205
البضاعة المزجاة المجلد الثالث

شرح

السند صحيح على الأصحّ.
قوله: (متى فرج شيعتكم) أي بظهور القائم عليه السلام واستيلائه. والفرج ـ بالتحريك ـ : كشف الغمّ، كالتفريج، وفعله كضرب. وقيل: كنصر.
(قال: فقال: إذا اختلفت ولد العبّاس).
في القاموس: «اختلف: ضدّ اتّفق. وفلانا: صار خليفته. ۱
وفي تاج اللغة: «الاختلاف: به نزد كسى آمد وشد كردن».
وقيل: المراد هنا المعنى الثاني، أو الأخير جاء بعضهم بعد بعض، وقام بأمر الإمارة والسلطنة. ۲ ويحتمل إرادة المعنى الأوّل.
(ووَهى سلطانهم).
قال الجوهري: «وَهَى الحائط: إذا ضعف، وهمَّ بالسقوط». ۳
وقال الفيروزآبادي: «الوهَى: الشقّ في الشيء. وَهِيَ ـ كوَعِيَ، ووَليَ ـ : تخرّق، وانشقّ، واسترخى رباطه». ۴
وقال:
السلطان: الحجّة، وقدرة الملك، وتضمّ لامه. والوالي، مؤنّث؛ لأنّه جمع سليط للدهن، كأنّ به يضيئ المُلك، أو لأنّه بمعنى الحجّة. وقد يذكر ذهابا إلى معنى الرجل. والسلطان من كلّ شيء: شدّته. ۵
(وطمع فيهم) أي في مملكتهم، وهدم دولتهم.
(من لم يكن يطمع فيهم).
وهو هلاكو.
(وخلعت العرب أعنّتها).
قال في القاموس: «الخلع ـ كالمنع ـ : النزع، إلّا أنّ في الخلع مهلة». ۶
وقال: «العنان ـ ككتاب ـ : سير اللِّجام الذي تمسك به الدابّة. الجمع: أعنّة». ۷
قيل: كان خلعها كناية عن الذلّ والانكسار والوحشة والفرار. ۸
وقيل: كناية عن طغيانهم ومخالفتهم للسلطان. ۹
وأقول: يحتمل قراءة «خُلِعَت» على صيغة المجهول، و«أعنّتها» بالرفع على كونها بدل الاشتمال من «العرب»، من قبيل: خلع عمرو ثوبه. أو بالنصب على الحذف والإيصال، ويكون كناية عن فقدان قائدهم وسائسهم، وزوال السلطنة والحكومة من بينهم، كما هو الواقع بعد انقراض ملك بني العبّاس.
(ورفع كلّ ذي صيصة صيصته).
قيل: أي أظهر كلّ ذي قوّة قوّته وقدرته. ۱۰
وفي القاموس:
الصيصة ـ بالكسر ـ : شوكة الحائك يسوّي بها السدي واللحمة، وشوكة الديك، وقرن البقر، والظبا، والحصن وكلّ ما امتنع به الجمع صياصي، والراعي الحسن القيام على ماله. ۱۱
وقال الجوهري: «صياصي البقر: قرونها. وربما كانت تركّب في الرماح مكان الأسنّة». ۱۲
وفي النهاية:
فيه: أنّه ذكر فتنة في الأرض تكون في أقطارها، كأنّها صياصي بقر؛ أي قرونها، واحدها صيصة، شبّه الفتنة بها لشدّتها وصعوبتها. وكلّ شيء امتنع وتحصّن، فهو صيصية. ومنه قيل للحصون: الصياصي. وقيل: شبه الرّماح التي تشرع في الفتنة وما يشبهها من سائر السلاح بقرون بقر مجتمعة. ۱۳
(وظهر الشامي).
قيل: هو السفياني الدجّال. ۱۴
(وأقبل اليماني) إلى العراق.
(وتحرّك الحسني) من مكّة بإرادة الخروج.
(وخرج صاحب هذا الأمر) جواب قوله: «إذا اختلفت».
وقوله: (من المدينة إلى مكّة) متعلّق ب «خرج»، وكذا قوله عليه السلام : (بتراث رسول اللّه صلى الله عليه و آله ).
الباء للتسلسل وللمصاحبة. و«التراث» بالضمّ: الميراث. وأصل التاء فيه واو، صرّح به الجوهري. ۱۵
(قال: سيف رسول اللّه صلى الله عليه و آله ودرعه).
في القاموس: «درع الحديد ـ بالكسر ـ قد يذكّر، ومن المرأة: قميصها، مذكّر». ۱۶
أقول: المناسب هنا المعنى الأوّل.
(وعمامته).
في القاموس: «العِمامة ـ بالكسر ـ : المِغفر، والبيضة، وما يلفّ على الرّأس». ۱۷
