297
شرح فروع الکافي ج5

شرح فروع الکافي ج5
296

باب المتمتّع ينسى أن يقصّر حتّى يهلّ بالحجّ أو يحلق رأسه أو يقع على أهله قبل أن يقصّر

إذا أهلّ المتمتّع بالحجّ بعد سعي العمرة قبل التقصير نسيانا فالمشهور صحّة إحرام الحجّ واستحباب جبره بشاة؛ لموثّق إسحاق بن عمّار، قال : قلت لأبي إبراهيم عليه السلام : الرجل يتمتّع فينسى أن يقصّر حتّى يهلّ بالحجّ؟ قال : «فعليه دم يهريقه »؛ ۱ حملاً للأمر بالدّم فيه على الاستحباب، للجمع بينه وبين صحيحة عبداللّه بن سنان ۲ وحسنة معاوية بن عمّار ۳ وصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج، ۴ حيث لم يذكر فيها الدم، وهو مستلزم لنفي وجوبه، وإلّا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة . ويؤكّد ذلك نفي شيء في الحسنة .
وقال الصدوق رضى الله عنه في الفقيه : «الدم على الاستحباب، والاستغفار يجزي عنه ». ۵
ونسب جدّي قدس سره في شرحه إلى بعض الأصحاب القول بوجوبهما، وحمل نفي الشيء فيما اُشير إليه على نفي العقاب، وعدّه أحوط . ۶
وحكى العلّامة في المنتهى ۷ عن بعض الأصحاب قولاً ببطلان الإحرام الثاني والبقاء على الإحرام الأوّل، فيجدّد الإحرام للحجّ بعد التقصير ، ولم أعرف قائله .
وأمّا مع العمد فقد ذهب ابن إدريس إلى بطلان الإحرام الثاني والبقاء على الأوّل محتجّا بأنّ الإحرام بالحجّ إنّما يسوغ بعد التحلّل من العمرة، وبالإجماع على عدم جواز إدخال الحجّ على العمرة كعكسه . ۸
وعدّه الشهيد في الدروس أقرب وأنسب . ۹
وقال الشيخ في التهذيب بانتقال حجّه إلى الإفراد حينئذٍ، حيث قال :
والخبر الذي رواه موسى بن القاسم، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «المتمتّع إذا طاف وسعى ثمّ لبّى قبل أن يقصّر فليس له أن يقصّر، وليس له متعة» فمحمول على من فعل ذلك متعمّداً ، فأمّا إذا فعله ناسيا فلا تبطل عمرته حسب ما قدّمناه . ۱۰
وتبعه على ذلك الأكثر . ۱۱
وأنت خبير بعدم دلالة الخبر على مدّعاه؛ إذ ليس فيه ذكر تداخل الإحرامين ، بل ظاهره الإشارة إلى مسألة اُخرى متفرّعة على ما سبق من تحريم التلبية على المعتمر للتمتّع بعد مشاهدة بيوت مكّة، وتبيين أنّها بعد السعي وقبل التقصير توجب الانتقال إلى حجّ الإفراد ، وقد اختلف الأصحاب فيها، فمنهم من قال بذلك الانتقال مطلقا وإن لم تكن تلك العمرة معدولة عن حجّ الإفراد، ولا الملبّي قاصداً للعدول، كما هو ظاهر إطلاق الخبر ، ومنهم من خصّه بالعمرة المعدولة عن الحجّ، كما فعله الشهيد قدس سرهفي الدروس ، ۱۲ ومنهم من قيّده بما إذا قصد العدول عن تلك العمرة إلى حجّ الإفراد .
وبالجملة، فهذا الخبر إنّما يدلّ على أنّ التلبية بعد السعي عاقد للإحرام، وأنّ السعي إنّما يكون محلّلاً ما لم يعارضه العاقد . ۱۳
ويؤيّده صحيحة زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «إذا قدموا مكّة وطافوا بالبيت أحلّوا، وإذا لبّوا أحرموا، فلا يزال يحلّ ويعقد حتّى يخرج إلى منى بلا حجّ ولا عمرة ». ۱۴
وموثّقة إسحاق، عن أبي بصير، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : الرجل يفرد الحجّ ثمّ يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة، ثمّ يبدو له أن يجعلها عمرة؟ قال : «إن كان لبّى بعد ما سعى قبل أن يقصّر فلا متعة له »، ۱۵ وما دلّ على أنّ القارن والمفرد إذا قدّما الطواف والسعي على الموقفين أحلّا لو لم يجدّدا التلبية ، ويجيء في محلّه إن شاء اللّه تعالى .
وقد استشكل الشهيد في الدروس إجزاء الإحرام الثاني؛ معلّلاً بورود النهي عنه، وبوقوع خلاف ما نواه إن أدخل حجّ التمتّع، وعدم صلاحية الزمان إن أدخل غيره ، ثمّ قال :
فالبطلان أنسب ، ورواية أبي بصير قاصرة الدلالة، مع إمكان حملها على متمتّع عدل عن الإفراد، ثمّ لبّى بعد السعي؛ لأنّه روى التصريح بذلك في رواية اُخرى . ۱۶ انتهى .
ولم أجد الرواية التي أشار إليها، فإن أشار بها إلى ما رويناه ثانيا عن أبي بصير، ففي دلالته على مدّعاه تأمّل .
ونِعمَ ما قال صاحب المدارك بعدما حكى عنه ما نقلناه : «هو حمل بعيد ، وما ادّعاه من النصّ لم نقف عليه ». ۱۷ فتأمّل .
وحكى في المنتهى ۱۸ عن أبي حنيفة وأحد قولي الشافعيّ جواز إدخال الحجّ على العمرة ، ۱۹ وردّه بأنّه عبادة شرعيّة فتقف على إذن الشارع، ولم يثبت .
وفي الباب مسائل اُخرى قد سبق القول في أكثرها، وبقي القول في استحباب التشبّه بالمحرمين للمتمتّع بعد العمرة في الاجتناب عن محرّمات الإحرام مطلقا، كما هو ظاهر خبر حفص . ۲۰
وخصّه الشهيد في الدروس ۲۱ بترك المخيط، وكأنّه حمل قوله عليه السلام : «وليتشبّه بالمحرمين» على التأكيد، والأوّل أظهر، إذ التأسيس خير من التأكيد .

