متن الحديث الثامن والعشرين والأربعمائة
۰.عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا :عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «عَاشَ نُوحٌ عليه السلام أَلْفَيْ سَنَةٍ وَثَلَاثَمِائَةِ سَنَةٍ ، مِنْهَا ثَمَانُمِائَةٍ ۱ وَخَمْسُونَ ۲ سَنَةً قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ ، وَأَلْفُ سَنَةٍ إِلَا خَمْسِينَ عَاما وَهُوَ فِي قَوْمِهِ يَدْعُوهُمْ ، وَخَمْسُمِائَةِ عَامٍ بَعْدَ مَا نَزَلَ مِنَ السَّفِينَةِ ، وَنَضَبَ الْمَاءُ، فَمَصَّرَ الْأَمْصَارَ ، وَأَسْكَنَ وُلْدَهُ الْبُلْدَانَ .
ثُمَّ إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ جَاءَهُ وَهُوَ فِي الشَّمْسِ ، فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ نُوحٌ عليه السلام ، قَالَ ۳ : مَا جَاءَ بِكَ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ؟ قَالَ : جِئْتُكَ لِأَقْبِضَ رُوحَكَ ، قَالَ : دَعْنِي أَدْخُلْ مِنَ الشَّمْسِ إِلَى الظِّلِّ ، فَقَالَ لَهُ : نَعَمْ ، فَتَحَوَّلَ ، ثُمَّ قَالَ : يَا مَلَكَ الْمَوْتِ ، كُلُّ مَا مَرَّ بِي مِنَ الدُّنْيَا مِثْلُ تَحْوِيلِي ۴ مِنَ الشَّمْسِ إِلَى الظِّلِّ ، فَامْضِ لِمَا أُمِرْتَ بِهِ ، فَقَبَضَ رُوحَهُ عليه السلام » .
شرح
السند مجهول.
قوله: (وألف سنة إلّا خمسين عاما).
قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: «وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَا خَمْسِينَ عَاما» : ۵
لعلّ اختيار هذه العبارة للدلالة على كمال العدد؛ فإنّ تسعمائة وخمسين قد يطلق على ما يقرب منه ولما ذكر في الألف من تخييل طول المدّة إلى السامع؛ فإنّ المقصود من القصّة تسلية رسول اللّه صلى الله عليه و آله وتثبيته على ما يكابد من الكفرة، واختلاف المميّزين لما في التكرير من البشاعة. ۶
(فمصّر الأمصار).
في القاموس: «المصر ـ بالكسر ـ : الحاجز بين الشيئين، والحدّ بين الأرضين والكورة. ومصّروا المكان تمصيرا: جعلوه مصرا». ۷
(مثل تحويلي من الشمى إلى الظلّ).
قال بعض الشارحين:
المماثلة في القلّة والنقصان وعدم الاعتداد به، وهذا من باب المبالغة في التعبير عن التعلّق بالرذائل، أو باعتبار أنّ الزيادة والنقصان في الماضي أمرٌ وهمي اعتباري، وفيه زجر لكلّ أحد عن التمسّك بالدّنيا وإن رجا طول العمر فكيف مع قصره، انتهى. ۸
واعلم أنّه اختلف الأخبار وأقوال أهل السِّير والمفسّرين في مدّة عمر نوح عليه السلام ، وأنّه في كم بعث، وكم عاش بعد الطوفان، مع اتّفاق الكلّ في أنّه لبث في قومه ألف سنة إلّا خمسين عاما ـ كما نطق به الكتاب العزيز ۹ ـ ففي بعض أخبارنا ما عرفت، وفي بعضها أنّه عاش ألفي سنة وخمسمائة سنة. ۱۰
وروى الصدوق رحمه الله في الحسن بإسناده عن هشام بن سالم عن الصادق عليه السلام قال: «عاش نوح ألفي سنة، وخمسمائة سنة، منها ثمانمائة سنة وخمسون سنة قبل أن يبعث، وألف سنة إلّا خمسين عاما وهو في قومه يدعوهم، ومائتا سنة في عمل السفينة، وخمسمائة عام بعدما نزل من السفينة» ۱۱ وساق الخبر نحو ما مرّ في الكتاب.
وقال بعض الأفاضل: لعلّه سقط بعض فقرات تلك الرواية من خبر الكتاب، واللّه أعلم. ۱۲
ورواه أيضا في الصحيح بإسناده عن عليّ بن الحكم. ۱۳
وروى أيضا عن أبيه، بإسناده عن عليّ بن الحكم، عن بعض أصحابنا مثله. وروى عن عليّ بن أحمد، عن محمّد بن جعفر الأسدي، عن سهل بن زياد، عن عبد الظيم بن عبد اللّه الحسني، قال: سمعت عليّ بن محمّد العسكري عليه السلام يقول: «عاش نوح عليه السلام ألفين وخمسمائة سنة». ۱۴
وروى في الصحيح عن محمّد بن يوسف، عن الصادق عليه السلام ، عن النبيّ صلى الله عليه و آله قال: «عاش نوح ألفي سنة وأربعمائة سنة وخمسين سنة». ۱۵
وقال بعض أهل السّير: ولد نوح عليه السلام بعد وفاة آدم عليه السلام بستّة وعشرين ومائة سنة، وبعث وله مائة وخمسون سنة. وقال بعضهم: مائتان وخمسون سنة. وبعضهم: ثلاثمائة وخمسون سنة. وعاش بعد الطوفان مائتين وخمسين، أو ثلاثمائة وخمسين سنة. وقيل: بُعث وله أربعمائة وخمسون سنة، وعاش بعد هلاك قومه خمسين سنة. ۱۶
وقال البيضاوي: «روي أنّه بعث على رأس أربعين، ودعا قومه تسعمائة وخمسين، وعاش بعد الطوفان ستّين سنة». ۱۷
1.في كثير من نسخ الكافي: + «سنة».
2.في الطبعة القديمة: «وخمسين».
3.في بعض نسخ الكافي والوافي: «فقال».
4.في بعض نسخ الكافي: «تحوّلي».
5..العنكبوت (۲۹): ۱۴.
6.تفسير البيضاوي، ج ۴، ص ۳۱۰.
7.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۱۳۴ (مصر) مع التلخيص.
8.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۰۱.
9.العنكبوت (۲۹): ۱۴.
10.الأمالي للصدوق، ص ۶۰۲، المجلس ۷۷، ح ۸۳۶؛ علل الشرائع، ج ۱، ص ۳۲، ح ۱.
11.الأمالي للصدوق، ص ۶۰۲، المجلس ۷۷، ح ۸۳۶.
12.ذهب إليه العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۳۰۳.
13.كمال الدين، ص ۵۲۳، ح ۱.
14.علل الشرائع، ج ۱، ص ۳۲، ح ۱.
15.كمال الدين، ص ۵۲۳، ح ۳.
16.اُنظر في الأقوال: تاريخ الطبري، ج ۱، ص ۱۱۸ ـ ۱۳۳؛ الكامل في التاريخ، ج ۱، ص ۶۷ ـ ۷۷.
17.تفسير البيضاوي، ج ۴، ص ۳۱۰ مع اختلاف يسير في اللفظ.