509
البضاعة المزجاة المجلد الثالث

شرح

السند صحيح.
قوله: (كيف لنا بأبي لهب) أي كيف نصنع به وهو مانع من قتله؟! والترهيب من قبيل: بحسبك درهم.
(فقالت اُمّ جميل) هي زوجة أبي لهب اُخت أبي سفيان، وهي التي وصفها اللّه تعالى بحمّالة الحطب.
(أنا أكفيكموه) إلى قوله: (نصطبح).
قال الجوهري: «الصبوح: الشّرب بالغداة، وهو خلاف الغبوق. واصطبح الرجل: شرب صبوحا». ۱
وفي النهاية: «الاصطباح: أكل الصبوح وهو الغداء». ۲
والاغتباق: أكل الغبوق، وهو العشاء، وأصلهما في الشرب، ثمّ استعملا في الأكل.
(فلمّا أن كان من الغد).
كلمة «من» زائدة على قول، والتركيب: قد كان من مطر.
(وتهيّأ المشركون للنبيّ صلى الله عليه و آله ) أي لقتله.
(قعد أبو لهب وامرأته).
في بعض النسخ: «واُمّ جميل» بدل «وامرأته».
(اذهب إلى عمّك أبو لهب).
كذا في بعض النسخ، وفي كثير منها: «أبي لهب» وهو أظهر.
قال البيضاوي في قوله تعالى: «تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ»۳ : «قرئ: أبو لهب، كما قيل: عليّ بن أبو طالب». ۴
أقول: بناء هذه القراءة على إجراء الكُنى مجرى الأسماء.
(وإن لم يفتح لك فتحامل على الباب واكسره).
قال الجوهري: «تحامل عليه، أي مال. وتحاملت على نفسي: إذا تكلّفت الشيء على مشقّة». ۵
(إنّ امرأً عمّه عينه في القوم فليس بذليل).
«عمّه» مبتدأ، و«عينه» خبره، والجملة خبر «إنّ»، والفاء فصيحة أو للتفريع.
وفي بعض النسخ: «ليس بذليل» بدون الفاء، فحينئذٍ يكون «ليس» خبر «إنّ»، والجملة قبلها صفة لاسم «إنّ».
قال الجوهري: «العين: الدّيدبان، والجاسوس. وعين الشيء: خياره. وأعيان القوم: أشرافهم، ويقال: أنت على عيني في الإكرام والحفظ جميعا». ۶
وفي القاموس: «العين: الباصرة، وأهل البلد ـ ويحرّك ـ وأهل الدار، والحاضر من كلّ شيء، والسيّد، ونفس الشيء». ۷
أقول: يحتمل هنا إرادة كلّ من هذه المعاني بنوع من التقريب، والإضافة في بعضها لأدنى ملابسة، والمردّد إمّا أبو لهب أو أبو طالب، ولعلّ الأوّل أظهر؛ إذ الظاهر أنّ الغرض حمله على الحميّة.
والحاصل: أنّ من كان عمّه سيّد القوم وخيارهم، أو رقيبه وحافظه، والدافع عنه، لا يكون ذليلاً بينهم.
(فتعلّقت به اُمّ جميل).
التعلّق: التثبيت. يُقال: تعلّقه وتعلّق به.
(فرفع يده ولطم وجهها لطمة).
اللّطم: ضرب الخدّ، وصفحة الجسد بالكفّ مفتوحة، وفعله كضرب.
(ففقأ عينها).
يُقال: فقأ عينه ـ كمنع ـ وفقّأها تفقئة: أي قلعها، وأعورها.
(فماتت وهي عوراء) أي ماتت من ساعتها، أو بعد حين.
(فقال: اُبايعكم على بن أخي، ثمّ تريدون قتله).
قال الجوهري: «المبايعة ۸ من البيع والبيعة جميعا». ۹
أقول: المراد هنا المعنى الثاني؛ يعني مبايعتي معكم مشروط على ترك إيذائه ورعايته، وأنتم تريدون قتله، فلا مبالغة بيني وبينكم.
وقال بعض الأفاضل: «أي مبايعتي معكم على إيذائه وإهانته، لا على قتله، وأنتم تفرّطون في ذلك، وتريدون قتله». ۱۰ ولا يخفى بُعده.

1.الصحاح، ج ۱، ص ۳۸۰ (صبح) مع التلخيص.

2.النهاية، ج ۳، ص ۶ (صبح).

3.. المسد (۱۱۱): ۱.

4.تفسير البيضاوي، ج ۵، ص ۵۴۴.

5.الصحاح، ج ۴، ص ۱۶۷۷ (حمل).

