اعلم أنّ الذات الأقدس ـ تعالى شأنه ـ وإن كان واحدا أحدا منزّها عن شوب جميع أنحاء الكثرة ، إلّا أنّه معدن كمالات لا تحصى ، وله من معاني الحسن والبهاء ما لا يستقصى ؛ إذ جميع ما فشا في عالم المُلك والملكوت من لطائف الحسن وبدائع الجمال ـ التي أعجبت أبصار الناظرين وبصائر المستبصرين ـ ظلالُ وعكوسُ ذلك الحسن والجمال ، بل هي كسرابٍ بِقيعةٍ يحسبه الظمآن ماءً (نظم) :
ابرو كه بود در نظرت چون محرابچشمى كه ربوده است از چشم تو خواب
بر روى سراب ، چهره اى تشنه حُسنآن هيات موج دان و اين شكل حباب
وقد اُشير إلى كمالاته التي لا تتناهى في حديث : «كنت كنزا مخفيّا» ۱ ووصلت إلينا بواسطة سفرائه الكرام عدّة من أسمائه الحسنى ، وندبونا إلى أن نقرّ له تعالى بالجميع على وجه الإجمال في تشهّد كلّ صلاة بقولنا : «والأسماء الحسنى كلّها للّه » وبقولنا : «وخير الأسماء كلّها للّه » وأوقفنا عزّ شأنه على عدّة اُخرى بفعاله العجاب في الإتقان .
وقد سبق في باب معاني الأسماء واشتقاقها في رواية أبي هاشم الجعفري عن أبي جعفر عليه السلام أنّ رجلاً سأله وقال : له تعالى أسماء وصفات في كتابه ، وأسماؤه وصفاته هي هو ، فقال عليه السلام : «إنّ لهذا الكلام وجهين : إن كنت تقول : هي هو [أي] أنّه ذو عَدَدٍ وكثرة؛ فتعالى اللّه عن ذلك ، وإن كنت تقول : هذه الصفات [والأسماء] لم تزل ؛ فإنّ «لم تزل» محتملٌ معنيين ؛ فإن قلتَ : لم تزل عنده في علمه وهو مستحقُّها ، فَنَعَم» الحديث. ۲
وتلك الأسماء وإن كان مبدأ جميعها مجرّدَ الذات الوحداني حقّا ، إلّا أنّ كلّاً منها باعتبار غاية مخصوصة وأثر مخصوص ، ولابدّ أن يتحقّق أثره ؛ مثلاً العالميّة أثره وغايته انكشاف الشيء للذات، ويمتنع أن يكون تعالى مستحقّا لاسم «العالم» ولن ينكشف له شيء أبدا ، وإذ كان اللّه ولا شيء معه ، فالمنكشف له أوّلاً وبالذات هو ذاته