متن الحديث الثاني والستّين والمائتين
۰.عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ ، قَالَ :أَنْشَدَ الْكُمَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام شِعْرا ، فَقَالَ :
أَخْلَصَ اللّهُ لِي هَوَايَ فَمَاأُغْرِقُ نَزْعا وَلَا تَطِيشُ سِهَامِي
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : «لَا تَقُلْ هكَذَا : فَمَا أُغْرِقُ نَزْعا ، وَلكِنْ قُلْ : فَقَدْ أُغْرِقَ نَزْعا وَلَا تَطِيشُ ۱ سِهَامِي» .
شرح
السند ضعيف.
قوله: (أنشد الكميت).
مصغّرا، اسم شاعر من أصحاب الباقر عليه السلام ، ومات في حياة أبي عبداللّه عليه السلام .
روى الكشّي بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال للكميت: «لا تزال مؤيّدا بروح القدس ما دمتَ تقول فينا». ۲
وبإسناده عنه عليه السلام أنّه قال له: «لا يزال معك روح القدس ما ذببتَ عنّا». ۳
وقال العلّامة في الخلاصة: «الكميت بن زيد الأسدي رحمه الله مشكور» انتهى. ۴
وإنشاد الشعر: قراءته، وهو يتعدّى إلى مفعولين. يُقال: استنشدته الشعر فأنشدنيه. فقوله: (أبا عبداللّه عليه السلام ) مفعوله الأوّل، وقوله: (شعرا) مفعوله الثاني.
(أخلص اللّه لي هواي) أي جعل محبّتي خالصة لكم أهل البيت. وفي قوله «الهوى» بالقصر: العشق، تكون في الخير والشرّ وإرادة النفس.
(فما اُغرق نزعا ولا تطيشُ سهامي).
قال في القاموس: اُغرق النازع في القوس: استوفى مدّها، كغرق تغريقا». ۵
وقال: «نزع في القوس: مدّها». ۶
وقال: «الطيش: جواز السهم الهدف. طاش يطيش، فهو طائش. وأطاشه: أَمالَهُ عن الهدف». ۷
وقال الجوهري: «طاش السهم [عن الهدف]: عدل، وأطاشه الرامي». ۸
وفي المصباح: «طاش السهم عن الهدف طيشا أيضا: انحرف عنه، فلم يصبه». ۹
وقال في النهاية:
في حديث عليّ عليه السلام : لقد أغرق في النزع، أي بالغ في الأمر، وانتهى فيه. وأصله من نزع القوس ومدّها، ثمّ استعير لمن بالغ في كلّ شيء، انتهى. ۱۰
وقال بعض الأفاضل: «يعني فصار تأييده تعالى سببا لأن لا أخطئ الهدف، واُصيب كلّما اُريد من مدحكم، وإن لم أبالغ فيه». ۱۱
وقيل: لعلّ المراد بالقوس قوس المحبّة، وبالسهم سهمهما على سبيل التشبيه. ۱۲
إذا عرفت هذا فنقول: هذا الكلام يحتمل وجهين:
الأوّل: أن يكون الواو لعطف النفي على النفي، فدلّ بحسب المنطوق على عدم الإغراق في نزع قوس المحبّة، وعدم المبالغة فيها، وعدم طيش سهم المحبّة عن الهدف، وبحسب المفهوم على أنّه لو أغرق طاش سهم المحبّة عن الهدف، فلذلك لم يغرق.
الثاني: أن يكون الواو للحال عن فاعل «اُغرق»، ويكون النفي راجعا إلى القيد، فيدلّ على أنّه غرق، وطاش السهم لأجل إغراقه.
ولمّا كان في الأوّل نقص في إظهار المحبّة من وجهين: الأوّل عدم المبالغة في المحبّة، والثاني في جواز سهم المحبّة عن الهدف على تقدير المبالغة فيها، وفي الثاني نقص بالوجه الثاني، غيّر عليه السلام عبارته؛ ليندفع كلا النقصين، وقال: (لا تقل هكذا).
وقوله: (فما اُغرق نزعا) بيان لقوله: «هكذا» أو بدل منه.
(ولكن قل: فقد اُغرق نزعا ولا تطيش سهامي).
ولا يخفى أبلغيّة هذا الوجه، وأكمليّته في مقام إظهار المحبّة، حيث دلّ على عدم طيش سهمها مع المبالغة فيها، ومدّ قوسها على وجه الكمال.
وقال بعض الأفاضل:
إنّما نهاه عليه السلام عن ذلك؛ لإيهامه بتقصير، أو عدم اعتناء في مدحهم عليهم السلام ، وهذا لا يناسب مقام المدح. أو لأنّ الإغراق في النزع لا مدخل له في إصابة الهدف، بل الأمر بالعكس، مع أنّ فيما ذكره عليه السلام معنىً لطيفا كاملاً، وهو أنّ المدّاحين إذا بالغوا في مدح ممدوحهم خرجوا عن الحقّ، وكذبوا فيما أثبتوا للممدوح، كما أنّ الرامي إذا أغرق نزعا أخطأ الهدف، وإنّي في مدحكم كلّما اُبالغ في المدح لا يخرج سهمي عن هدف الحقّ والصدق، ويكون مطابقا للواقع، انتهى. ۱۳
1.في بعض نسخ الكافي: «فلا تطيش».
2.رجال الكشّي، ص ۲۰۸، ح ۳۶۶.
3.لم نعثر على قوله عليه السلام للكميت هكذا، بل يوجد نحوه في رجال الكشّي، ص ۲۰۷، ح ۳۶۵ عن لسان الرسول صلى الله عليه و آله لحسّان بن ثابت.
4.الخلاصة الرجال، ص ۱۳۵، الرقم ۳.
5.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۲۷۱ (غرق).
6.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۸۸ (نزع).
7.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۲۷۷ (طيش) مع التلخيص.
8.الصحاح، ج ۳، ص ۱۰۰۹ (طيش).
9.المصباح المنير، ص ۳۸۳ (طيش).
10.النهاية، ج ۳، ص ۳۶۱ (غرق).
11.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۱۳۷ مع اختلاف يسير في اللفظ.
12.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۲۸۷.
13.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۱۳۷.