43
البضاعة المزجاة المجلد الثالث

متن الحديث التاسع والعشرين والمائتين

۰.مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيى ، عَنْ أَخِيهِ الْعَلَاءِ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْحَسَنِ الْمُتَطَبِّبِ ، قَالَ :قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : إِنِّي رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ ، وَلِيَ بِالطِّبِّ بَصَرٌ ، وَطِبِّي طِبٌّ عَرَبِيٌّ ، وَلَسْتُ آخُذُ عَلَيْهِ صَفَدا . فَقَالَ : «لَابَأْسَ» .
قُلْتُ : إِنَّا نَبُطُّ الْجُرْحَ ، وَنَكْوِي بِالنَّارِ؟ قَالَ : «لَا بَأْسَ» .
قُلْتُ : وَنَسْقِي هذِهِ السُّمُومَ الْأَسْمَحِيقُونَ وَالْغَارِيقُونَ؟ قَالَ : «لَا بَأْسَ» .
قُلْتُ : إِنَّهُ رُبَّمَا مَاتَ؟ قَالَ : «وَإِنْ مَاتَ» .
قُلْتُ : نَسْقِي عَلَيْهِ النَّبِيذَ؟
قَالَ : «لَيْسَ فِي حَرَامٍ شِفَاءٌ ، قَدِ اشْتَكى رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ : بِكَ ذَاتُ الْجَنْبِ ، فَقَالَ : أَنَا أَكْرَمُ عَلَى اللّهِ مِنْ أَنْ يَبْتَلِيَنِي بِذَاتِ الْجَنْبِ» قَالَ : «فَأَمَرَ ، فَلُدَّ بِصَبِرٍ» .

