317
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

فظهر أنّ تغيير الاُسلوب في الفقرة الثانية أيضا واقع موقعه ، فالحمدُ للّه الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا اللّه .
قوله : (إنّ اللّهَ أَجَلُّ[وأعَزُّ] وَأكْرَمُ مِنْ أنْ يُعْرَفَ بِخَلْقِه) .[ح ۳ / ۲۳۱]
أي ذاته المقدّسة بأن يشبّه بالشمس أو بضوئها أو بآدم أو ببلّورة ، تعالى عن ذلك ، وإلّا فهو معروف بالآثار، كما أوضحنا في الحاشية السابقة عند ذكر القسم الأوّل من قسمَيِ المعرفة ، وإنّما لا يعرف الذات الأقدس بخلقه؛ لما بيّنه الإمام أبو الحسن الرضا عليه السلام في خطبةٍ خَطَبَها في مجلس المأمون من أنّ نفس خلقيّة الخلق حجابٌ بينه تعالى وبينهم ۱ ، فكيف يتصوّر معرفته بهم ؟
وفي خطبة أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة : «لا يَحجُبُه الحُجُبُ ، والحجابُ بينه وبين خَلْقِهِ خَلْقُهُ إيّاهم ؛ لامتناعه ممّا يُمكن في ذواتهم ، ولإمكانهم ممّا يمتنع منه» . ۲
وفي خطبة أبي إبراهيم موسى بن جعفر عليهماالسلام : «ليس بينه وبين خَلْقه حجابٌ غير خَلْقه» . ۳

باب المعبود

قوله : (مَنْ عَبَدَ اللّهِ بِالتوهّمِ) .[ح ۱ / ۲۳۵]
المراد به الإخطار بالبال على وجه التحديد والتصوير ، ولم يذكر هذا المعنى للتوهّم في شيءٍ من كتب اللغة المشهورة ، مثل الصحاح والقاموس والنهاية والمُغرب وتاج المصادر ؛ بل في القاموس : «الوهم من خطرات القلب ، أو مرجوحُ طَرَفَي المتردَّد فيه ؛ وتوهَّمَ : ظَنَّ» . ۴

1.التوحيد ، ص ۳۴ ، ح ۲ ؛ الأمالي للمفيد ، المجلس ۳۰ ، ح ۴ ؛ الأمالي للطوسي ، ص ۲۲ ، المجلس ۱ ، ح ۲۸ ؛ الاحتجاج ، ج ۲ ، ص ۳۹۸ .

2.لم نعثر عليه في نهج البلاغة . والخبر في الكافي ، ج ۱ ، ص ۱۳۹ ، باب جوامع التوحيد ، ح ۵ ؛ والتوحيد ، ص ۵۶ ، ح ۱۴ .

3.التوحيد ، ص ۱۷۸ ، ح ۱۲ . وعنه في بحار الأنوار ، ج ۳ ، ص ۳۲۷ ، ح ۲۷ .

4.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۱۸۷ (وهم) .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
316

والشفقة والإحسان ، ولا يعتريهم شوب الغضب وميل الطبع وهوى النفس ، وأن يكونوا معصومين عن الخطأ والسهو والنسيان التي لا يسلم منها أصحاب الآراء والمقاييس ؛ لئلّا يدخلوا في القضاة الذين قال أمير المؤمنين عليه السلام في شأنهم : «تصرُخُ منه الدماء ، وتبكي منه المواريث ، ويُستَحَلُّ بقضائه الفرجُ الحرام ، ويُحَرَّمُ بقضائه الفرجُ الحلال» الحديث . ۱
فاتّضح أنّ الوصف المذكور ـ أي الأمر بالمعروف والعدل والإحسان ـ معرّف اُولي الأمر ومميّزهم عن المتكلّفين المتّسمين بهذا الاسم ، الجالسين مجلسهم بالتغلّب والحيلة والتزوير ، لكن وجود أكثر تلك الاُمور المذكورة في شخصٍ واحد ممّا لا سبيل إلى العلم به إلّا من جهة من هو عالم بالضمائر ، واقف على السرائر ، فيكشف الوصف المذكور عن ورود النصوص على أشخاص على الخصوص لا محالة، فيفحص عنها من سبقت له من اللّه الحُسنى في ذلك ؛ لأنّه «مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللّهُ لَهُ نُورا فَما لَهُ مِنْ نُورٍ» . ۲ وما أحسن ما قال :

هر كه او روى به بهبود نداشتديدن روى نبى سود نداشت
وتلك النصوص مثل قوله تعالى : «إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ»۳ .
وقولِ رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه» . ۴
وقول كلّ سابقٍ من الأئمّة على لاحقٍ، كما هو مسطور ومضبوط في مظانّه .

1.الكافي ، ج ۱ ، ص ۵۴ ، باب البدع و الرأي والمقاييس ، ح۶ ؛ الإرشاد ، ج۱ ، ص ۲۳۱؛ الأمالي للطوسي ، ص۲۳۴ ، المجلس ۹ ، ح ۸ .

2.النور (۲۴) : ۴۰ .

3.المائدة (۵) : ۵۵ .

4.هذا الحديث متواتر لفظا و معنى في المصادر الفريقين . اُنظر على سبيل المثالِ : الكافي ، ج ۱ ، ص ۴۲۰ ، باب فيه نكت و نتف من التنزيل في الولاية ، ح ۴۲ ؛ الفقيه ، ج ۲ ، ص ۵۵۹ ، ح ۳۱۴۴ ؛ تهذيب الأحكام ، ج ۳ ، ص ۱۴۳ ، ح ۱ ؛ الأمالي للصدوق ، ص ۱۲۲ ؛ المجلس ۲۶ ، ح ۱ ؛ الأمالي للطوسي ، ص ۲۵۴ ، المجلس ۹ ، ح ۴۸ ؛ الغدير ، ج ۱ ، ص ۲۱۴ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 103387
صفحه از 637
پرینت  ارسال به