227
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

على آدم وقت توبته، وهو من أبواب كتاب الإيمان والكفر منقولةً عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام . وبعد قوله عليه السلام : «لم يكن للعالم توبة» : «وكانت للجاهل توبة» . ۱
وفي ذلك الباب عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : «قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : من تاب قبل موته بسَنَة قَبِلَ اللّه توبتَه . ثمّ قال : إنّ السَّنَة لَكثيرةٌ ، مَنْ تابَ قبل موته بشهر قَبِلَ اللّه توبتَه . ثمّ قال : إنّ الشهر لكثير ، مَنْ تاب قبل موته بجمعة قَبِلَ اللّه توبتَه . ثمّ قال : إنّ الجمعة لكثير، مَنْ تابَ قبل موته بيوم قَبِلَ اللّه توبتَه . ثمّ قال : إنّ اليوم لكثير ، مَنْ تاب قبل أن يعايِنَ قَبِلَ اللّه توبته». ۲
فهذا نصّ على امتداد زمان التوبة إلى آن المعاينة .
فقوله عليه السلام : «لم يكن للعالم توبة ، وكانت للجاهل توبة» تشديد الأمر على العالم، وكاشفٌ عن أن ليس بلوغ النفس إلى الحلق عبارة عن المعاينة ، ولا ينافي ورود الأخبار في أنّ وقوع المعاينة حين كانت النفس في الحلق ؛ لجواز أن يكون لكون النفس في الحلق امتداد في بعض أجزائه ، تكون الحواسّ على حالها ولم تقع المعاينة بعدُ ، وتقبل توبة الجاهل فيه دون العالم . وفي بعضٍ آخَرَ : «تقع المعاينة». ۳ والعلم عند اللّه وعند الرسول وأوصيائه .
فإن قلت : فما الغرض حينئذٍ في اعتبار القريب ، ولِمَ لم يقل : ثمّ يتوبون ما بينهم وبين حضور الموت؟
قلت : لئلّا يسبق إلى الأذهان أنّ وجوب التوبة موسّع لا يجب المبادرة .

[باب النوادر]

قوله : (طَلَبَةُ هذا العِلْمِ ثَلاثَةٌ) إلى آخره . [ح ۵ / ۱۳۲]
في فائق الزمخشري في النون مع الحاء :

1.الكافي ، ج ۲ ، ص ۴۴۰ ، باب فيما أعطى اللّه عزّوجلّ آدم عليه السلام وقت التوبة ، ح ۳ .

2.الكافي ، ج ۲ ، ص ۴۴۰ ، نفس الباب ، ح ۲هض

3.راجع: أعلام الدين ، ص ۴۲۶ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
226

ضعفاء البصيرة الذين يزعجهم أضعفُ محرِّك من المحرّكات الغضبيّة والشهويّة ـ دون العلماء بالمعنى المذكور ؛ فإنّه لقوّة زواجرهم العلميّة ومقاوماتهم العقليّة خرجوا عن أن يجب على اللّه تعالى قبول توبتهم ، بل له أن يعذّبهم على معصيتهم عدلاً ، وله أن يتوب عليهم تطوّلاً .
ونظير هذا ما سيجيء في كتاب الصلاة عن قول أبي عبداللّه عليه السلام : «هذه الصلوات الخمس المفروضات مَنْ أقامهنّ وحافظ على مواقيتهنّ ، لقي اللّه يوم القيامة وله عنده عهدٌ يدخله الجنّة ، ومن لم يصلّهنّ لمواقيتهنّ ولم يحافظ عليهنّ ، فذاك إليه ؛ إن شاء غفر له ، وإن شاء عذّبه» . ۱
ويشهد لهذا المعنى قول الصادق عليه السلام في الحديث السابق : «يغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنبٌ واحد» . ۲
وعلى هذا فالغرض تشديد الأمر على العالم ، كما فهمه الكليني رحمه الله وعنوَنَ الباب بذلك ، فكأنّه تعالى يقول : إنّما يجب عليَّ التوبة لمن عمل السوء ثمّ لم يولَع فيه ، بل تاب من قريب؛ لأنّ هذا هو الذي كتبتُ على نفسي .
قال تعالى في سورة الأنعام : «كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ»۳ .
وإذا بُني الأمر في الآية على هذا ، فقوله عليه السلام : «إذا بلغت النفس هاهنا لم يكن للعالم توبة» المراد بلوغ النفس إلى الحلق، ولم يعايِن أحوالَ النشأة الآخرة بعدُ ، ولم يختلّ الحواسّ ، وهو أواخر أزمنة الوصيّة والتنجيز .
فكأنّه عليه السلام يقول : إنّ الأمر مشدّد على العالِم بحيث إذا بلغ ذلك الحينُ فليس له توبة ، بخلاف الجاهل ؛ يدلّ على ذلك أنّ هذه الرواية بعينها ستجيء في باب ما أعطى اللّه

1.الكافي ، ج ۳ ، ص ۲۶۷ ، باب من حافظ على صلاته أو ضيّعها ، ح ۲ .

2.الكافي ، ج ۱ ، ص ۴۷ ، باب لزوم الحجّة على العالم وتشديد الأمر عليه ، ح ۱ .

3.الأنعام (۶) : ۵۴ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125814
صفحه از 637
پرینت  ارسال به