متن الحديث الثامن والثمانين والثلاثمائة
۰.عَنْهُ۱، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي سَمَّالٍ۲، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلى مَوْلى آلِ سَامٍ :عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ : «قُلِ اللّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِى الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ»۳ أَ لَيْسَ قَدْ آتَى اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بَنِي أُمَيَّةَ الْمُلْكَ؟ قَالَ : «لَيْسَ حَيْثُ تَذْهَبُ إِلَيْهِ ۴ ؛ إِنَّ اللّهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ آتَانَا الْمُلْكَ ، وَأَخَذَتْهُ بَنُو أُمَيَّةَ ؛ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الثَّوْبُ ۵ ، فَيَأْخُذُهُ الْاخَرُ ، فَلَيْسَ هُوَ لِلَّذِي أَخَذَهُ» .
شرح
السند مجهول.
قوله: (أبي سمال) بتخفيف الميم. وقيل بتشديدها. ۶ وفي بعض النسخ: «سمّاك» بالكاف.
وقوله تعالى: «قُلْ اللَّهُمَّ» .
قال البيضاوي:
الميم عوض من ياء، ولذلك لا يجتمعان، وهو من خصائص هذا الاسم؛ كدخول ياء عليه مع لام التعريف وقطع همزته وقيل: أصله «يا اللّه آمنّا بخير» فخفّف بحذف حرف النداء ومتعلّقات الفعل وهمزته.
«مَالِكَ الْمُلْكِ» تتصرّف فيما يمكن التصرّف فيه تصرّف الملّاك فيما يملكون، وهو نداء ثان عند سيبويه؛ فإنّ الميم عنده تمنع الوصفيّة.
«تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ» ؛ تُعطي منه ما تشاء مَن تشاء وتستردّ، فالملك الأوّل عامّ والآخران بعضان منه. وقيل: المراد بالملك النبوّة، ونزعها نقلها من قومٍ إلى قوم.
«وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ» في الدُّنيا أو الآخرة، أو فيهما، بالنصر والإدبار والتوفيق والخذلان، انتهى. ۷
(أليس قد آتى اللّه ـ عزّ وجلّ ـ بني اُميّة المُلك).
«آتى» بمدّ الألف من الإيتاء. وغرض السائل تقرير المنفي لزعمه أنّه من قِبل اللّه تعالى ورضائه. فردّه عليه السلام : وقال: (ليس حيث تذهب)، ودفع شبهته بقوله: (إنّ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ آتانا الملك، وأخذته بنو اُميّة).
وحاصل الجواب: تقرير النفي والتنبيه على أنّ المراد بالمُلك النبوّة والإمامة والرئاسة العامّة، وعلى أنّ ذلك حقٌّ لهم عليهم السلام بأمر اللّه تعالى وحكمه، وإنّما أخذته بنو اُميّة منهم غصبا وعدوانا وظلما.
واعلم أنّه اختلف في أنّ المراد بالملك في الآية هل هو السلطنة الحقّة الواقعيّة كالنبوّة والإمامة، أو الأعمّ منها ومن الرئاسات الباطلة كرئاسة ملوك الجور وخلفاء الضلالة، أو الأعمّ منهما ومن ملك العلم والدِّين والعقل والصحّة والأمن والأخلاق المحمودة وملك القدرة والقوّة وملك الأموال والأولاد وملك محبّة القلوب وما أشبه ذلك. فذهب قوم إلى الأوّل، كما يدلّ عليه هذا الخبر؛ لأنّه عليه السلام بيّن أنّ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ إنّما أعطى الملك وملّكه أهله من أئمّة العدل، وهؤلاء الجائرين غصبوا حقّهم، وانتزعوه منهم بغير حقّ لهم فيه. وذهب جماعة إلى أحد من الأخيرين نظرا إلى عموم اللفظ لغةً وعرفا. وقال الأوّلون: كيف يجوز أن يعطي اللّه سبحانه الملك للجائر، وقد أمر بقصر يده، ونهاه عن التصرّف فيه. ۸
وقال بعض الأفاضل:
مع قطع النظر عن الخبر لا استبعاد في الأخيرين عقلاً؛ إذ يحتمل أن يكون المراد بالإيتاء إقداره وتمكينه عليه، وإن كان نهاه عن ارتكابه، كما أنّه تعالى أقدر الزاني على الزِّنا ونهاه عنه، وأعطى القاتل اليد والسيف ونهاه عن القتل بغير حقّ، على أنّه قد ينسب في كثير من الآيات والروايات الأفعال إلى اللّه تعالى باعتبار تخليته بين العبد وإرادته وعدم صرفه عنها. لكن الأوّل أظهر وأنسب بسياق الآية، وبما روي في سبب نزولها من أنّها نزلت فيما وعد اللّه بنبيّه صلى الله عليه و آله من الملك يوم الخندق، أو في [يوم] فتح مكّة. ۹
ثمّ مثّل عليه السلام لما ذكر بقوله بمنزلة الرجل (يكون له الثوب).
في بعض النسخ: «التور» بالتاء المثنّاة الفوقانيّة، وهو إناء يشرب فيه.
1.الضمير راجع إلى عليّ بن الحسن بن علي، وهو ابن فضّال.
2.في الطبعة القديمة وبعض نسخ الكافي: «سمّاك» بالكاف.
3.آل عمران (۳): ۲۶. وفي بعض نسخ الكافي: + «وتعزّ من تشاء».
4.في بعض نسخ الكافي: - «إليه».
5.في بعض نسخ الكافي: «التور» وهو إناء يشرب فيه.
6.نُسب إلى البعض في رجال ابن داود، ص ۴۱۵، ذيل الرقم ۴.
7.تفسير البيضاوي، ج ۲، ص ۲۴.
8.راجع: مجمع البيان، ج ۲، ص ۲۷۰ و ۲۷۱.
9.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۲۶۲.