227
البضاعة المزجاة المجلد الثالث

البضاعة المزجاة المجلد الثالث
226

متن الحديث الثاني والتسعين والمائتين

۰.وَبِهذَا الْاءِسْنَادِ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْبَصْرِيِّ ، قَالَ :سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام يَقُولُ : «تَقْعُدُونَ فِي الْمَكَانِ ، فَتُحَدِّثُونَ وَتَقُولُونَ مَا شِئْتُمْ، وَتَتَبَرَّؤُونَ ۱ مِمَّنْ شِئْتُمْ ، وَتَوَلَّوْنَ مَنْ شِئْتُمْ؟» قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : «وَهَلِ الْعَيْشُ إِلَا هكَذَا» .

شرح

الظاهر أنّ إسماعيل البصري هو إسماعيل بن الفضل بن يعقوب الهاشميّ الثقة، فالسند موثّق.
(وهل العيش إلّا هكذا).
فيه ترغيب في المجالسة والمخالطة والمحادثة بما يتعلّق بفضائل أهل البيت عليهم السلام ، ورذائل مخالفيهم، والتولّي لأهل الولاية، والتبرّي عن أهل الغواية.

متن الحديث الثالث والتسعين والمائتين

۰.حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ وُهَيْبِ بْنِ حَفْصٍ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ :سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام يَقُولُ : «رَحِمَ اللّهُ عَبْدا حَبَّبَنَا إِلَى النَّاسِ وَلَمْ يُبَغِّضْنَا إِلَيْهِمْ ، أَمَا وَاللّهِ لَوْ يَرْوُونَ مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَكَانُوا بِهِ أَعَزَّ ، وَمَا اسْتَطَاعَ أَحَدٌ أَنْ يَتَعَلَّقَ عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ ، وَلكِنْ أَحَدُهُمْ يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ ، فَيَحُطُّ إِلَيْهَا ۲ عَشْرا» .

شرح

السند موثّق.
قوله عليه السلام : (حبّبنا إلى الناس ولم يبغّضنا إليهم).
يُقال: حبّبني إليه، أي جعلني بحيث يحبّني.
وقيل: المراد بالناس المخالفون وأصحاب الدولة الباطلة، ولابدّ للمؤمن في حفظه وحفظ إمامه إن تكلّم عندهم في اُمور الدِّين، من أن يتكلّم بما يوجب حبّهم لا بغضهم وعداوتهم؛ فإنّ فيه هلاكه وهلاك إمامه، انتهى. ۳
أقول: لا وجه لتخصيص الناس بالمخالفين، كما لا يخفى.
(أما واللّه لو يروون محاسن كلامنا) أي يروونه على وجهه، ولا يغيّرونه بالزيادة والنقصان.
قال الجوهري: «الحسن: نقيض القبح. والجمع: محاسن، على غير قياس، كأنّه جمع محسن». ۴
أقول: يحتمل كون إضافة المحاسن إلى الكلام من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف، أو بيانيّة، والحمل للمبالغة فيهما.
وقيل: يحتمل كونها بتقدير «في». ۵
واعلم أنّ كلمة «لو» اختصّت من بين حروف الشرط بعدم انجزام المضارع بها، سواء كان للشرط، أو للتمنّي، أو للوصل؛ لأنّها تدخل غالبا على الماضي لفظا أو معنىً، فلو وقع المضارع بعدها صورة، فهو بحكم الماضي. قال ابن مالك:
وإنّ مضارع تلاها صُرِفاإلى المضيّ نحو لو يفي كفى۶
وقال عزّ وجلّ: «لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ»۷ الآية، وقال: «وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّه ُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ»۸ ، وقال: «وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ»۹ ، وقال: «وَلَوْ تَرَى»۱۰ .
وبهذا ظهر فساد ما قيل من أنّ عدم انجزام «يروون» ب«لو» في هذا الخبر، على مذهب من قد لا يجزم بها، ۱۱ فتأمّل.
(لكانوا به) أي بذلك الكلام المروي على وجهه، أو بروايته (أعزّ) عند الناس؛ لاشتمالهم عليهم السلام على لطائف البلاغة وأسرارها، ومتضمّنا لغوامض الحكم ومصالحها، فحيث يؤدّي على وجهه يوجب اعتراف الناس بفضلهم وحبّهم إيّاهم، أو لتضمّنه وجوها ومحامل على وجه لا يترتّب عليه الفساد.
وعلى الثاني يكون قوله عليه السلام : (وما استطاع أحد أن يتعلّق عليهم بشيء) تفسيرا وبيانا للسابق؛ إذ ليس في كلامهم ما يوجب طعن الناس صريحا، بل قد يكون له وجوه يمكن التخلّص بها.
(ولكن أحدهم) أي أحد الرّواة الحاملين للحديث.
(يسمع الكلمة) أي كلمة واحدة.
(فيحطّ) أي يزيد ويضيف.
(إليها عشرا) من عند نفسه.
والحطّ في الأصل: الوضع، والإسقاط، والإنزال. يُقال: حطَّ عنه، أي أسقط، وأطرح. وحطّ إليه، أي أنزل إليه، وأضاف. ومثل هذا الكلام من المشهورات المبتذلة بين الأنام.
وقال بعض الشارحين:
ذلك التغيير قد يقع عمدا لغرض من الأغراض، وقد يقع سهوا، وقد يقع باعتبار فهم المخاطب من كلام له وجوه. ونقل ما هو المقصود منها كما إذا قال عليه السلام : لعن اللّه الأوّل، فيروى أنّه قال: لعن اللّه أبا بكر. قال: وينبغي أن يعلم أنّ كلامهم عليهم السلام قسمان؛ قسمٌ من باب الأسرار، فلا يجوز نقله لغير أهله أصلاً، وقسمٌ يجوز نقله مطلقا، وهذا القسم ينبغي نقله عندهم على الوجه المسموع من غير تغيير يوجب طعنهم. والمراد بالكلام هنا هو هذا القسم، وهو لكونه من الحكيم، غير مشتمل على ما يوجب طعنهم. والمراد بالكلام هنا هو هذا القسم، وبغضهم صريحا، انتهى. ۱۲
وفي بعض النسخ: «فيحطّ لها عشرا». ولعلّ اللّام بمعنى «إلى». وقيل على هذه النسخة: يحتمل معنى آخر بأن يكون الضمير في قوله: «أحدهم» راجعا إلى الناس، أي العامّة، أي يسمع أحدهم الكلمة الرديّة ممّا أضافه الراوي إلى كلامنا، فيصير سببا لأن يحطّ ويطرح عشرا من كلامنا بسببها، ولا يقبلها لانضمام تلك الكلمة إليها. ۱۳
أقول: يمكن حمل نسخة الأصل أيضا على هذا المعنى، لكن بنوع من التقريب.

1.في بعض نسخ الكافي والوافي: «وتبرّؤون».

2.في بعض نسخ الكافي: «لها». وفي بعضها: «بها» وفي بعضها: «عليها».

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۰۷.

4.الصحاح، ج ۵، ص ۲۰۹۹ (حسن).

5.ذهب إليه المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۰۷.

6.شرح ابن عقيل، ج ۲، ص ۳۸۸.

7.. التوبة (۹): ۵۷.

8.. النحل (۱۶): ۶۱.

9.. النساء (۴): ۸۹.

10.. الأنعام (۶): ۲۷.

11.قاله العلّامة المجلسي رحمه اللهفي مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۱۶۳.

12.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۰۷.

13.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۱۶۴.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید ؛ فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 238493
صفحه از 607
پرینت  ارسال به