593
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1

نصب أعلاما واضحة ومنائر ساطعة «يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ»۱ واستحفظهم دينه وشريعته ، وأنزل اللّه جميع ما يحتاج إليه الاُمّة يوم القيامة على رسوله صلى الله عليه و آله ، وأمرهم أن يستودع كلّها الخلفاء الاُمناء المعصومين عن الخطأ والزلل ، وأمر سائر الاُمّة بالرجوع إليهم والسؤال منهم لكيلا يستطيع أحدٌ أن يقول : إنّ فقدان النصّ في الواقعات الحادثة اضطرّنا إلى العمل بالقياس والاستحسان والرأي ، ولا يشكّ من بلغ أدنى مرتبة التمييز أنّ الموافق للحكمة الكاملة الإلهيّة هو هذا المذهب ، ولقد أجرى روح القدس على لسان من قال (شعر) :

إذا شئت أن ترضى لنفسك مذهباينجيك يوم الحشر من لهب النار
فدع عنك قول الشافعي ومالكوأحمد والنعمان بل كعب الأحبار
وآت اُناسا قولهم وحديثهمروى جدّنا عن جبرئيل عن الباري
الحمد للّه الذي هدانا لهذا وماكنّا لنهتدي لولا أن هدانا اللّه .

[باب الإشارة و النّص على أبي جعفر عليه السلام ]

قوله : (إلى زيد بن الحسن وكان أكبرهم) . [ح ۳ / ۷۹۱]
هو زيد بن الحسن بن عليّ عليهماالسلام ، وفي كتاب إعلام الورى في فصل فيه ذكر أولاد الحسن عليه السلام : «وكان زيد بن الحسن يلي صدقات رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وكان جليل القدر ، مات وله تسعون سنة ، وخرج من الدنيا ولم يدّع الإمامة ، ولا ادّعاها له مدّع من الشيعة ولا غيرهم» ۲ انتهى .

باب الإشارة والنصّ على أبي الحسن موسى عليه السلام

قوله : (لم يُؤذَنْ لنا في أوَّلَ منك) . [ح ۹ / ۸۰۹]
أوّل هذا اسم تفضيل ، ولذا استعملت مع «من» أي لم يؤذن لنا أن نخبر بإمامته من كان أقدم منك .

1.الأعراف (۷) : ۵۹ .

2.إعلام الورى، ص ۲۱۳.


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
592

العقل يستنكف أشدّ الاستنكاف من أن يقلّد جماعة عقيدتهم أنّ اللّه تعالى فوّض شرائع دينه إلى ظنونهم وآرائهم ، وليس له في الوقائع الحادثة حكم في الواقع ، بل حكمه تابع لرأي المجتهد ، فلمّا استقرّ عليه ظنّه فه2ض ير حكم اللّه وإن كان رأي أحد مخالفا لرأي الآخر ، كما هو قانون التصويب ، أو كان له عليه السلام في كلّ قضيّة حكم ولكن لم يبيّن لرسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فيكون للمجتهدين مجال يجولون فيه بالتضنّي والتخمين ، فإن أصابوا الواقع فلهم أجران ، وإن أخطأوا فأجر واحد ، كما هو قاعدة التخطئة ، ويحكمون بما استقرّ عليه آراؤهم على دماء المسلمين وأموالهم وفروجهم ، تبكي منهم المواريث ، وتصرخ منهم الدماء ، ويستحلّ بقضائهم الفرج الحرام ، ترى أحدهم بكّر فاستكثر من جمعٍ ، ما قلّ منه خير ممّا كثر ، إذا ارتوى من آجنٍ ، واكتنز من غير طائل ، جلس بين الناس قاضيا ضامنا لتلخيص ما اشتبه على غيره ۱ ، لا يبالي أن يخالف رأي مَن كان قبله ، ولا يأمن أن ينقض حكمه ، ويعكس ما أخذ ، وأعطى برأيه من يجيء بعده ، فقلت ما قال الشاعر (شعر) :

شرع اگر اينست وقاضى اين وقاضى زاده اينالوداع اى باغ وبستان و سراگاه وزمين
ووجدت المنتمين إلى الإسلام كلّهم إمّا مصوّبة أو مخطّئة إلّا الفرقة المحقّة الاثناعشريّة ـ مَدَّ اللّه ظلالهم ، وكثّر اللّه أمثالهم ـ فإنّهم يقولون : إنّ دين اللّه لا يُصاب بالقياس ۲ ، وإنّ من طلب الدين بالقياس لم يزل دهرَه في ارتماس ۳ ، وأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله لم يخرج من الدنيا إلى جوار اللّه تعالى حتّى أكمل للاُمّة دينهم ، وليس قد تركهم في غياهب الجهالة وبوادي الضلالة تائهين عطشين ، يعدو كلّ طائفة منهم بطمع الارتواء إلى سراب بقيعة ، ويتبع كلّ فرقة تائها مثلهم رجاءَ الاهتداء إلى أرض مريعة ، بل قد

1.اقتباس من الرواية المنقولة عن عليّ عليه السلام في الكافي، ج ۱، ص ۵۴، باب البدع و الرأي و المقائيس، ح ۶ .

2.الكافي، ج ۱، ص ۵۷، باب البدع و الرأي و المقائيس، ح ۱۴؛ بصائر الدرجات، ص ۱۴۶، ح ۲۳ ؛ و ص ۱۴۹، ح ۱۶.

3.الكافي، ج ۱، ص ۵۷، باب البدع و الرأي و المقائيس، ح ۱۷؛ قرب الإسناد، ص ۷.

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 103422
صفحه از 637
پرینت  ارسال به