باب المستأكل بعلمه والمُباهي به
قوله : (فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ من النار) . ] ح ۶ / ۱۲۳]
في النهاية : «فيه : مَن كذب عليَّ متعمّدا، فليتبوّأ مقعده من النار. ومعناه : لينزل منزله من النار ؛ يُقال : بوّأه اللّه منزلاً : أسكنه إيّاه ، وتبوّأتُ منزلاً : اتّخذته» . ۱
[باب لزوم الحجّة على العالم وتشديد الأمر عليه]
قوله : ([إذا بَلَغَتِ النفسُ هاهنا ـ وأشارَ بيده إلى حَلْقِه ـ لم يَكُنْ لِلْعالِمِ تَوْبَةٌ ]ثمّ قرأ«إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ»۲) .] ح ۳ / ۱۲۶]
في الصحاح : «الجهل: خلاف العلم» . ۳
أقول : كثيرا ما يُطلق الجاهل على من كان مغلوبا للهوى ؛ للتلازم بين الهوى والجهل . بيانه : أنّ المرء لا يُقدم على تناول ما يعلم أنّه ضارّ لا نفع فيه بوجه ، أو فيه نفع ولكن ضرره أعظم من نفعه، كأكل السمّ القاتل، وأكل طعام لذيذ علم خلطه بالسمّ ، ويقدم على الإتيان بالمحرّمات التي ضررها أضعاف ضرر السمّ ، وما ذلك إلّا لعدم العلم اليقيني بالضرر المُوعَدِ به برؤية اللّه تعالى إيّاه في السرّ والعلانية ، فمن عمل معصية فهو إنّما عملها بجهالة .
ولعلّ قائلاً يقول : إنّه يمكن العمل مع العلم إذا غلب الرجاء واستُهين الفعل في جنب كرم الجواد الغنيّ ، أو دعا اللجاج وثَوَرانُ الغيظ إليه كما هو مشهور عن الوليد اللعين، وتمزيقه القرآن المجيد عند ما فتحه ورأى؛ «وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ»۴ ، والشعرُ الذي أنشده ذلك اللعين في هذا الباب مشهور .
وجوابه : أنّ هذين أيضا جاهلان؛ أمّا الراجي ، فإنّه جاهل ؛ لأنّ المعصية وإن كانت