219
البضاعة المزجاة المجلد الثالث

البضاعة المزجاة المجلد الثالث
218

متن الحديث التاسع والثمانين والمائتين

۰.الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِدٍ۱، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ غَزْوَانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بُنَانٍ ، عَنْ أَبِي مَرْيَمَ :عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : «قَالَ أَبِي يَوْما وَعِنْدَهُ أَصْحَابُهُ : مَنْ فِيكُمْ ۲ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَأْخُذَ جَمْرَةً فِي كَفِّهِ فَيُمْسِكَهَا حَتّى تَطْفَأَ؟» .
قَالَ : «فَكَاعَ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَنَكَلُوا ، فَقُمْتُ وَقُلْتُ ۳ : يَا أَبَةِ ، أَ تَأْمُرُ أَنْ أَفْعَلَ؟ فَقَالَ : لَيْسَ إِيَّاكَ عَنَيْتُ ، إِنَّمَا أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ بَلْ إِيَّاهُمْ أَرَدْتُ ۴ ، وَكَرَّرَهَا ثَلَاثا ، ثُمَّ قَالَ: مَا أَكْثَرَ الْوَصْفَ وَأَقَلَّ الْفِعْلَ ، إِنَّ أَهْلَ الْفِعْلِ قَلِيلٌ ، إِنَّ أَهْلَ الْفِعْلِ قَلِيلٌ ، أَلَا وَإِنَّا لَنَعْرِفُ أَهْلَ الْفِعْلِ وَالْوَصْفِ مَعا ، وَمَا كَانَ هذَا مِنَّا تَعَامِيا عَلَيْكُمْ بَلْ لِنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ، وَنَكْتُبَ آثَارَكُمْ».
فَقَالَ : «وَاللّهِ لَكَأَنَّمَا مَادَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ حَيَاءً مِمَّا قَالَ حَتّى إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى الرَّجُلِ مِنْهُمْ يَرْفَضُّ عَرَقا مَا يَرْفَعُ عَيْنَيْهِ مِنَ الْأَرْضِ ، فَلَمَّا رَأى ذلِكَ مِنْهُمْ ، قَالَ : رَحِمَكُمُ اللّهُ ، فَمَا أَرَدْتُ إِلَا خَيْرا ، إِنَّ الْجَنَّةَ دَرَجَاتٌ ، فَدَرَجَةُ أَهْلِ الْفِعْلِ لَا يُدْرِكُهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقَوْلِ ، وَدَرَجَةُ أَهْلِ الْقَوْلِ لَا يُدْرِكُهَا غَيْرُهُمْ» .
قَالَ : «فَوَ اللّهِ لَكَأَنَّمَا نُشِطُوا مِنْ عِقَالٍ» .