(وبرده).
في القاموس: «البرد ـ بالضمّ ـ : ثوب مخطّط. الجمع: أبراد، وأبرد، وبرود، وأكيسة تلتحف بها الواحدة بهاء». ۱۸
(وقضيبه).
في القاموس:
القضب: ما قطعت من الأغصان للسّهام، أو القسي. والقضيب: الناقة لم ترض، والغصن، واللطيف من السيوف، والقوس عملت من قضب، أو من غصن غير مشقوق، والسيف القطّاع. ۱۹
(ورايته).
الراية ـ بغير همز ـ : العلم.
(ولامته).
قال الفيروزآبادي: في المهموز العين: «اللّامة: الدرع. وجمعها: لأم [ولُؤَم]، كصُرَد». ۲۰
وقال في المصباح: «اللأمة ـ بهمزة ساكنة، ويجوز تخفيفها ـ : الدرع. والجمع: لأَْم، مثل تَمْرة وتَمْر». ۲۱
وقال في النهاية: «اللأمة ـ مهموزة ـ : الدرع. وقيل: السلاح». ۲۲
(فيخرج السيف من غمده).
الغمد ـ بالكسر ـ : غلاف السيف. والظاهر أنّ قوله: «يخرج» من الإخراج، وفاعله الصاحب عليه السلام .
وقيل: يمكن أيضا كونه من الخروج، وفاعله «السيف»، فيكون ذلك علامة لظهوره عليه السلام . ۲۳
(ويلبس الدرع، وينشر الراية).
النشر: الإذاعة، والإفشاء. والنشر أيضا: خلاف الطيّ. والنشر: الإحياء. وفعل الكلّ كنصر وضرب.
(والبردة والعمامة).
قيل: الأنسب أنّه عطف على الدرع، فيدلّ على جواز العطف على جزء جملة بعد الفصل بجملة اُخرى، والعطف على الراية بعيد. ۲۴
أقول: بل الظاهر أنّها عطف على الراية، فيُراد بنشر البردة خلاف طيّها، وهو كناية عن لبسها وابتذالها، وكذا العمامة، فلا يحتاج إلى التكلّف.
وفي بعض النسخ: «ويتعمّم بالعمامة» بدل «والعمامة».
(ويتناول القضيب بيده) أي يأخذه بها.
(ويستأذن اللّه في ظهوره).
يُقال: استأذنه، أي طلب منه الإذن.
(فيطّلع على ذلك) أي على ظهوره عليه السلام .
(بعض مواليه).
الظاهر عود الضمير إلى الصاحب عليه السلام .
وقيل: الأنسب عوده إلى الحسنيّ المذكور سابقا، وعوده إلى الصاحب بعيد جدّا. ۲۵
أقول: أنت خبير بأنّ الأمر بالعكس.
(فيأتي) ذلك البعض.
(الحسني) مفعول «يأتي».
(فيخبره الخبر) أي يخبر ذلك البعض الحسني خبر ظهور الصاحب عليه السلام .
(فيبتدر الحسني إلى الخروج).
يُقال: ابتدره، أي تسارع إلى أخذه.
(فيثب عليه) أي على الحسني.
(أهل مكّة).
الوثوب: الطفرة. ويطلق على الحملة، والهجوم، والاستيلاء. يُقال: توثّب عليه: إذا استولى ظلما.
(فيقتلونه ويبعثون برأسه) أي يرسلونه.
(إلى الشام). ۲۶
في بعض النسخ: «إلى الشامي».
(فيظهر عند ذلك صاحب هذا الأمر).
روى الصدوق رحمه الله في كتاب كمال الدِّين بإسناده عن أبي بصير، قال: قال أبو جعفر عليه السلام : «يخرج القائم عليه السلام يوم السبت، يوم عاشوراء، اليوم الذي قُتل فيه الحسين عليه السلام ». ۲۷
(ويبعث الشامي عند ذلك جيشا إلى المدينة، فيهلكهم اللّه ـ عزّ وجلّ ـ دونها).
أي قبل الوصول إلى المدينة بالبيداء، يخسف اللّه به وبجيشه الأرض، كما وردت به الأخبار.
(ويقبل) أي يتوجّه.
(صاحب هذا الأمر نحو العراق).
قيل: أي نحو الكوفة مع عصا موسى والحجر الذي انبجست منه اثنتا عشرة عينا، ومنه طعامهم وشرابهم، كما روي. ۲۸
(ويبعث) صاحب هذا الأمر.
(جيشا إلى المدينة) المشرّفة.
(فيأمن أهلها) بنيل الأمان منه عليه السلام .
(ويرجعون إليها) أي إلى المدينة آمنين.

