205
شرح فروع الکافي ج5

باب دخول المسجد الحرام

المستفاد من أخبار الباب وممّا رويناه في باب الأغسال المستحبّة استحباب ثلاثة أغسال للقادم زائداً على غسل دخول الكعبة: غسل لدخول الحرم، وغسل لدخول مكّة، وغسل للطواف .
ويدلّ على استحباب الأوّل خبر أبان بن تغلب ۱ وحسنة معاوية بن عمّار ۲ وخبر الحسين بن المختار ۳
المتقدّمة في بابي دخول الحرم ودخول مكّة، وما رواه الشيخ في باب الأغسال عن سماعة، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن غسل الجمعة ، فقال : «واجب» إلى قوله : «وغسل دخول البيت واجب ، وغسل دخول الحرم، يستحبّ أن لا يدخله إلّا بغسل ». ۴
وعن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «الغسل من الجنابة» إلى قوله : «وحين يدخل الحرم ». ۵
وعلى الثاني خبر محمّد الحلبيّ ۶ وحسنته، ۷ وخبر عجلان أبي صالح، وصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج ۸ المتقدّمة في باب دخول مكّة .
وما رواه المصنّف في باب أنواع الغسل عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سمعته يقول : «الغسل من الجنابة ويوم الجمعة والعيدين وحين تحرم وحين تدخل مكّة والمدينة ويوم عرفة ويوم تزور البيت وحين تدخل الكعبة »، ۹ الحديث .
وما رواه الشيخ في الباب المشارإليه في الصحيح [ عن ابن سنان] والظاهر أنّه عبداللّه عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «الغسل من الجنابة» إلى قوله : «وحين تحرم ودخول مكّة والمدينة ودخول الكعبة ». ۱۰
وعلى الثالث صحيحة عليّ بن أبي حمزة المتقدّمة في باب دخول مكّة . ۱۱
نعم ، يظهر منها كفاية غسل واحد لدخول مكّة وللطواف معا ما لم ينم بعده .
ويدلّ صحيح ذريح المذكور في باب دخول الحرم ۱۲ على كفاية غسل واحد للحرم ومكّة، بل للطواف أيضا، ولا ينافيان استحباب ما ذكر .
والمشهور بين الأصحاب استحباب غسل آخر أيضا لدخول المسجد الحرام ، ولم أجد شاهداً له .
وظاهر المحقّق في الشرائع عدم استحباب الغسل للطواف، وأنّ هذا الغسل إنّما هو لدخول المسجد الحرام . ۱۳
وصاحب المدارك رجّح استحباب غسل واحد للجميع ونفى استحباب الجميع، حيث قال بعدما نقل الأخبار التي رواها المصنّف في الباب :
هذه جملة ما وصل إلينا من الروايات في هذه المسألة، ومقتضاها استحباب غسل واحد، إمّا قبل دخول الحرم أو بعده من بئر ميمون أو من فخ أو من المحلّ الذي ينزل فيه بمكّة على سبيل التخيير .
وغاية ما يستفاد منها أنّ إيقاع الغسل قبل دخول الحرم أفضل، فما ذكره المصنّف وغيره من استحباب غسل لدخول مكّة وآخر لدخول المسجد غير واضح ، وأشكل منه حكم العلّامة ۱۴ وجمع من المتأخّرين ۱۵ باستحباب ثلاثة أغسال بزيادة غسل آخر للحرم ، وكذا الإشكال في قول المصنّف : «فلو حصل عذر اغتسل بعد دخوله »؛ ۱۶ إذ مقتضى الروايات التخيير بين الغسل قبل الدخول وبعده، لا اعتبار العذر في تأخيره عن الدخول كما هو واضح . ۱۷ انتهى .
وممّا ذكرنا يظهر ضعفه .
واعلم أنّه اشتهر بين الأصحاب استحباب دخول المسجد من باب بني شيبة، واستقبال الكعبة، والدّعاء بالمنقول عنده، وهو ظاهر ما مرّ في باب حجّ النبيّ صلى الله عليه و آله في الصحيح عن عبداللّه بن سنان أنّه قال : «إنّ باب المسجد الذي عنده استقبل الرسول صلى الله عليه و آله الكعبة وحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على أبيه إبراهيم هو باب بني شيبة»، ۱۸ لكنّه غير صريح فيه .
ومقتضى إطلاق الأخبار الدّعاء من أيّ باب دخل .
واحتجّ عليه في المنتهى ۱۹ بالتأسّي بالنبيّ صلى الله عليه و آله وبأنّ هبل مدفون تحته، فإذا دخل منها وطئه برجله .
وقال الشهيد الثاني : «هو الآن داخل المسجد بأزاء باب السلام، وليس له علامة تخصّه، فليدخل من باب السلام على استقامة إلى أن يتجاوز الأساطين ». ۲۰

