513
البضاعة المزجاة المجلد الثالث

متن الحديث التاسع عشر والأربعمائة

۰.عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ ،عَمَّنْ حَدَّثَهُ :عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «قَامَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله عَلَى التَّلِّ الَّذِي عَلَيْهِ مَسْجِدُ الْفَتْحِ فِي غَزْوَةِ الْأَحْزَابِ فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ قَرَّةٍ ، فَقَالَ : مَنْ يَذْهَبُ فَيَأْتِيَنَا بِخَبَرِهِمْ وَلَهُ الْجَنَّةُ؟ فَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ ، ثُمَّ أَعَادَهَا ، فَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ» ـ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام بِيَدِهِ : «وَمَا أَرَادَ الْقَوْمُ؟! أَرَادُوا أَفْضَلَ مِنَ الْجَنَّةِ؟!» ـ «ثُمَّ قَالَ : مَنْ هذَا؟ فَقَالَ : حُذَيْفَةُ ، فَقَالَ : أَ مَا تَسْمَعُ كَلَامِي مُنْذُ اللَّيْلَةِ وَلَا تَكَلَّمُ؟ اقْتَرَتَ ۱ فَقَامَ حُذَيْفَةُ وَهُوَ يَقُولُ : الْقُرُّ وَالضُّرُّ ـ جَعَلَنِيَ اللّهُ فِدَاكَ ـ مَنَعَنِي أَنْ أُجِيبَكَ .
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : انْطَلِقْ حَتّى تَسْمَعَ كَلَامَهُمْ وَتَأْتِيَنِي بِخَبَرِهِمْ ، فَلَمَّا ذَهَبَ ، قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : اللّهُمَّ احْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ ، وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ حَتّى تَرُدَّهُ ، وَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : يَا حُذَيْفَةُ ، لَا تُحْدِثْ شَيْئا حَتّى تَأْتِيَنِي ، فَأَخَذَ سَيْفَهُ وَقَوْسَهُ وَحَجَفَتَهُ .
قَالَ حُذَيْفَةُ : فَخَرَجْتُ وَمَا بِي ۲ مِنْ ضُرٍّ وَلَا قُرٍّ ، فَمَرَرْتُ عَلى بَابِ الْخَنْدَقِ وَقَدِ اعْتَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ وَالْكُفَّارُ .
فَلَمَّا تَوَجَّهَ حُذَيْفَةُ ، قَامَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَنَادى : يَا صَرِيخَ الْمَكْرُوبِينَ ، وَيَا مُجِيبَ الْمُضْطَرِّينَ اكْشِفْ هَمِّي وَغَمِّي وَكَرْبِي ، فَقَدْ تَرى حَالِي وَحَالَ أَصْحَابِي.
فَنَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ عليه السلام ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللّهِ ، إِنَّ اللّهَ ـ عَزَّ ذِكْرُهُ ـ قَدْ سَمِعَ مَقَالَتَكَ وَدُعَاءَكَ ، وَقَدْ أَجَابَكَ وَكَفَاكَ هَوْلَ عَدُوِّكَ .
فَجَثَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله عَلى رُكْبَتَيْهِ وَبَسَطَ يَدَيْهِ وَأَرْسَلَ عَيْنَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : شُكْرا شُكْرا كَمَا رَحِمْتَنِي وَرَحِمْتَ أَصْحَابِي ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : قَدْ بَعَثَ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلَيْهِمْ رِيحا مِنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فِيهَا حَصًى ، وَرِيحا مِنَ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ فِيهَا جَنْدَلٌ .
قَالَ حُذَيْفَةُ : فَخَرَجْتُ فَإِذَا أَنَا بِنِيرَانِ الْقَوْمِ ، وَأَقْبَلَ جُنْدُ اللّهِ الْأَوَّلُ رِيحٌ فِيهَا حَصًى، فَمَا تَرَكَتْ لَهُمْ نَارا إِلَا أَذْرَتْهَا، وَلَا خِبَاءً إِلَاطَرَحَتْهُ، وَلَا رُمْحا إِلَا أَلْقَتْهُ حَتّى جَعَلُوا يَتَتَرَّسُونَ مِنَ الْحَصى ، فَجَعَلْنَا نَسْمَعُ وَقْعَ الْحَصى فِي الْأَتْرِسَةِ ، فَجَلَسَ حُذَيْفَةُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَامَ إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ مُطَاعٍ فِي الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّكُمْ قَدْ نَزَلْتُمْ بِسَاحَةِ هذَا السَّاحِرِ الْكَذَّابِ ، أَلَا وَإِنَّهُ لَنْ يَفُوتَكُمْ مِنْ أَمْرِهِ شَيْءٌ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ سَنَةَ مُقَامٍ ، قَدْ هَلَكَ الْخُفُّ وَالْحَافِرُ ، فَارْجِعُوا وَلْيَنْظُرْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ مَنْ جَلِيسُهُ .
قَالَ حُذَيْفَةُ : فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِينِي ، فَضَرَبْتُ بِيَدِي ، فَقُلْتُ : مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ : مُعَاوِيَةُ ، فَقُلْتُ لِلَّذِي عَنْ يَسَارِي : مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ : سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو .
قَالَ حُذَيْفَةُ : وَأَقْبَلَ جُنْدُ اللّهِ الْأَعْظَمُ ، فَقَامَ أَبُو سُفْيَانَ إِلى رَاحِلَتِهِ ، ثُمَّ صَاحَ فِي قُرَيْشٍ : النَّجَاءَ النَّجَاءَ ، وَقَالَ طَلْحَةُ الْأَزْدِيُّ : لَقَدْ رَادَكُمْ ۳ مُحَمَّدٌ بِشَرٍّ ، ثُمَّ قَامَ إِلى رَاحِلَتِهِ وَصَاحَ فِي بَنِي أَشْجَعَ : النَّجَاءَ النَّجَاءَ ، وَفَعَلَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ ۴ مِثْلَهَا ، ثُمَّ فَعَلَ الْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ الْمَرِّيِّ ۵ مِثْلَهَا ، ثُمَّ فَعَلَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ مِثْلَهَا ، وَذَهَبَ الْأَحْزَابُ وَرَجَعَ حُذَيْفَةُ إِلى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ».
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : «إِنَّهُ كَانَ لَيُشْبِهُ يَوْمَ ۶ الْقِيَامَةِ» .