6.الصحاح، ج ۶، ص ۲۱۷۱ (عين) مع التلخيص.

7.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۲۵۱ (عين) مع التلخيص.

8.في المصدر: «بابعته».

9.الصحاح، ج ۳، ص ۱۱۸۹ (بيع).

10.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۲۹۰ مع اختلاف في اللفظ.


البضاعة المزجاة المجلد الثالث
508

متن الحديث السابع عشر والأربعمائة

۰.مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ؛ وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ :عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «لَمَّا أَرَادَتْ قُرَيْشٌ قَتْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، قَالَتْ : كَيْفَ لَنَا بِأَبِي لَهَبٍ ؟ فَقَالَتْ أُمُّ جَمِيلٍ : أَنَا أَكْفِيكُمُوهُ ، أَنَا أَقُولُ لَهُ : إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَقْعُدَ الْيَوْمَ فِي الْبَيْتِ نَصْطَبِحُ ، فَلَمَّا أَنْ كَانَ مِنَ الْغَدِ وَتَهَيَّأَ الْمُشْرِكُونَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، قَعَدَ أَبُولَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ ۱ يَشْرَبَانِ ، فَدَعَا أَبُو طَالِبٍ عَلِيّا عليه السلام ، فَقَالَ لَهُ : يَا بُنَيَّ اذْهَبْ إِلى عَمِّكَ أَبُو لَهَبٍ ۲ ، فَاسْتَفْتِحْ عَلَيْهِ ، فَإِنْ فُتِحَ لَكَ فَادْخُلْ ، وَإِنْ لَمْ يُفْتَحْ لَكَ فَتَحَامَلْ عَلَى الْبَابِ وَاكْسِرْهُ وَادْخُلْ عَلَيْهِ ، فَإِذَا دَخَلْتَ عَلَيْهِ فَقُلْ لَهُ : يَقُولُ لَكَ أَبِي : إِنَّ امْرَأً عَمُّهُ عَيْنُهُ فِي الْقَوْمِ فَلَيْسَ ۳ بِذَلِيلٍ» .
قَالَ : «فَذَهَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام ، فَوَجَدَ الْبَابَ مُغْلَقا ، فَاسْتَفْتَحَ فَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ ، فَتَحَامَلَ عَلَى الْبَابِ وَكَسَرَهُ وَ دَخَلَ ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو لَهَبٍ قَالَ لَهُ : مَا لَكَ يَا ابْنَ أَخِي؟ فَقَالَ لَهُ : إِنَّ ۴ أَبِي يَقُولُ لَكَ : إِنَّ امْرَأً عَمُّهُ عَيْنُهُ فِي الْقَوْمِ لَيْسَ بِذَلِيلٍ ، فَقَالَ لَهُ : صَدَقَ أَبُوكَ ، فَمَا ذلِكَ يَا ابْنَ أَخِي؟ فَقَالَ لَهُ : يُقْتَلُ ابْنُ أَخِيكَ وَأَنْتَ تَأْكُلُ وَتَشْرَبُ؟ فَوَثَبَ وَأَخَذَ ۵ سَيْفَهُ ، فَتَعَلَّقَتْ بِهِ أُمُّ جَمِيلٍ ، فَرَفَعَ يَدَهُ وَلَطَمَ وَجْهَهَا لَطْمَةً ، فَفَقَأَ عَيْنَهَا فَمَاتَتْ وَهِيَ عَوْرَاءُ ، وَخَرَجَ أَبُو لَهَبٍ وَمَعَهُ السَّيْفُ ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قُرَيْشٌ عَرَفَتِ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ ، فَقَالَتْ : مَا لَكَ يَا أَبَا لَهَبٍ؟ فَقَالَ : أُبَايِعُكُمْ عَلَى ابْنِ أَخِي ، ثُمَّ تُرِيدُونَ قَتْلَهُ؟ وَاللَاتِ وَالْعُزّى لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أُسْلِمَ ، ثُمَّ تَنْظُرُونَ مَا أَصْنَعُ ، فَاعْتَذَرُوا إِلَيْهِ وَرَجَعَ» .

1.في بعض نسخ الكافي: «واُمّ جميل» بدل «وامرأته».

2.في كلتا الطبعتين وجميع نسخ الكافي: «أبي لهب».

3.في بعض نسخ الكافي والوافي: «ليس».

4.في بعض نسخ الكافي: ـ «إنّ».

5.في بعض نسخ الكافي: «فأخذ».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید ؛ فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 238459
صفحه از 607
پرینت  ارسال به