479
البضاعة المزجاة المجلد الثالث

شرح

السند صحيح على الظاهر.
قوله: (عنه).
الضمير لابن محبوب.
قوله: (ثمّ قال أبو محمّد) أي أنت أبو محمّد. وفي بعض النسخ: «أبا محمّد» بتقدير حرف النداء.
(ولا تؤذوني وتعرضوني للسلطان).
يُقال: عرضه له ـ كضرب وسمع ـ أي أظهره له. وعرضت الشيء للشيء تعريضا، أي جعلته عرضا له؛ يعني لا تجعلوني عرضة لإيذاء السلطان وإضراره باجتماعكم عليَّ وسؤالكم عنّي.
وفي بعض النسخ: «للشيطان» والمآل واحد.
(فإنّي لستُ بمفت لكم) من الإفتاء، وهذا القول منه عليه السلام للتقيّة.
(لو أنّ إبليس سجد للّه ـ عزّ وجلّ ـ بعد المعصية) أي بعد امتناعه من السجود لآدم عليه السلام .
(والتكبّر) له (عمر الدُّنيا) منصوب على الظرف، أي سجد للّه بقاء مدّة الدُّنيا.
قال الفيروزآبادي: «العمر ـ بالفتح، وبالضمّ، وبضمّتين ـ : الحياة». ۱
(يا أبا محمّد، إنّ اللّه افترض)؛ يعني أوجب بعد الإقرار بالتوحيد والرسالة، كما يشعر به قوله على اُمّة محمّد صلى الله عليه و آله ؛ لأنّه لا يعدّ أحدٌ من اُمّته عليه السلام إلّا بعد الإقرار بهما.
(فرخّص لهم في أشياء من الفرائض الأربعة).
يُقال: رخّص له في كذا ترخيصا؛ أي لم يستقص؛ يعني جوّز لهم تركها رأسا وتخفيفا عند عروض عذر أو مانع، كقصر الصلاة في السفر وتركها للحائض والنفساء والفاقد الطهورين على قول، وترك كثير من أركانها عند الضرورة، والخوف والقتال، وكترك الصيام في السفر والمرض والكبر وغيرها، وكترك الحجّ والزكاة مع عدم تحقّق الاستطاعة والنصاب.
(ولم يرخّص لأحدٍ من المسلمين في ترك ولايتنا) في حال من الأحوال.
ثمّ أكّد ذلك بقوله: (لا واللّه ما فيها). أي في ترك الولاية.
(رخصة).
في القاموس: «الرخصة ـ بالضمّ، وبضمّتين ـ : ترخيص اللّه العبد فيما يخفّفه عليه، والتسهيل». ۲
وقال بعض الشارحين:
يمكن أن يكون الترخيص هنا كناية عن عدم العقوبة بتركها بالعفو أو الشفاعة أو نحوهما، بخلاف الولاية؛ فإنّ تاركها معاقب أبدا. قال: ويقرب منه قول من قال: الرخصة عبارة عن عدم الحكم بكفر تاركها، وعدم الرخصة عبارة عن الحكم بكفره. ۳

1.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۹۵ (عمر).

2.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۳۰۵ (رخص).

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۸۲ مع اختلاف في اللفظ.


