۱۶ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۲ ، ص ۴۸۷ ، ح ۱۶۸۵۷ .

5.صحيح ابن خزيمة ، ج ۴ ، ص ۱۶۳ ۱۶۴ ؛ كتاب الاُمّ للشافعي ، ج ۲ ، ص ۱۶۰ ؛ مسند الشافعي ، ص ۱۱۷ ؛ مسند الشاميّين ، ج ۱ ، ص ۴۰۹ ، ح ۷۱۱ ؛ معرفة السنن و الآثار ، ج ۴ ، ص ۱۰ ، ح ۲۸۲۵ . و في بعضها : « . . . أسفل من الكعبين» ، و في بعضها : «دون الكعبين» .

6.السرائر ، ج ۱ ، ص ۵۴۳ .

7.الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي ؛ تهذيب الأحكام ، ج ۵ ، ص ۷۰ ، ح ۲۲۸ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۲ ، ص ۴۸۶ ۴۸۷ ، ح ۱۶۸۵۱ و ۱۶۸۵۵ ، و الصحيحة هي رواية التهذيب .

8.هي الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي .

9.المبسوط، ج ۱، ص ۳۲۰؛ الخلاف، ج ۲، ص ۲۹۵، المسألة ۷۵.

10.اُنظر : الوسيلة ، ج ۱۰ ، ص ۱۶۳ ؛ الجامع للشرائع ، ص ۱۸۴ ؛ جامع الخلاف و الوفاق ، ص ۱۸۴ ؛ تذكرة الفقهاء ، ج ۷ ، ص ۲۴۴ ، المسألة ۱۸۳ ؛ مختلف الشيعة ، ج ۴ ، ص ۸۰ ۸۱ .

11.هو الحديث الأوّل من هذا الباب .

12.النهاية ، ص ۲۱۸ ، فإنّه أطلق و لم يذكر الشّق .

13.السرائر ، ج ۱ ، ص ۵۴۳ .

14.شرائع الإسلام ، ج ۱ ، ص ۱۸۵ .

15.اُنظر : مدارك الأحكام ، ج ۷ ، ص ۳۳۹ .

16.وسائل الشيعة ، ج ۱۲ ، ص ۴۸۶ ، ح ۱۶۸۵۲ .

17.هو الحديث الثاني من هذا الباب .

18.هو الحديث السادس من هذا الباب .

19.لم يوثّق ، اُنظر : رجال النجاشي ، ص ۱۳۶ ؛ رجال الطوسي ، ص ۱۹۷ ، الرقم ۲۴۸۳ .

20.رجال النجاشي ، ص ۲۴۹ ، الرقم ۶۵۶ ؛ الفهرست ، ص ۱۶۱ ، الرقم ۴۱۸ ؛ رجال الطوسي ، ص ۳۳۹ ، الرقم ۵۰۴۹ ؛ خلاصة الأقوال ، ص ۳۶۲ ۳۶۳ .

21.مسند أحمد ، ج ۱ ، ص ۲۲۱ و ۲۷۹ و ۲۸۵ ؛ و ج ۳ ، ص ۳۲۳ و ۳۹۵ ؛ سنن الدارمي ، ج ۲ ، ص ۳۲ ؛ صحيح البخاري ، ج ۷ ، ص ۳۸ ؛ صحيح مسلم ، ج ۴ ، ص ۳ ؛ سنن ابن ماجة ، ج ۲ ، ص ۹۷۷ ، ح ۲۹۳۱ ؛ سنن النسائي ، ج ۵ ، ص ۱۳۳ ، و ج ۸ ، ص ۲۰۵ ۲۰۶ .

22.المغني و الشرح الكبير لابن قدامة ، ج ۳ ، ص ۲۷۴ .

23.نفس المصدرين ، عمدة القاري ، ج ۱۰ ، ص ۱۹۸ .

24.نفس المصادر المتقدّمة .

25.منتهى المطلب ، ج ۲ ، ص ۷۸۲ .

26.وسائل الشيعة ، ج ۱۲ ، ص ۴۸۶ ، ح ۱۶۸۵۲ .


شرح فروع الکافي ج5
18
  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 184184
صفحه از 856
پرینت  ارسال به