339
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

قديما لكان إلها ثانيا .
والحدوث الزماني الذي يدور على ألسنة المتكلّمين ـ وهو كون العالم بعد امتداد موهومٍ غيرَ متناه في طرف الأزل ـ ليس في الكتاب والسنّة منه عينٌ ولا أثر ، ولا أجد له معنى محصّلاً يصلح أن يُمْعَن النظر فيه ، وإنّما هو اختراع من الوهم ، فالإمساك عن الخوض فيه وعدمُ الاهتمام ببيان بطلانه أمنعُ حصنا من تطرّق جنود الوهم ؛ هذا .
وقال السيّد الفاضل المحشّي قدّس اللّه روحه :
قوله عليه السلام : «لا يكون المريد إلّا والمراد معه» ۱ أي لا يكون المريد بحال إلّا حالَ كون المراد معه ، ولا يكون مفارقا عن المراد .
وحاصله أنّ ذاته تعالى مناطٌ لعلمه وقدرته ـ أي صحّة الصدور واللا صدور ـ بأن يريد فيفعل، وأن لا يريد فيترك ، فهو بذاته مناط لصحّة الإرادة فيكون ، وصحّة عدمها فلا يكون ، ولا يكون مناطا للإرادة وعدمها ، بل المناط فيها الذات مع حال المراد، فالإرادة ـ أي المخصّصة لأحد الطرفين ـ لم تكن من صفات الذات ، فهو بذاته عالمٌ قادر مناط لهما ، وليس بذاته مناطا للإرادة وعدمها ، بل بمدخليّةِ مغايرٍ متأخّرٍ عن الذات ، وهذا معنى قوله : «لم يزل عالما قادرا ثمّ أراد». ۲
انتهى كلامه أعلى اللّه مقامه .
أقول : الذات الأقدس في مرتبة هويّته القدّوسيّة وإن كان أحدا صمدا لم يتطرّق إليه شوب كثرة بوجه ، إلّا أنّه بذاته وفي عين الوحدة كان مستحقّا لأسماء غير متناهية ، فهو تعالى بوحدته المحضة قائمٌ مقام الكمالات الغير المتناهية ، فهو علم كلّه ، قدرة كلّه ، وهكذا سائر الكمالات منزّها عن شوب نقائص تكون لها فينا .
روى الصدوق ـ قدّس اللّه روحه ـ في كتاب التوحيد عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، قال : دخلت على أبي عبداللّه عليه السلام ، فقال لي : «أتنعت اللّه ؟» قلت : نعم ، قال : «هات» فقلت : هو السميع البصير ، قال : «هذه صفة يشترك فيها المخلوقون» قلت : وكيف تنعته؟

1.في المصدر : «إلاّ المراد معه» .

2.الحاشية على اُصول الكافي لميرزا رفيعا ، ص ۳۶۷ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
338

[باب آخر و هو من الباب الأوّل]

قوله : (يَسْمَعُ بما يُبْصِرُ ، ويُبْصِرُ بما يَسْمَعُ) . [ح ۱ / ۲۹۹]
يعني يترتّب غايات القوى المختلفة ـ التي هي فينا مبادئ الأفعال ـ على صرف الذات الأحديّة المنزّهة عن شوب وجه من وجوه الكثرة ، فالسميع يشتقّ لنا باعتبار انضمام مبدأ السمع إلى ذاتنا ، وباعتبار ترتّب غاية السمع على ذاتنا المأخوذة معها المبدأ ، ويشتقّ للّه تعالى باعتبار ترتّب الغاية على بَحْت الذات ، والذات الواحد من جميع الجهات قائم مقام المبدأ ، وكذا الحال في جميع الصفات ، فهو باعتبار الغاية مشترك بيننا وبينه تعالى اشتراكا معنويّا ، وباعتبار المبدأ اشتراكا لفظيّا ، وهذا لا يحتمل الخلاف؛ والحمد للّه على التوفيق .
قوله : (إنّما يَعْقِلُ ما كانَ بصفةِ المخلوقِ) . [ح ۱ / ۲۹۹]
أي على وجه الاكتناه والتحديد والتمثيل .

باب الإرادة أنّها من صفات الفعل [وسائر صفات الفعل]

قوله : (إنّ المريدَ لا يكونُ إلّا والمراد۱معه) . [ح ۱ / ۳۰۱]
تأسيس هذه الضابطة بكون المراد بالإرادة هي المستجمعة لجميع شرائط الفعل حتّى ارتفاع الموانع ، وبعدم كون المعيّة ـ التي الغرض المسوّق له الكلام نفيُ أزليّتها ـ المعيّةَ في مرتبة الذات ؛ ضرورة تأخّر المراد عن تلك المرتبة ، فالتقدّم المنفيّ بثبوت المعيّة هو التقدّم الزماني ، ولمّا كان المقصود نفيَ أزليّة الإرادة ، فالحديث من المصرِّحات بحدوث العالم غيرِ الحدوث الذاتي ، وهو التلبّس بالكون بعد العدم الخارجي ، أي لا الاعتباري الذي يقول به أصحاب القِدَم ، والحدوث بالمعنى الذي قلنا هو الذي استُعمل في الأخبار مقابلَ قدم اللّه تعالى ، ولهذا اُورد أنّه لو كان غيره تعالى

1.في الكافي المطبوع : «إلاّ لمراد» بدل «إلاّ والمراد».

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 103350
صفحه از 637
پرینت  ارسال به