1.الحديث الأوّل من باب دخول الحرم.

2.الحديث الرابع من باب دخول مكّة.

3.الحديث الثاني من باب دخول الحرم.

4.تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۱۰۴، ح ۲۷۰؛ وسائل الشيعة، ج ۳، ص ۳۰۳ ۳۰۴، ح ۳۷۱۰ .

5.تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۱۰۵، ح ۲۷۲؛ وسائل الشيعة، ج ۳، ص ۳۰۷، ح ۳۷۱۹ .

6.الحديث الثالث من باب دخول مكّة.

7.الحديث الخامس من ذلك الباب.

8.الحديث السادس من ذلك الباب.

9.الحديث الأوّل من باب أنواع الغسل من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج ۳، ص ۳۰۳، ح ۳۷۰۸ .

10.تهذيب الأحكام، ج ۱، ص ۱۱۰ ۱۱۱، ح ۲۹۰؛ وسائل الشيعة، ج ۳، ص ۳۰۶، ح ۳۷۱۷ .

11.الحديث الأوّل من ذلك الباب؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۲۰۲، ح ۱۷۵۶۷.

12.الحديث الخامس من ذلك الباب؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۱۹۷، ح ۱۷۵۵۵ .

13.شرائع الإسلام، ج ۱، ص ۱۹۹.

14.منتهى المطلب، ج ۲، ص ۶۸۸ ۶۸۹ ؛ تذكرة الفقهاء، ج ۲، ص ۱۴۳، المسألة ۲۷۷.

15.منهم الشهيد في الدروس الشرعيّة، ج ۱، ص ۳۹۱ ۳۹۲، الدرس ۱۰۳.

16.شرائع الإسلام، ج ۱، ص ۱۹۹.

17.مدارك الأحكام، ج ۸ ، ص ۱۲۱.

18.الحديث السابع من باب حجّ النبيّ صلى الله عليه و آله ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۱، ص ۲۲۳ ۲۲۴، ح ۱۴۶۵۸ .

19.منتهى المطلب، ج ۲، ص ۶۸۹ .

20.مسالك الأفهام، ج ۲، ص ۳۳۱.