1.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۱۳۹ (خلف).

2.ذهب إليه المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۰۱.

3.الصحاح، ج ۶، ص ۲۵۳۱ (وهي).

4.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۴۰۲ (وهي).

5.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۳۶۵ (سلط) مع التلخيص.

6.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۱۸ (خلع).

7.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۲۴۹ (عنن).

8.ذهب إليه المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۰۱.

9.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۱۵۶.

10.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۱۵۶ مع اختلاف يسير في اللفظ.

11.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۳۰۷ (صيص).

12.الصحاح، ج ۳، ص ۱۰۴۴ (صيص).

13.النهاية، ج ۳، ص ۶۷ (صيص).

14.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۰۱.

15.راجع: الصحاح، ج ۱، ص ۲۹۵ (ورث).

16.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۲۰ (درع).

17.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۱۵۴ (عمم).

18.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۲۷۷ (برد).

19.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۱۱۷ (قضب).

20.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۱۷۴ (لأم) مع اختلاف في اللفظ.

21.المصباح المنير، ص ۵۶۰ (لأم).

22.النهاية، ج ۴، ص ۲۲۰ (لأم).

23.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۰۱.

24.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۰۱.

25.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۰۱.

26.في المتن الذي ضبطه المصنّف رحمه الله سابقا: «الشامي».

27.كمال الدين، ص ۶۵۴، ح ۱۹.

28.الكافي، ج ۱، ص ۲۳۱، باب ما عند الأئمّة من آيات الأنبياء عليهم السلام ، ح ۳؛ كمال الدين، ص ۱۴۳، ذيل ح ۱۰؛ الخرائج والجرائح، ج ۲، ص ۶۹۰.


البضاعة المزجاة المجلد الثالث
204

متن الحديث الرابع والثمانين والمائتين

۰.وَعَنْهُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ سِنَانٍ :عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «لَمْ تَزَلْ دَوْلَةُ الْبَاطِلِ طَوِيلَةً ، وَدَوْلَةُ الْحَقِّ قَصِيرَةً» .

