465
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

اعلم أنّ الذات الأقدس ـ تعالى شأنه ـ وإن كان واحدا أحدا منزّها عن شوب جميع أنحاء الكثرة ، إلّا أنّه معدن كمالات لا تحصى ، وله من معاني الحسن والبهاء ما لا يستقصى ؛ إذ جميع ما فشا في عالم المُلك والملكوت من لطائف الحسن وبدائع الجمال ـ التي أعجبت أبصار الناظرين وبصائر المستبصرين ـ ظلالُ وعكوسُ ذلك الحسن والجمال ، بل هي كسرابٍ بِقيعةٍ يحسبه الظمآن ماءً (نظم) :

ابرو كه بود در نظرت چون محرابچشمى كه ربوده است از چشم تو خواب
بر روى سراب ، چهره اى تشنه حُسنآن هيات موج دان و اين شكل حباب
وقد اُشير إلى كمالاته التي لا تتناهى في حديث : «كنت كنزا مخفيّا» ۱ ووصلت إلينا بواسطة سفرائه الكرام عدّة من أسمائه الحسنى ، وندبونا إلى أن نقرّ له تعالى بالجميع على وجه الإجمال في تشهّد كلّ صلاة بقولنا : «والأسماء الحسنى كلّها للّه » وبقولنا : «وخير الأسماء كلّها للّه » وأوقفنا عزّ شأنه على عدّة اُخرى بفعاله العجاب في الإتقان .
وقد سبق في باب معاني الأسماء واشتقاقها في رواية أبي هاشم الجعفري عن أبي جعفر عليه السلام أنّ رجلاً سأله وقال : له تعالى أسماء وصفات في كتابه ، وأسماؤه وصفاته هي هو ، فقال عليه السلام : «إنّ لهذا الكلام وجهين : إن كنت تقول : هي هو [أي] أنّه ذو عَدَدٍ وكثرة؛ فتعالى اللّه عن ذلك ، وإن كنت تقول : هذه الصفات [والأسماء] لم تزل ؛ فإنّ «لم تزل» محتملٌ معنيين ؛ فإن قلتَ : لم تزل عنده في علمه وهو مستحقُّها ، فَنَعَم» الحديث. ۲
وتلك الأسماء وإن كان مبدأ جميعها مجرّدَ الذات الوحداني حقّا ، إلّا أنّ كلّاً منها باعتبار غاية مخصوصة وأثر مخصوص ، ولابدّ أن يتحقّق أثره ؛ مثلاً العالميّة أثره وغايته انكشاف الشيء للذات، ويمتنع أن يكون تعالى مستحقّا لاسم «العالم» ولن ينكشف له شيء أبدا ، وإذ كان اللّه ولا شيء معه ، فالمنكشف له أوّلاً وبالذات هو ذاته

1.بحار الأنوار ، ج ۸۷ ، ص ۱۹۱ و ۳۴۴ ؛ تفسير الكبير للرازي ، ج ۲۸ ، ص ۲۳۴ ؛ الإحكام للآمدي ، ج ۱ ، ص ۱۳۱ ؛ تفسير ابن عربي ، ج ۲ ، ص ۱۲۳ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ۵ ، ص ۱۶۳ ؛ تفسير أبي السعود ، ج ۲ ، ص ۱۳۰ ؛ تفسير الآلوسي ، ج ۱۴ ، ص ۲۱۶ ؛ و ج ۱۷ ، ص ۱۲۱ .

2.الكافي ، ج ۱ ، ص ۱۱۶ ، ح ۷ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
464

[باب السعادة والشقاء]

قوله : (مِنْ أيْنَ لَحِقَ الشقاءُ أهلَ المعصيةِ) ، إلى آخره . [ح ۲ / ۳۹۶]
في التوحيد : «علم اللّه عزّوجلّ أن لا يقوم أحدٌ من خلقه بحقّه، فلمّا علم بذلك وهب» إلى آخره .
وفيه : «ولم يمنعهم إطاقة القبول منه ؛ لأنّ علمه أولى بحقيقة التصديق ، فوافقوا ما سبق لهم في علمه وإن قدروا أن يؤتوا خِلالاً تُنجيهم عن معصيته ، وهو معنى شاء ما شاء وهو سرّ» ۱ فليتدبّر .
ثمّ إنّ غرض السائل أنّا نعلم أنّ عمل أهل الشقاء هو الموجب لعذابهم؛ «وَمَا كَانَ اللّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ»۲ ، وأنّ الحكم في علمه تعالى لهم بالعذاب تابع لشقائهم ، ولا نعلم من أين لحقهم الشقاء ؟
وحاصل الجواب : أنّ الشقاء لهم من ذواتهم الشخصيّة ، واتّضاح ذلك بعد ذكر اُصول :

1.التوحيد ، ص ۳۵۴ ، ح ۱ .

2.العنكبوت(۲۹) : ۴۰ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 103337
صفحه از 637
پرینت  ارسال به