1.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۵۸ ۱۵۹، ح ۵۲۷ ؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۴۲، ح ۸۵۴ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۲، ص ۴۱۲، ح ۱۶۶۴۷؛ وج ۱۳، ص ۵۱۳ ، ح ۱۸۳۳۷، وفي الجميع: «عليه دم يهريقه» بدون الفاء.

2.الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.

3.الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.

4.الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي.

5.الفقيه، ج ۲، ص ۳۷۶، بعد الحديث ۲۷۴۲.

6.روضة المتّقين، ج ۴، ص ۴۹۳.

7.منتهى المطلب، ج ۲، ص ۶۸۶ .

8.السرائر، ج ۱، ص ۵۸۱ .

9.الدروس الشرعيّة، ج ۱، ص ۳۳۳، ح ۸۷ .

10.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۵۹، ح ۵۲۹ . ومثله في الاستبصار، ج ۲، ص ۲۴۳، ح ۸۴۶ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۲، ص ۴۱۲، ح ۱۶۶۴۶.

11.اُنظر: المختصر النافع، ص ۸۳ ؛ تحرير الأحكام، ج ۱، ص ۵۷۷ ؛ تذكرة الفقهاء، ج ۸ ، ص ۷۳، المسألة ۴۴۰؛ مختلف الشيعة، ج ۴، ص ۶۳ ۶۴ .

12.الدروس الشرعيّة، ج ۱، ص ۳۳۳، الدرس ۸۷ .

13.اُنظر: مدارك الأحكام، ج ۷، ص ۲۸۴ ۲۸۵.

14.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۳۱، ح ۹۳؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۱۵۶، ح ۵۱۱ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۱، ص ۲۵۳، ح ۱۴۷۲۳؛ وج ۱۲، ص ۳۹۲، ح ۱۶۵۹۲.

15.الفقيه، ج ۲، ص ۳۱۴، ح ۲۵۵۰؛ تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۹۰، ح ۲۹۵؛ وسائل الشيعة، ج ۱۱، ص ۲۵۶ ۲۵۷، ح ۱۴۷۳۳.

16.الدروس الشرعيّة، ج ۱، ص ۳۳۳، الدرس ۸۷ .

17.مدارك الأحكام، ج ۷، ص ۲۸۲.

18.منتهى المطلب، ج ۲، ص ۶۶۲ ، والمذكور فيه عدم جواز إدخال الحجّ على العمرة. ثمّ قال: «واختلوا في إدخال العمرة على الحجّ بعد عقدية الإفراد، فقال أبو حنيفة بالجواز، وهو أحد قولي الشافعي».

19.فتح العزيز، ج ۷، ص ۱۲۵؛ المجموع للنووي، ج ۷، ص ۱۶۲؛ المغني لابن قدامة، ج ۳، ص ۵۱۲ ؛ الشرح الكبير، ج ۳، ص ۲۳۹.

20.هو الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي.

21.الدروس الشرعيّة، ج ۱، ص ۴۱۵، الدرس ۱۰۶.

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 184188
صفحه از 856
پرینت  ارسال به