269
البضاعة المزجاة المجلد الثالث

متن الحديث الثاني عشر والثلاثمائة

۰.ابْنُ مَحْبُوبٍ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ :عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام ، قَالَ : «لَا حَسَبَ لِقُرَشِيٍّ وَلَا لِعَرَبِيٍّ إِلَا بِتَوَاضُعٍ ، وَلَا كَرَمَ إِلَا بِتَقْوى ، وَلَا عَمَلَ إِلَا بِالنِّيَّةِ ، وَلَا عِبَادَةَ إِلَا بِالتَّفَقُّهِ ، أَلَا وَإِنَّ أَبْغَضَ النَّاسِ إِلَى اللّهِ مَنْ يَقْتَدِي بِسُنَّةِ إِمَامٍ وَلَا يَقْتَدِي بِأَعْمَالِهِ» .

شرح

السند حسن.
قوله: (لا حسب لقرشيّ).
منسوب إلى قبيلة قريش بغير قياس، وقد جاء قريشي أيضا على القياس.
قال الجوهري:
الحسب: ما يعدّه الإنسان من مفاخر آبائه، ويُقال: حَسَبُهُ دينهُ، ويُقال: ماله، والرجل حسيبٌ. وقد حَسبَ ـ بالضمّ حسابة ـ مثل [خطب] خطابة. قال ابن السكيت: الحسب والكرم يكونان في الرجل وإن لم يكن له آباء لهم شرف، قال: والشرف والمجد لا يكونان إلّا بالآباء. ۱
(ولا لعربيّ) تعميم بعد التخصيص.
(إلّا بتواضع) أي تذلّل وتخاشع للّه ولرسوله وأوليائه، والتسليم لأوامره، والانقياد لأحكامه، فمن تواضع لهم رفعه اللّه ، فهو رفيع شريف؛ ومَن تكبّر عليهم وضعه اللّه ، فهو وضيع خسيس.
(ولا كرم إلّا بتقوى).
الكرم ـ محرّكة ـ : ضدّ اللؤم. والتقوى: اسم من الاتّقاء، وهو الحذر.
(ولا عمل إلّا بالنيّة) أي لا يقبل العمل إلّا بتخليص النيّة للّه ، والإعراض عن الأغراض الفاسدة. أو المراد: أنّه لا يجزي عمل إلّا بالنيّة وتخليصها من الرِّياء، وأمثالها من المفسدات؛ لأنّ عمل القلب والجوارح تابع للنيّة، فإن صحّت صحَّ، وإن فسدت فسد.
(ولا عبادة إلّا بالتفقّه)؛ لأنّ الإتيان بالعبادة المطلوبة شرعا لا يتيسّر إلّا بمعرفة حقيقتها والتفقّه في أحكامها.
قال الجوهري: «الفقه: الفهم، ثمّ سمّي ۲ به علم الشريعة، والعالم به فقيه. وتفقّه: إذا تعاطى ذلك». ۳
(ألا وأنّ أبغض الناس إلى اللّه من يقتدي) أي يتّبع (بسنّة إمام) أي بسيرته وطريقته.
(ولا يقتدى بأعماله) ولا يعمل بشريعته.
والحاصل: أنّه لا يكفيه أن يقول: اُحبّ عليّا وأتولّاه، ثمّ لا يكون عاملاً بما عمله عليّ عليه السلام .

1.الصحاح، ج ۱، ص ۱۱۰ (حسب).

2.في المصدر: «خصّ».

3.الصحاح، ج ۶، ص ۲۲۴۳ (فقه).


البضاعة المزجاة المجلد الثالث
268

شرح

السند حسن.
قوله عليه السلام : (ثلاث هنّ فخر المؤمن).
في القاموس: «الفخر ـ ويحرّك ـ : التمدّح بالخصال كالافتخار» ۱ انتهى.
وقيل: ادّعاء الكبر، والعظم، والشرف. ۲
ولعلّ المراد أنّه يترتّب على تلك الثلاث فوائد الافتخار والثمرات المترتّبة عليها من الشرف والعزّة ونحوهما، كما يفهم من قوله عليه السلام : (وزينه في الدُّنيا والآخرة)، لا أنّ المؤمن يفتخر بتلك الخصال؛ لأنّ الافتخار مذموم مطلقا.
وقيل: لعلّ المراد أنّ الثلاثة زينة كاملة للمؤمن، صالحة للفخر بها، لو جاز الفخر، ولو ذكرها المؤمن من حيث إنّها نِعَم جليلة أعطاه اللّه إيّاها ووفّقه لها، فهو جائزٌ، بل هو شكرٌ، كما قال سيّد المرسلين صلى الله عليه و آله : «أنا سيّد ولد آدم، ولا فخر» ۳ أي لا أقوله تكبّرا وتعظّما، بل شكرا وتحدّثا بنعمته تعالى.
(الصلاة في آخر الليل).
الظاهر أنّ المراد بها نافلة الليل، ويحتمل الأعمّ.
(ويأسه ممّا في أيدي الناس) كناية عن التوسّل إلى الحقّ، وقطع الطمع عن الخلق، والاستغناء عنهم.
قال الفيروزآبادي: «اليأس: القنوط، ضدّ الرّجاء، أو قطع الأمل». ۴
(وولايته الإمام من آل محمّد صلى الله عليه و آله ).
قال الجوهري:
الوِلاية ـ بالكسر ـ : السلطان. عن ابن السكّيت: الوَلاية والوِلاية: النصرة. يُقال: هم على ولاية، أي مجتمعون على النصرة. قال سيبويه: الولاية بالفتح المصدر والولاية بالكسر [الاسم] مثل الإمارة والنقابة لأنّه اسم لما تولّيته وقمت به، فإذا أرادوا المصدر فتحوا. ۵
(وثلاثة هم شرار الخلق).
الشرار ـ بالكسر ـ : جمع الشرّير، وهو كثير الشرّ. ولعلّ تخصيص الثلاثة بالذِّكر؛ لأنّهم أهل المقاتلة والمحاربة، فتأمّل.
(ابتُلي بهم خيار الخلق).
المستتر في «ابتلي» راجع إلى اللّه بقرينة المقام، أي اختبر وامتحن بتلك الثلاث خيار خلقه؛ ليظهر أنّهم كيف يصبرون على الأذى في سبيل اللّه .

1.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۱۰۸ (فخر) مع التلخيص.

2.قاله ابن الأثير في النهاية، ج ۳، ص ۴۱۸ (فخر).

3.وسائل الشيعة، ج ۲۵، ص ۲۳، الباب ۱۰، ح ۳۱۰۳۸.

4.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۲۶۰ (يأس) مع التلخيص.

5.الصحاح، ج ۶، ص ۲۵۳۰ (ولى) مع التلخيص واختلاف يسير في اللفظ.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید ؛ فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 238451
صفحه از 607
پرینت  ارسال به