323
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

الخصم إمّا عجزا أو كفّا عن المِراء ، عرض للرجل شكّ في أنّه لعلّ ما فعل كان صوابا ولأجل ذلك سكت الخصم ، ومن الارتياب أنّ الرجل منَّ اللّه عليه بوساطة حججه عليهم السلام في الكتاب والسنّة ، وهو يتعمّق فيما لم يكلّف البحث عن كنهه ، فيقع في الشكوك والشبهات التي لا يستطيع أن يخرج منها .
وإلى ذلك أشار أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة الأشباح حيث قال : «فانظُرْ أيُّها السائلُ فما دَلَّكَ عليه القرآنُ من صفته فَأْتَمَّ به ، واستَضِئْ بنور هدايته ، وما كَلَّفَكَ الشيطانُ عِلْمَه ممّا ليس في الكتاب عليك فَرْضُه ، ولا في سنّة النبيّ صلى الله عليه و آله وأئمّة الهدى أثَرُهُ ، فكِلْ عِلْمَه إلى اللّه سبحانه ؛ فإنّ ذلك منتهى حقِّ اللّه عليك . واعلَمْ أنّ الراسخينَ في العلم هم الذين أغناهم عن اقتحام السُّدَدِ المضروبةِ دونَ الغيوبِ الإقرارُ بجملة ما جهلوا تفسيرَه من الغيب المحجوب ، فمَدَحَ اللّهُ تعالى اعترافَهم بالعجزِ عن تناولِ ما لم يُحيطوا به عِلْما، وسَمّى تَرْكَهم التعمّقَ فيما لم يكلّف ۱ البحثَ عن كنهه رسوخا، فَاقْتَصِرْ على ذلك ، ولا تُقَدِّرْ عظمةَ اللّه على قَدْرِ عقلك فتكونَ من الهالكين» . ۲قوله : (إيّاكُمْ والتَّفَكُّرَ) .] ح ۷ / ۲۵۷]
في أنّه سيجيء في كتاب الإيمان والكفر، في باب التفكّر عن أبي عبداللّه عليه السلام : «أفضل العبادة إدمان التفكّر في اللّه وفي قدرته». ۳ وطريق التوفيق واضح .
قوله : (والكيفُ مخلوقٌ ، واللّهُ لا يوصَفُ بخَلْقِه) .] ح ۹ / ۲۵۹]
وجهه ظاهر ؛ لأنّ المخلوق طبيعة مفتقرة الذات ، فلا يتّصف بها الغنيّ بالذات ، وعلى هذا الأصل الأصيل بُنيت التقديسات في الخطب الجليلة الواردة عنهم عليهم السلام في التوحيد ، كقولهم : «بتَجْهيرِه الجواهرَ عرفت أن لا جوهرَ له» ۴ وأمثال ذلك .

1.في المصدر : «لم يُكَلِّفْهُمُ».

2.نهج البلاغة ، ص ۱۲۵ ، الخطبة ۹۱ .

3.الكافي ، ج ۲ ، ص ۵۵ ، باب التفكّر ، ح ۳ .

4.الكافي ، ج ۱ ، ص ۱۳۸ ، باب جوامع التوحيد ، ح ۴ ؛ التوحيد ، ص ۳۴ ، ح ۲ ؛ و ص ۳۰۸ ، ح ۲ ؛ عيون أخبارالرضا، ج ۱ ، ص ۱۴۹ ، ح ۵۱ ؛ الاحتجاج ، ج ۲ ، ص ۴۰۰ . وفي جميع المصادر : «عُرِفَ» بدل «عرفت» .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
322

قوله : (ولا لإرادتِه فَصْلٌ) .] ح ۲ / ۲۴۷]
أي لا يتخلّف المراد عن إرادته: «إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ»۱ .
قوله : (فمن رامَ وَراءَ ذلك فقد هَلَكَ) .] ح ۳ / ۲۴۸]
بذكر «الأحد» ينتفي الأجزاء العقليّة من الجنس والفصل ، والأجزاءُ الخارجيّة التي للمركّبات ، والأجزاءُ المقداريّة التي للجسم المفرد ، وبذكر «الصَّمَدُ» ينتفي الاحتياج ، وملزوم هذا الانتفاء الوجوب الذاتي ، ويثبت القدرة على كلّ شيء حتّى يكون مصمودا إليه لكلّ شيء ، ولازم هذا الثبوت العلم بجميع الأشياء ، وبذكر «لَمْ يَلِدْ» ينتفي المشاركة في النوع وانفصالُ شيء منه لطيفٍ أو كثيفٍ ، وبذكر «لَمْ يُولَدْ» ينتفي خروجه من أصل بجميع أنحاء الخروج ، وبذكر «لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوا أحَدٌ» ينتفي الشبه والمثل ، وجميع تقديسات العلماء الكُمّل ترجع إلى هذه التقديسات .
وآيات سورة الحديد تثبت له تعالى ملك السماوات والأرض ، والقدرةَ على كلّ شيء ، وإحاطةَ العلم بكلّ شيء ، فما سوى ما تضمّنته هذه الآيات الكريمة صريحا أو ضمنا أو التزاما ممّا ينافيه ويخالفه ، فهي فضول وجهالات توجب الهلاك والبوار ؛ نعوذ باللّه منه .

باب النهي عن الكلام في الكيفيّة

قوله : (إيّاكَ والخُصُوماتِ ؛ فإنّها تُورِثُ الشَّكَّ) .] ح ۴ / ۲۵۴]
الخصومات من الارتياب الذي نهى عنه أمير المؤمنين عليه السلام في خطبه ، فقال : «لاترتابوا فتشكّوا ، ولا تشكّوا فتدهنوا» ۲ نقله المصنّف في باب استعمال العلم ، وذلك أنّ الرجل ربّما يحتاج في المغالبة إلى إنكار حقّ أو تصحيح باطل ، فإذا فعل وسكت

1.يس (۳۶) : ۸۲ .

2.الكافي ، ج ۱ ، ص ۴۵ ، باب استعمال العلم ، ح ۶ ؛ الأمالي للمفيد ، ص ۲۰۶ ، المجلس ۲۳ ، ح ۳۸ . وفيهما : «فتكفروا» بدل «فتدهنوا» .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 103428
صفحه از 637
پرینت  ارسال به