1.في كلتا الطبعتين: «أقبرت» بدل «اقترب».

2.في بعض نسخ الكافي: «لي».

3.في كلتا الطبعتين: «زادكم» بالزاء المعجمة.

4.في بعض نسخ الكافي والوافي: «حصين».

5.في الطبعة القديمة: «المزني».

6.في أكثر نسخ الكافي والوافي: «بيوم».


البضاعة المزجاة المجلد الثالث
512

شرح

السند صحيح.
قوله: (عنه)؛ الضمير لابن أبي عمير.
وقوله: (كان إبليس يوم بدر يقلّل المسلمون في أعين الكفّار، ويكثر الكفّار في أعين الناس) أي المسلمين أو أعمّ.
ويحتمل أن يكون هذا التقليل والتكثير بحيلولته بين أبصار الكفّار وبين بعض المسلمين، أو بقوله لهم: إنّ هؤلاء شرذمةٌ قليلون، أو بوسوسته إيّاهم، أو بإدخال جنوده في عسكر الكفّار.
وقيل: هذا نوعٌ من السحر والشعبذة ۱ . قال الشيخ الطبرسي رحمه الله:
اختلف في ظهور الشيطان يوم بدر كيف كان؛ فقيل: إنّ قريشا لمّا أجمعت المسير ذكرت الذي بينها وبين بني بكر بن عبد مناف بن كنانة من الحرب، فكاد ذلك أن يُثنيهم، فجاء إبليس في جُند من الشيطان، فتبدّى لهم في صورة سراقة بن مالك بن جشعم الكناني ثمّ المدلجي ـ وكان من أشراف كنانة ـ فقال لهم: «لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّى جَارٌ لَّكُمْ» أي مُجير لكم من كنانة، فلمّا رأى إبليس الملائكة نزلوا من السماء [و] علم أنّه لا طاقة له بهم نكص على عقبيه. عن ابن عبّاس والسدّي والكلبي وغيرهم.
وقيل: إنّهم لمّا التقوا كان إبليس في صفّ المشركين آخذا بيد الحارث بن هشام، فنكص على عقبيه، فقال له الحارث: يا سراقة، إلى أين، أتخذلنا على هذه الحالة؟ فقال له: إنّي أرى ما لا ترون، فقال: واللّه ما ترى إلّا جواسيس ۲ يثرب، فدفع في صدر الحارث، وانطلق وانهزم الناس، فلمّا قدِموا مكّة قالوا: هزم الناس سراقة، فبلغ ذلك سراقة، فقال: واللّه ما شعرت بمسيركم حتّى بلغني هزيمتكم، قالوا: إنّك أتيتنا يوم كذا، فحلف لهم فلمّا أسلموا علموا أنّ ذلك كان الشيطان. عن الكلبي، وروي عن أبي جعفر عليه السلام وأبي عبداللّه عليه السلام .
وقيل: إنّ إبليس لا يجور أن يقدر على خلع صورته ولبس صورة سراقة، ولكنّ اللّه جعل [إبليس] في صورة سراقة، وإنّما فعل ذلك؛ لأنّه علم أنّه لو لم يدع المشركين إنسان إلى قتال المسلمين؛ فإنّهم لا يخرجون من ديارهم حتّى يقاتلوهم المسلمون؛ لخوفهم من بني كنانة، فصوّره بصورة سراقة حتّى تمّ المراد في إعزاز الدِّين. عن الجبائي وجماعة.
وقيل: إنّ إبليس لم يتصوّر في صورة إنسان، وإنّما قال لهم على وجه الوسوسة. عن الحسن، واختاره البلخي.
والأوّل هو المشهور في التفاسير. ۳
(فشدّ عليه جبرئيل عليه السلام بالسيف).
الشدّ ـ بالفتح ـ : الحملة في الحرب. والشدّ أيضا: العَدْو، وفعلهما كنصر وضرب.
والباء في قوله: «بالسيف» للمصاحبة، ويحتمل كونه للتعدية.
(فهرب منه وهو يقول: يا جبرئيل، إنّي مؤجّل) وهو إشارة إلى قوله: «إِنَّكَ مِنْ الْمُنظَرِينَ»۴ . وقال الفيروزآبادي: «الأجل ـ محرّكة ـ : غاية الوقت في الموت، والتأجيل: تحديد الأجل». ۵
(قال: يقطع بعض أطرافه).
في القاموس:
الطرف ـ محرّكة ـ : الطائفة من الشيء. والأطراف الجمع. ومن البدن: اليدان، والرجلان، والرأس، ولا يدرى أيّ طرفيه أطول، أي ذكره ولسانه. ۶

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۹۳.

2.في المصدر: «جعاسيس».

3.مجمع البيان، ج ۴، ص ۴۷۸ مع التلخيص.

4.. الأعراف (۷): ۱۵.

5.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۳۲۷ (أجل) مع التلخيص.

6.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۱۶۸ (طرف) مع التلخيص.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید ؛ فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 238511
صفحه از 607
پرینت  ارسال به