شرح فروع الکافي ج5
204

باب دخول مكّة

يستحبّ دخول مكّة من أعلاها والخروج عنها من أسفلها؛ تأسّيا بالنبيّ صلى الله عليه و آله ، ففي الصحيح عن أبي عبداللّه عليه السلام : «أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله دخل من أعلى مكّة من عقبة المدينين»، ۱ وكان دأبه صلى الله عليه و آله أينما توجّه الذهاب من طريق والعود من آخر .
روى ذلك عمر بن بزيع، قال : قلت للرّضا عليه السلام : جعلتُ فداك، إنّ الناس رووا أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان إذا أخذ في طريق رجع في غيره، فكذا كان يفعل؟ فقال : «نعم ، وأنا أفعله كثيراً فافعله ». ثمّ قال : «أما إنّه أرزق لك ». ۲
وللأمر به في موثّق يونس بن يعقوب، ۳ وإنّما يستفاد من النصّ استحباب ذلك بالنظر إلى أهل المدينة ومن قدم منها .
وخصّه العلّامة في التذكرة بالمدني والشامي، وقال : «فأمّا الذين يجيئون من سائر الأقطار فلا يؤمرون بأن يدوروا ليدخلوا من تلك الثنية ». ۴ حكى عنه صاحب المدارك ۵ وحسّنه . والمشهور عموم الحكم، وهو بعيد .
وفي الدروس:
ويستحبّ عندنا دخوله من ثنية كدآء بالفتح والمدّ ـ ، وهي التي ينحدر منها إلى الحجون بمقبرة مكّة، ويخرج من ثنية كُدىً بالضمّ والقصر منوّناـ ، وهي بأسفل مكّة. ۶
وكأنّهما اسمان لتينك القصبتين .
ويستحبّ أيضا الغسل لدخول مكّة، وإعادة الغسل إذا نام بعده، والدخول حافيا بسكينة ووقار ، وكفاك في ذلك كلّه ما رواه المصنّف في الباب .
قوله في حسنة معاوية بن عمّار الأوّلة: (فاغتسل من بئر ميمون أو من فخّ) . [ ح 4 / 7485] بئر ميمون الحضرمي بالأبطح ، وبئر فخ على فرسخ من مكّة في طريق المدينة . ۷
قوله في صحيح عبد الرحمن بن الحجّاج: (قال : لا يجزيه ) .[ ح 8 / 7489] الظاهر أنّ كلمة «لا» نفي لما بعده ، فالتعليل واضح؛ لأنّ المستحبّ إنّما هو الدخول بغسل لا بوضوء ، ويحتمل على بعد أن يكون نفيا لما قبله ، فخلاصة التعليل أنّ الوضوء يجزيه؛ لأنّه أحد الطهورين . ۸
قوله في حسنة معاوية بن عمّار الثانية: (قلت : كيف يدخلها بسكينة؟ قال : يدخل غير متكبِّر ولا متجبّر ) .] ح 9 / 7490] ومثلها صحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا دخلت المسجد الحرام فادخله حافيا على السكينة والوقار والخشوع »، وقال : «مَن دخله بخشوع غفر له إن شاء اللّه »، قلت : ما الخشوع؟ قال : «السكينة ، لا تدخل بتكبّر ». ۹
قال طاب ثراه :
هذا نوع من أنواع السكينة، ومن أنواعها سكون القلب واعتدال الجوارح في الحركة لا سيما في الكثرة؛ لما فيها من الرفق بالناس والأمن من الأذاية والتشبّه بالأحرار، خلاف العجلة .

1.وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۱۹۹، ح ۱۷۵۶۱.

2.الكافي، كتاب المعيشة، باب النوادر، ح ۴۱؛ وج ۸ ، ص ۱۴۷، ح ۱۲۴؛ تهذيب الأحكام، ج ۷، ص ۲۲۶، ح ۹۸۷؛ وسائل الشيعة، ج ۷، ص ۴۷۹، ح ۹۹۰۷؛ وج ۱۷، ص ۴۶۳، ح ۲۳۰۰۲ .

3.الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۱۹۹، ح ۱۷۵۶۰ .

4.تذكرة الفقهاء، ج ۸ ، ص ۸۰ .

5.مدارك الأحكام، ج ۸ ، ص ۱۲۲.

6.الدروس الشرعيّة، ج ۱، ص ۳۹۲، الدرس ۱۰۳.

7.اُنظر: السرائر، ج ۱، ص ۵۶۹ ؛ قواعد الأحكام، ج ۱، ص ۴۲۷ ۴۲۸.

8.هذه الفقرات من: «قوله في صحيح عبدالرحمن بن الحجّاج» كانت في الأصل في آخر باب دخول المسجد الحرام، مع أنّ صحيح عبدالرحمن بن الحجّاج من أحاديث باب دخول مكّه، فذكرناها هنا.

9.الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۹۹ ۱۰۰، ح ۳۲۷؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۲۰۴، ح ۱۷۵۷۲ .

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 184201
صفحه از 856
پرینت  ارسال به