شرح

السند مجهول وضعيف.
قوله: (عن إسماعيل بن الحسن المتطبّب).
العلاء وإسماعيل مجهولان.
وقال الفيروزآبادي:
الطبّ ـ مثلّثة الطّاء ـ : علاج الجسم والنفس، يطبّ ويطبّب، وبالفتح، أي هو الحاذق بعلمه كالطبيب. والمتطبّب: المتعاطي علم الطبّ. ۱
(ولي بالطبّ بصر).
أي علمٌ وبصيرة. قال في القاموس:
البصر ـ محرّكة ـ : حسّ العين. ومن القلب: نظره، وخاطره. وبَصُرَ ـ ككرم وفرح ـ بَصَرا وبصارة، ويكسر: صار مُبصِرا. والبصير: المُبصِر، والعالم. وبالهاء: عقيدة القلب، والفطنة. ۲
(وطبّي طبٌّ عربيّ).
قيل: الغرض من هذا الكلام إشعاره بكونه ماهرا بمعنى الأدوية المعروفة بين مَهَرة العرب. ۳
(ولستُ آخذ عليه صفدا).
قال الجوهري: «الصَفَد ـ بالتحريك ـ : العطاء. والصَّفد: الوِثاق». ۴ والمراد به هنا الأخير إمّا مطلقا أو مع الشرط.
(قلت: إنّا نبطّ الجرح).
بطُّ الجراحة: شقّها، وفعله كذا.
وقال الجوهري: «جرحه جرحا، والاسم: الجرح بالضمّ، والجمع: جروح». ۵
(ونكوي بالنار).
في القاموس: «كواه يكويه كيّا: أحرق جلده بحديدة ونحوها، وهي الكِواة». ۶
(قال: لا بأس).
قيل: نفى البأس من الكيّ مقيّد بما إذا ظنّت منفعته ودعت إليه الحاجة، والنهي عنه في بعض المواضع هو إذا وجد عنه غنى، وينبغي أن يؤخّر العلاج به حتّى تدعو الضرورة إليه لما فيه من استعجال الألم الشديد في دفع ألم قد يكون أضعف منه، ومن المشهور: «آخر الدواء الكيّ».
(قلت: ونسقي هذه السموم الأسمحيقون).
كذا في نسخ الكتاب، ولم نره في كتب اللغة. وأمّا في كتب الطبّ: «الأصطمخيقون» من الحبوبات المركّبة، دواء نافع للأمراض البلغميّة والسوداويّة، ومفتح للقولنج. ولعلّ ما في نسخ الكتاب تصحيف.
(والغاريقون).
في القاموس:
غاريقون أو أغاريقون: أصل نبات أو شيء يتكوّن في الأشجار المسوّسة، ترياق للسموم، مفتح مسهّل للخلط الكدر، مفرّح صالح للنساء والمفاصل، ومن عتق عليه، لا يلسعه عقرب. ۷
(قال: وإن مات).
قيل: فيه تجويز للطبيب الحاذق علما [و عملاً] في المعالجة وإن انجرّت إلى الموت، لكن بشرط تشخيص المرض وسببه، مع عدم التقصير في تحقيق أحوال المريض واستعماله الأدوية على القوانين المعتبرة، ولا ينافي الجواز ضمانه المشهور بين الأصحاب، وتفصيل الاختلاف في الضمان ومواضع عدمه في كتب الفروع. ۸
(قلت: فسقى عليه النبيذ).
لعلّ كلمة «على» زائدة، والضمير عائد إلى المريض.
وفي القاموس: سقاه يسقيه وأسقاه وسقّاه». ۹
والنبيذ: ما نبُذ من عصير ونحوه من الأشربة المسكرة، سواء اتّخذ من التمر أو الزبيب أو العسل أو النارجيل أو غيرها. وقال في النهاية: «يُقال للخمر المتّخذ ۱۰ من العنب نبيذ، كما يقال للنبيذ خمر». ۱۱
(قال: ليس في حرام شفاء).
ظاهره منع التداوي بالمحرم مطلقا أكلاً وشربا وطلاءً وضمادا واستحالاً، مفردا أو مركّبا، اختيارا أو اضطرارا. ويؤيّده كثير من الأخبار، منها ما روي: «أنّ اللّه تعالى لم يجعل في شيء ممّا حرّم اللّه دواء ولا شفاء». ۱۲ و«أنّ من اكتحل بميل من مسكر كحّله اللّه بميل من نار». ۱۳ ولكن مذهب كثير من الأصحاب جوازه اضطرارا، وحملوا أخبار المنع على الاختيار، وحملها بعضهم على طلب الصحّة لا طلب السلامة من التلف.
وقيل: الرواية دلّت على أنّه ليس فيما اتّصف بالحرمة شفاء، والحرام عند الضرورة وكونه دواء ليس بحرام، بل هو حينئذٍ حلال. ۱۴
وهذا القول مع كون قائله غير معلوم بعيد جدّا؛ لأنّ الأخبار صريحة في منع استعماله للتداوي.
وقال العلّامة في كتاب الإرشاد:
يباح للمضطرّ، وهو خائف التلف لو لم يتناول، أو المرض، أو عسر علاجه، أو الضعف عن مصاحبة الرفقة مع خوف العطب عند التخلّف، أو من الركوب المؤدّي إلى الهلاك، تناول كلّ المحرّمات إلّا الباغي، وهو الخارج على الإمام والعادي، وهو قاطع الطريق.
ثمّ قال:
ولا يجوز التداوي بشيء من الأنبذة ولا بشيء من الأدوية معها شيء من المسكر، أكلاً وشربا، ويجوز عند الضرورة التداوي به للعين. ۱۵
أقول: كان كلامه الأخير استثناء عن الأوّل.
وقال بعض الأفاضل:
الظاهر أنّ كلامه الثاني لكونه دالّاً على عدم جواز استعماله أكلاً وشربا عند الضرورة في غير العين، ينافي الأوّل لدلالته على جواز تناول كلّ المحرّمات عند الضرورة من غير فرق بين الخمر وغيرها من المحرّمات، والقول بأنّه رجوع عن الأوّل بعيد، وحمل كلّ المحرّمات على غير الأنبذة أبعد، انتهى. ۱۶
وعلى ما قلنا فلا إشكال. وقال الشهيد الثاني:
جواز تناول المحرّمات غير الخمر عند الاضطرار موضع وفاق، وأمّا الخمر فقد قيل بالمنع مطلقا. وقيل بالجواز مع عدم قيام غيرها مقامها وهو ظاهر عبارة العلّامة في الإرشاد، انتهى. ۱۷
وقيل: كأنّه أراد بهما العبارة الاُولى، فتأمّل. ۱۸
ومصرّح الدروس جواز استعمالها للضرورة مطلقا. ۱۹
(قد اشتكى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ).
قال الجوهري:
شكوت فلانا: إذا أخبرت عنه بسوء فعله بك. واشتكيته، مثل شكوته، واشتكى عضوا من أعضائه، وتشكّى بمعنى. ۲۰
قيل: لعلّه استشهاد للتداوي بالدواء المرّ. ۲۱
(فقالت له عائشة: بك ذات الجَنب).
هو ورم في الغشاء المستبطن لأضلاع الصدر الملبس عليها من داخل الصدر؛ فإنّ الصدر مركّب من أربعة عشر ضلعا، من كلّ جانب سبعة، وبين كلّ اثنين منهما عضل به يكون انبساط الصدر وانقباضه؛ فإنّه يحيط بهذه الأضلاع والعضلات كما تدور وتنحني من داخل غشاء واحد، فإذا عرض في هذا الغشاء ورم سمّاه الأطبّاء بذات الجَنب الخالص والصحيح، أو ورم في الحجاب الحاجز بين آلات الغذاء وآلات النَفَس، إمّا في الجانب الأيمن منهما، إمّا في الجانب الأيسر، أو في الجانبين جميعا، لكن هذا الأخير يعدمه من أقسام ذات الصدر، وقد يحدث هذا الورم في العضلات التي بين الأضلاع، وفي الغشائيّة المجلّل للأضلاع من خارج، إمّا بمشاركته الجلد، أو بغير مشاركته، ويسمّى هذا القسم بذات الجَنب الغير الخالص والغير الصحيح.
(فقال: أنا أكرم على اللّه من أن يبتليني بذات الجنب)
قيل: لعلّه لاستلزام ذلك المرض من اختلال العقل وتشوّش الدماغ غالبا. ۲۲
وقيل: لأنّ هذه العلّة قاتلة، أو لأنّه عليه السلام أطهر من أن يُبتلى بها ويتدنّس بقيحها، أو لغير ذلك.
(قال) الصادق عليه السلام : (فأمر) رسول اللّه صلى الله عليه و آله (فَلُدَّ بصبر).
«لُدَّ» على البناء للمفعول. قال في القاموس:
اللدود ـ كصبور ـ : ما يصبّ بالمسعط من الدواء في أحد شقّي الفم. وقد لدّه لدّا ولدودا، ولدّه إِيّاه، وألدّه، ولُدَّ فهو ملدود. ۲۳
وقال: «الصبر ككتف، ولا يسكن إلّا في ضرورة الشّعر». ۲۴