البضاعة المزجاة المجلد الثالث
478

متن الحديث الثامن والتسعين والثلاثمائة

۰.عَنْهُ۱، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ ، قَالَ :دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ، فَرَأَيْتُ مَوْلًى لِأَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، فَمِلْتُ إِلَيْهِ لِأَسْأَلَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، فَإِذَا أَنَا بِأَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام سَاجِدٌ ۲ ، فَانْتَظَرْتُهُ طَوِيلًا ، فَطَالَ سُجُودُهُ عَلَيَّ ، فَقُمْتُ وَصَلَّيْتُ رَكَعَاتٍ ۳ وَانْصَرَفْتُ وَهُوَ بَعْدُ سَاجِدٌ ، فَسَأَلْتُ مَوْلَاهُ : مَتى سَجَدَ؟ فَقَالَ : مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا .
فَلَمَّا سَمِعَ كَلَامِي رَفَعَ رَأْسَهُ ، ثُمَّ قَالَ : «أَبُو مُحَمَّدٍ ۴ ، ادْنُ مِنِّي» فَدَنَوْتُ مِنْهُ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَسَمِعَ صَوْتا خَلْفَهُ ، فَقَالَ : «مَا هذِهِ الْأَصْوَاتُ الْمُرْتَفِعَةُ؟» فَقُلْتُ : هؤُلَاءِ قَوْمٌ مِنَ الْمُرْجِئَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ ، فَقَالَ : «إِنَّ الْقَوْمَ يُرِيدُونِّي ، فَقُمْ بِنَا» فَقُمْتُ مَعَهُ ، فَلَمَّا أَنْ رَأَوْهُ نَهَضُوا نَحْوَهُ ، فَقَالَ لَهُمْ : «كُفُّوا أَنْفُسَكُمْ عَنِّي ، وَلَا تُؤْذُونِي وَتَعْرِضُونِي ۵ لِلسُّلْطَانِ ؛ فَإِنِّي لَسْتُ بِمُفْتٍ لَكُمْ» ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي وَتَرَكَهُمْ وَمَضى .
فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ قَالَ لِي : «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ، وَاللّهِ لَوْ أَنَّ إِبْلِيسَ سَجَدَ لِلّهِ ـ عَزَّ ذِكْرُهُ ـ بَعْدَ الْمَعْصِيَةِ وَالتَّكَبُّرِ عُمُرَ الدُّنْيَا ، مَا نَفَعَهُ ذلِكَ وَلَا قَبِلَهُ اللّهُ ـ عَزَّ ذِكْرُهُ ـ مَا لَمْ يَسْجُدْ لآِدَمَ كَمَا أَمَرَهُ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَنْ يَسْجُدَ لَهُ ، وَكَذلِكَ هذِهِ الْأُمَّةُ الْعَاصِيَةُ الْمَفْتُونَةُ بَعْدَ نَبِيِّهَا صلى الله عليه و آله ، وَبَعْدَ تَرْكِهِمُ الْاءِمَامَ الَّذِي نَصَبَهُ نَبِيُّهُمْ صلى الله عليه و آله لَهُمْ ، فَلَنْ يَقْبَلَ اللّهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ لَهُمْ عَمَلًا وَلَنْ يَرْفَعَ لَهُمْ حَسَنَةً حَتّى يَأْتُوا اللّهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ ، وَيَتَوَلَّوُا الْاءِمَامَ الَّذِي أُمِرُوا بِوَلَايَتِهِ ، وَيَدْخُلُوا مِنَ الْبَابِ الَّذِي فَتَحَهُ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَرَسُولُهُ لَهُمْ .
يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ، إِنَّ اللّهَ افْتَرَضَ عَلى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله خَمْسَ فَرَائِضَ : الصَّلَاةَ ، وَالزَّكَاةَ ، وَالصِّيَامَ ، وَالْحَجَّ ، وَوَلَايَتَنَا؛ فَرَخَّصَ لَهُمْ فِي أَشْيَاءَ مِنَ الْفَرَائِضِ الْأَرْبَعَةِ ، وَلَمْ يُرَخِّصْ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي تَرْكِ وَلَايَتِنَا ، لَا وَاللّهِ مَا فِيهَا رُخْصَةٌ» .

1.الضمير راجع إلى ابن محبوب المذكور في السند السابق.

2.في الطبعة القديمة وبعض نسخ الكافي «ساجدا».

3.في بعض نسخ الكافي: «ركعتين».

4.في كلتا الطبعتين: «أبا محمّد».

5.في بعض نسخ الكافي ومرآة العقول: «و لا تعرضوني».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید ؛ فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 264230
صفحه از 607
پرینت  ارسال به