شرح

السند مجهول.
قوله: (عن محمّد بن مسلم بن أبي سلمة).
كذا في كثير من النسخ، وهو غير مذكور في كتب الرجال. وفي بعضها: «سالم» بدل «مسلم»، وهو الموافق للنجاشي، ۵ ولعلّ ما في الأصل تصحيف.
(من فيكم تطيب نفسه).
يحتمل كون «تطيب» من المجرّد، أو المزيد. وفي القاموس: «طاب يطيب طابا وطيبا: لذَّ، وزكا. وطيّب الشيء: وجده طيّبا، كأطيبه». ۶
(أن يأخذ) أي بأن يأخذ.
(جمرة في كفّه فيمسكها حتّى تطفأ) تلك الجمرة.
قال في القاموس: «الجمرة: النار المتّقدة. الجمع: جمر». ۷
وقال: «الكفّ: اليد». ۸
وقال: «طفئت النار ـ كسمع ـ طفوء: ذهب لهبها، كانطفأت». ۹
وإنّما كلّفهم عليه السلام بذلك؛ ليبلوهم في قوّة إيمانهم، وضعفه بإطاعتهم، مثل تلك التكاليف، أو عصيانهم.
(قال) أبو جعفر عليه السلام : (فكاع الناس كلّهم ونكلوا).
في القاموس: «كِعْتُ عنه أكيع وأكاع كيعا وكيعوعة: إذا هِبْته، وجبنت عنه». ۱۰
وقال: «نكل عنه ـ كضرب، ونصر، وعلم ـ نكولاً: نكص، وجبن». ۱۱
(ثمّ قال: ما أكثر الوصف وأقلّ الفعل) أي الواصف نفسه بالإيمان والصلاح ومتابعة أئمّة الحقّ كثير، ولكن العامل بلوازمها يسير، وليس ذلك إلّا لعدم رسوخهم فيما ذكر، بل يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم، ولم يعلموا أنّ نور الإيمان والمحبّة يطفئ نار الجمرة، بل نيران الخطيئة والزلّة.
(ألا وإنّا لنعرف أهل الفعل والوصف معا).
الظاهر أنّ قوله: «معا» قيدٌ للفعل والوصف، أي المتّصف بهما جميعا.
وقيل: قيد لمعرفتهما؛ لإفادة أنّ معرفة أحدهما لا يمنع معرفة الآخر، فإنّ العلم الحصولي إذا كمل يصير بمنزلة العلم الحضوري. ۱۲
ثمّ أكّده بقوله: (وما كان هذا)، أي التكليف بإمساك الجمرة.
(منّا تعاميا عليكم).
قيل: أي جهلاً منّا بأحوالكم الماضية والحاضرة والآتية، وطلبا لحصول العلم؛ إذ هي معلومة لنا. ۱۳
قال الجوهري: «العمى: ذهاب البصر. وتعامى [الرجل]: أرى من نفسه ذلك». ۱۴
(بل لنبلو أخباركم).
قيل: أي لنختبر أحوالكم وأخباركم من الإيمان والطاعة وموالاتكم لنا. ۱۵
وقيل: ما يخبر به عن أعمالكم، أو ما تخبرون أنتم عن إيمانكم. ۱۶
(ونكتب آثاركم).
في القاموس: «الأثر ـ محرّكة ـ : بقيّة الشيء. والجمع: آثار، وأثور، والخبر. والآثار: الأعلام. والأثر: نقل الحديث وروايته». ۱۷
أقول: لعلّ المراد بالآثار هنا الأعمال الحسنة أو السيّئة، ويحتمل تخصيص الأخبار بالأعمال الصادرة حال الحياة، والآثار بما يبقى أثره بعد الممات. ولعلّ المراد بالكتابة الحفظ والضبط، أو العلم والمعرفة. قال الجوهري: «الكاتب عندهم: العالم، قال اللّه تعالى: «أَمْ عِنْدَهُمْ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ»۱۸ ». ۱۹
ويحتمل أن يُراد بها الحظّ، أي تصير سببا ومنشأً لكتابة أعمالكم.
وبالجملة: المراد بالاختبار والامتحان هنا ظهور قابليّة هؤلاء لأنفسهم، لا للأئمّة عليهم السلام ، بقرينة قوله عليه السلام : (وما كان هذا منّا تعاميا عليكم).
وهنا احتمال آخر وهو: أن يكون المراد بنفي التعامي الإشعار بأنّ مثل تلك التكاليف لا يصدر عنهم عليهم السلام سفها وعبثا، بل لحكمة ومصلحة، وهي اختبار أخبارهم، وكتابة آثارهم.
(فقال) أبو جعفر عليه السلام : (واللّه لكأنّما مادت بهم الأرض).
الميد: التحرّك، والاضطراب، والتمايل. يُقال: مادت الأغصان، أي تمايلت. وهنا كناية عن تزلزلهم، وشدّة حالهم، كأنّ الأرض تنقلب، أو تزلزل بهم.
(حياءً ممّا قال).
قيل: الحياء: تغيّر وانكسار تلحق من فعل ما يذمّ به، أو تركه، وهو هاهنا حصل لهم ممّا قال عليه السلام من كثرة الوصف وقلّة الفعل، وهو في الحقيقة ذمّهم بأنّهم ليسوا من أهل الفعل، فحصل لهم انقباض واضطراب، ويأسهم من كونهم من أهل الجنّة؛ لما فهموا من أنّ أهل الجنّة أهل الفعل. ۲۰
(حتّى إنّي لأنظر إلى الرجل منهم).
الظاهر أنّ المراد كلّ واحد منهم.
(يرفض عرقا).
قال الجوهري: «رفض الدمع: ترشش». ۲۱
وقال في النهاية: «ارفض عرقا، أي جرى عرقه وسال». ۲۲
(ما يرفع عينيه من الأرض).
من غاية الحيرة، ونهاية الدهشة الحاصلة من الاستحياء، فلمّا رأى عليه السلام ذلك منهم ترحّم بهم.
(قال: رحمكم اللّه ، فما أردت إلّا خيرا).
أي ما أردت ممّا قلت: إنّ أهل الوصف وأهل الفعل في الجنّة، كما أشار إليه بقوله: (إنّ الجنّة درجات).
(قال: فواللّه لكأنّما أنشطوا من عقال).
في بعض النسخ: «نشطوا».
قال في النهاية:
في حديث السحر: فكأنّما أنشط من عقال؛ أي حلّ. وقد تكرّر في الحديث وكثيرا ما يجيء في الرواية: كأنّما نشط من عقال. وليس بصحيح؛ يقال: نشطت العقدة: إذا عقدتها. وأنشطتها: إذا حللتها. ۲۳
وقال الجوهري: «عقلت البعير أعقله عقلاً، وهو أن تثنّى وظيفه مع ذراعه، فتشدّهما جميعا في وسط الذراع، وذلك الحبل هو العقال. الجمع: عقل». ۲۴
والحاصل أنّه عليه السلام لمّا بشّرهم بذلك حصل لهم الانبساط والسرور، وحلّ عنهم عقد اليأس والقنوط.

1.في بعض نسخ الكافي و الطبعة القديمة: «سعيد».

2.في كلتا الطبعتين: «منكم».

3.في أكثر نسخ الكافي والوافي: «فقلت».

4.في بعض نسخ الكافي والطبعة القديمة والوافي: + «قال».

5.اُنظر: رجال النجاشي، ص ۳۲۲، الرقم ۸۷۷؛ و ص ۳۶۲، الرقم ۹۷۴.

6.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۹۸ (طيب) مع التلخيص.

7.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۳۹۳ (جمر).

8.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۱۹۰ (كفف).

9.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۲۲ (طفأ).

10.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۸۱ (كيع).

11.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۶۰ (نكل).

12.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۰۴.

13.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۰۴.

14.الصحاح، ج ۶، ص ۲۴۳۹ (عمى).

15.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۰۵ مع اختلاف في اللفظ.

16.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۱۶۱.

17.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۳۶۲ (أثر) مع التلخيص.

18.. الطور (۵۲): ۴۱.

19.الصحاح، ج ۱، ص ۲۰۸ (كتب).

20.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۰۵ مع اختلاف في اللفظ.

21.اُنظر: الصحاح، ج ۳، ص ۱۰۷۹ (رفض).

22.النهاية، ج ۲، ص ۲۴۳ (رفض) مع التلخيص.

23.النهاية، ج ۵، ص ۵۷ (نشط).

24.الصحاح، ج ۵، ص ۱۷۷۱ (عقل).

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید ؛ فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 238442
صفحه از 607
پرینت  ارسال به