شرح

السند صحيح.
قوله عليه السلام : (لم تزل دولة الباطل طويلة، ودولة الحقّ قصيرة).
قيل: مدّة الباطل وإن كانت قصيرة، ومدّة الحقّ طويلة؛ فإنّ الباطل يزهق، والحقّ يبقى، لكن دولة الباطل و[هي] ظهوره وشيوعه بين الخلق أكثر من دولة الحقّ، وظهوره بينهم؛ لكثرة أهل الباطل، وقلّة أهل الحقّ، فيصير الباطل مشهورا بينهم، والحقّ مغمورا مستورا. ۱

متن الحديث الخامس والثمانين والمائتين

۰.وَعَنْهُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ يَعْقُوبَ السَّرَّاجِ ، قَالَ :قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : مَتى فَرَجُ شِيعَتِكُمْ؟
قَالَ : فَقَالَ : «إِذَا اخْتَلَفَ وُلْدُ الْعَبَّاسِ ، وَوَهى سُلْطَانُهُمْ ، وَطَمِعَ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ يَطْمَعُ فِيهِمْ ، وَخَلَعَتِ الْعَرَبُ أَعِنَّتَهَا ، وَرَفَعَ كُلُّ ذِي صِيصِيَةٍ صِيصِيَتَهُ ، وَظَهَرَ الشَّامِيُّ ، وَأَقْبَلَ الْيَمَانِيُّ ، وَتَحَرَّكَ الْحَسَنِيُّ ، وَخَرَجَ صَاحِبُ هذَا الْأَمْرِ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلى مَكَّةَ بِتُرَاثِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله » .
فَقُلْتُ : مَا تُرَاثُ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ؟
قَالَ : «سَيْفُ رَسُولِ اللّهِ وَدِرْعُهُ وَعِمَامَتُهُ وَبُرْدُهُ وَقَضِيبُهُ وَرَايَتُهُ وَلَامَتُهُ وَسَرْجُهُ حَتّى يَنْزِلَ مَكَّةَ ، فَيُخْرِجَ السَّيْفَ مِنْ غِمْدِهِ ، وَيَلْبَسَ الدِّرْعَ ، وَيَنْشُرَ الرَّايَةَ وَالْبُرْدَةَ وَالْعِمَامَةَ ، وَيَتَنَاوَلَ الْقَضِيبَ بِيَدِهِ ، وَيَسْتَأْذِنَ اللّهَ فِي ظُهُورِهِ ، فَيَطَّلِعُ عَلى ذلِكَ بَعْضُ مَوَالِيهِ ، فَيَأْتِي الْحَسَنِيَّ ، فَيُخْبِرُهُ الْخَبَرَ ، فَيَبْتَدِرُ الْحَسَنِيُّ إِلَى الْخُرُوجِ ، فَيَثِبُ عَلَيْهِ أَهْلُ مَكَّةَ ، فَيَقْتُلُونَهُ وَيَبْعَثُونَ بِرَأْسِهِ إِلَى الشَّامِيِّ ، فَيَظْهَرُ عِنْدَ ذلِكَ صَاحِبُ هذَا الْأَمْرِ ، فَيُبَايِعُهُ النَّاسُ وَيَتَّبِعُونَهُ ، وَيَبْعَثُ الشَّامِيُّ عِنْدَ ذلِكَ جَيْشا إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَيُهْلِكُهُمُ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ دُونَهَا ، وَيَهْرُبُ ۲ يَوْمَئِذٍ مَنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ وُلْدِ عَلِيٍّ عليه السلام إِلى مَكَّةَ ، فَيَلْحَقُونَ بِصَاحِبِ هذَا الْأَمْرِ ، وَيُقْبِلُ صَاحِبُ هذَا الْأَمْرِ نَحْوَ الْعِرَاقِ ، وَيَبْعَثُ جَيْشا إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَيَأْمَنُ أَهْلُهَا وَيَرْجِعُونَ إِلَيْهَا» .

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۲۸۴.

2.في بعض نسخ الكافي: «فتأمن».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید ؛ فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 238508
صفحه از 607
پرینت  ارسال به