1.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۹۶ (طبب).

2.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۳۷۲ (بصر).

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۲۵۲.

4.الصحاح، ج ۲، ص ۴۹۸ (صفد).

5.الصحاح، ج ۳۵۸ (جرح).

6.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۳۸۴ (كوه).

7.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۲۷۱ (غرق).

8.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۲۵۳.

9.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۳۴۳ (سقي).

10.في المصدر: «المعتصر».

11.النهاية، ج ۵، ص ۷ (نبذ).

12.لم نعثر على مصدره، و نقله أيضا المحقّق المازندراني رحمه اللهفي شرحه، ج ۱۲، ص ۲۵۲.

13.الكافي، ج ۶، ص ۴۱۴، ح ۷؛ الفقيه، ج ۳، ص ۵۷۰، ح ۴۹۴۷؛ التهذيب، ج ۹، ص ۱۱۴، ح ۴۹۲؛ ثواب الأعمال، ص ۲۴۳.

14.نقله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۲۵۳.

15.إرشاد الأذهان، ج ۲، ص ۱۱۴.

16.لم نعثر على قائله.

17.الروضة البهيّة، ج ۲، ص ۱۱۴.

18.اُنظر: إرشاد الأذهان، ج ۲، ص ۱۱۴.

19.اُنظر: الدروس الشرعيّة، ج ۳، ص ۲۳.

20.الصحاح، ج ۶، ص ۲۳۹۴ (شكي).

21.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۹۳.

22.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۹۳.

23.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۳۳۵ (لدد).

24.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۶۷ (صبر).


البضاعة المزجاة المجلد الثالث
42

شرح

السند مجهول.
قوله: (شكا إلى ربّه البلّة).
قال الجوهري: «ريح بلّة: فيها بَلَلٌ. والبُلّة ـ بالضمّ ـ : ابتلال الرطب. والبِلّة ـ بالكسر ـ : النداوة». ۱
يحتمل هنا إرادة كلّ من المعاني الثلاثة، أي الرياح الباردة المماثلة في العروق، وابتلال اللحم والرطوبات الفصليّة فيه، أو في الأحشاء، أو في المزاج. وعلى الأخير يكون عطف قوله: «والرطوبة» للتفسير.
قال الجوهري: «الرّطب: خلاف اليابس، تقول: رطبَ الشيء رطوبة، فهو رطب». ۲
(فأمره اللّه أن يأخذ الهليلج).
معرّب هليله. وفي بعض النسخ: «الإهليلج». قال الفيروزآبادي: «الإهليلج ـ وقد يكسر اللام الثانية، والوحدة بهاء ـ : ثمر معروف». ۳
(والبليلج) معرّب بليلة.
(والأملج) معرّب الأمله.
(فيعجنه بالعسل)؛ الضمير للمأخوذ.
وفي القاموس: عجنه يعجُنَه ويعجِنه فهو معجون وعجين: اعتمد عليه بجميع كفّه يغمزه». ۴
(ويأخذه) أي يتناوله ويأكله.
والضمير للمعجون.
(ثمّ قال أبو عبداللّه عليه السلام : هو الذي يسمّونه عندكم الطّريفل).
وفي بعض النسخ: «اطريفل».
أقول: هذا هو الذي يسمّيه الأطبّاء بالأطريفل الصغير، ويقولون: إنّه نافع من استرخاء المعدة ورطوبتها، ومن رياح البواسير، ويصفّي الذهن، وصفته وكيفيّة أعماله عندهم أن يؤخذ هليلج أصفر وأسود وكابلي وقشر الأملج من كلّ واحد عشرة دراهم يدقّ وينخل ويليت بدهن اللّوز ويعجن بالعسل، وبعضهم اعتبر في العسل كونه منزوعة الرغوة، وكونه ثلاثة أمثال الأجزاء المذكورة، وقالوا: إنّه يستعمل بعد مضيّ شهرين، وإنّ قوّته تبقى على سنتين، والشربة منه مثقال على مثقالين.
وقيل: ثلاث دراهم.

1.الصحاح، ج ۴، ص ۱۶۳۸ (بلل).

2.الصحاح، ج ۱، ص ۱۳۶ (رطب).

3.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۲۱۳ (هللج).

4.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۲۴۶ (عجن).

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید ؛ فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 238491
صفحه از 607
پرینت  ارسال به