شرح
السند ضعيف.
قوله: (قال: إنّ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ خلق نجما في الفلك السابع).
الظرف متعلّق ب«خلق»، أو صفة لقوله «نجما». والظاهر أنّه زحل؛ لكونه في الفلك السابع، ولقوله عليه السلام : «وهو نجم الأنبياء» كما سيأتي.
روى الصدوق رحمه الله في الخصال، والشيخ الطبرسي في كتاب الاحتجاج عن أبي عبداللّه عليه السلام ، في حديث اليماني، إلى أن قال: فقال أبو عبداللّه عليه السلام : «فما زحل عندكم في النجوم؟» فقال اليماني: نجمٌ نحس، فقال أبو عبداللّه عليه السلام : «لا تقُل هذا؛ فإنّه نجم أمير المؤمنين عليه السلام ، وهو نجم الأوصياء، وهو النجم الثاقب الذي قال اللّه في كتابه» الحديث. ۱
(فخلقه من ماءٍ بارد).
قيل: إذا كان الماء أصل كلّ شيء من الأجسام ـ كما مرّ ـ لم يبعد ذلك، ويمكن أن يكون كناية عن لينة طبعه ولطفه بالسفليّات، ۲ انتهى.
(وسائر النجوم الستّه الجاريات) أي السيّارات.
(من ماءٍ حارّ).
فيه دلالة على أنّ طبيعة زحل بارد رطب، وسائر السيّارات حارّ رطب، وأنّ المنجّمين أخطأوا في طبايعها؛ فإنّ زحل على مذهبهم بارد يابس، والمشتري حارّ رطب، والمريّخ حار يابس، وكذا الشمس، والزهرة بارد رطب، وعطارد معتدل، والقمر بارد رطب.
(وهو نجم الأنبياء والأوصياء، وهو نجم أمير المؤمنين عليه السلام ).
فيه دلالة على أنّ أهل التنجيم أخطأوا في المنسوبين إلى السيّارات أيضا؛ فإنّهم ينسبون الدهاقين والضياع والعقار على زحل، وأئمّة الدِّين والقضاة والصدور إلى المشتري.
(يأمر بالخروج من الدُّنيا) أي باستعداد الخروج منها، وعدم الرغبة في نعيمها وزخارفها. فقوله: (والزهد فيها) تفسير وبيان للخروج منها.
(ويأمر بافتراش التراب) أي يجعله فراشا للقعود والنوم عليها. قال الفيروزآبادي: «افترشه: وطئه. وذراعيه: بَسَطَهُما على الأرض». ۳
وفي بعض النسخ: «الثرى» بدل «التراب». قال: «الثرى: التراب النديّ». ۴
(وتوسّد اللّبن) الوسادة ـ مثلّثة ـ : المتّكأ، والمخدّة. وتوسّده، أي جعله وسادة.
قال الجوهري: «اللبنة: التي يبنى بها. والجمع: لبن، مثال كلمة وكلم. قال ابن السكيت: ومن العرب من يقول: لبنَة ولِبْن، مثل لبْدة ولِبْد». ۵
وفي القاموس: «اللِبَن ـ ككتف ـ : المضروب من الطين مربّعا، وكإبل لغةً». ۶
(ولباس الخشن).
اللباس ـ بالكسر ـ : ما يلبس.
والخشن ـ ككتف ـ : الغليظ، من الخشونة، وهي ضدّ اللّين.
(وأكل الجشب).
في القاموس: «جشب الطعام ـ كنصر وسمع ـ فهو جَشْب وجَشِب، أي غليظ، أو بلا أَدْم». ۷
قال بعض الأفاضل:
لعلّ المراد بأمره بالاُمور المذكورة أنّ من ينسب إليه هكذا حاله، أو أنّ من كان هذا الكوكب طالع ولادته يكون كذلك، أو المنسوبون إلى هذا الكوكب يأمرون بذلك. ۸
وقال بعض الشارحين:
أمره للناس بما ذكر إمّا بالتأثير في المستعدّين الراغبين في الآخرة، أو بالقول وسماع الكاملين له، وإخبارهم عليهم السلام به، يكفي في لزوم التصديق به [لو كان النقل صحيحا]، وكونه نجم الأنبياء باعتبار أنّ تأثيره لهم وسماعهم لأمره أظهر، هذا ويمكن أن يُراد به النبيّ صلى الله عليه و آله ، وحينئذٍ جميع ما ذكر ظاهر، ويؤيّده ما روي عن أبي عبداللّه عليه السلام في قوله تعالى: «وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ»۹ ، قال: «النجم رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، والعلامات هم الأئمّة عليهم السلام » ۱۰ انتهى، فتأمّل. ۱۱
(وما خلق اللّه نجما أقرب إلى اللّه منه).
يدلّ على ما سبق على خطأ أهل التنجيم في سعود الكواكب ونحوسها أيضا؛ فإنّ زحل عندهم نحس مطلقا. وما قيل من أنّه مطابق لما يراه المنجِّمون من نحوسة زحل، وذلك لأنّ نظرهم مقصور على النشأة الفانية، والدُّنيا والآخرتان ضرّتان لا تجتمعان، ۱۲ ففساده من أن يحتاج إلى البيان.
1.الخصال، ص ۴۸۹، ح ۶۸؛ الاحتجاج، ج ۲، ص ۱۰۱.
2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۵۵.
3.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۲۸۳ (فرش).
4.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۳۰۸ (ثرى).
5.الصحاح، ج ۶، ص ۲۱۹۲ (لبن) مع التلخيص.
6.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۲۶۵ (لبن) مع التلخيص.
7.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۴۶ (جشب) مع التلخيص.
8.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۲۴۳.
9.. النحل (۱۶): ۱۶.
10.الكافي، ج ۱، ص ۲۰۶، ح ۱.
11.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۵۶.
12.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۲۴.