551
البضاعة المزجاة المجلد الثالث

البضاعة المزجاة المجلد الثالث
550

متن الحديث الثالث والثلاثين والأربعمائة

۰.عَنْهُ ، عَنْ عَلِيٍّ ، عَنِ الْحَسَنِ۱، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ ، عَنِ الْفُضَيْلِ ، قَالَ :دَخَلْتُ مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَيَّ ، فَنَظَرَ إِلَى النَّاسِ وَنَحْنُ عَلى بَابِ بَنِي شَيْبَةَ ، فَقَالَ : «يَا فُضَيْلُ ، هكَذَا كَانَ ۲ يَطُوفُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، لَا يَعْرِفُونَ حَقّا ، وَلَا يَدِينُونَ دِينا ؛ يَا فُضَيْلُ ، أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ مُكِبِّينَ ۳ عَلى وُجُوهِهِمْ ، لَعَنَهُمُ اللّهُ مِنْ خَلْقٍ مَسْخُورٍ بِهِمْ، مُكِبِّينَ عَلى وُجُوهِهِمْ» .
ثُمَّ تَلَا هذِهِ الْايَةَ : « «أَ فَمَنْ يَمْشِى مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِى سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ»۴ يَعْنِي وَاللّهِ عَلِيّا عليه السلام وَالْأَوْصِيَاءَ عليهم السلام ».
ثُمَّ تَلَا هذِهِ الْايَةَ : «فَلَمّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِى كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ» ۵ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام .
يَا فُضَيْلُ ، لَمْ يَتَسَمَّ ۶ بِهذَا الِاسْمِ غَيْرُ عَلِيٍّ عليه السلام إِلَا مُفْتَرٍ كَذَّابٌ إِلى يَوْمِ النَّاسِ ۷ هذَا ، أَمَا وَاللّهِ يَا فُضَيْلُ مَا لِلّهِ ـ عَزَّ ذِكْرُهُ ـ حَاجٌّ غَيْرَكُمْ ، وَ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَا لَكُمْ ، وَلَا يَتَقَبَّلُ إِلَا مِنْكُمْ ، وَإِنَّكُمْ لَأَهْلُ هذِهِ الْايَةِ: «إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيما» . ۸
يَا فُضَيْلُ ، أَ مَا تَرْضَوْنَ أَنْ تُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَتُؤْتُوا الزَّكَاةَ ، وَتَكُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ وَتَدْخُلُوا الْجَنَّةَ؟» ثُمَّ قَرَأَ : « «أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ»۹ أَنْتُمْ وَاللّهِ أَهْلُ هذِهِ الْايَةِ» .

شرح

السند ضعيف.
قوله: (ونحن على باب بني شيبة).
هم أولاد شيبة بن عثمان الجحني، ومفتاح الكعبة مسلّم إليهم، وباب بني شيبة الآن في داخل المسجد بسبب توسعته بإزاء باب السلام عند الأساطين.
(يا فضيل، اُنظر إليهم) على صيغة الأمر، ويحتمل أن يكون على صيغة التكلّم.
(مكبّين على وجوههم).
في بعض النسخ: «منكبين».
قال الجوهري: «كبّه لوجهه، أي صرعه، فأكبّ هو على وجهه، وهذا من النوادر أن يُقال: افعلتُ أنا وفعلتُ غيري، وأكبَّ فلان وانكبّ بمعنى». ۱۰
(لعنهم اللّه من خلقٍ مسخور بهم مكبّين على وجوههم) من السخريّة؛ يعني كلّ من يراهم سخر منهم ومن أوضاعهم وأطوارهم وسنّتهم وسيرتهم. وكلمة «من» للتبيين، أو للتبعيض.
وقيل: لعلّه إشارة إلى قوله تعالى: «سَخِرَ اللّه ُ مِنْهُمْ»۱۱ ، أو المراد استهزاء المؤمنين بهم في القيامة. ۱۲
وفي بعض النسخ: «لعنهم اللّه من خلق مسخورا أراهم منكبّين على وجوههم».
وقال بعض الشارحين: «الانكباب محمول على الحقيقة؛ لأنّه عليه السلام رآهم على الصور المبدّلة المسخيّة، وحمله على التشبيه محتمل». ۱۳
(ثمّ تلا هذه الآية: «أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى» ).
قال البيضاوي:
إنّه يعثر كلّ ساعة ويخرّ على وجهه؛ لوعورة طريقه واختلاف أجزائه، ولذلك قابل بقوله: «أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّا» : قائما سالما من العثار.
(عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»: مستوي الأجزاء و الجهة. والمراد تمثيل المشرك والموحّد بالسالكين واللدّينين بالمسلكين، ولعلّ الاكتفاء بما في الكبّ من الدلالة على حال المسلك للإشعار بأنّ ما عليه المشرك لا يستأهل أن يسمّى طريقا كمشي المتعسّف في مكان معتاد غير مستو.
وقيل: المراد بالمكبّ الأعمى؛ فإنّه يتعسّف فينكبّ، وبالسوي البصير.
وقيل: من يمشي مكبّا هو الذي يحشر على وجهه إلى النار، ومن يمشي سويّا الذي يحشر [على] قدميه إلى الجنّة، انتهى. ۱۴
والظاهر أنّ قوله عليه السلام : (يعني واللّه عليّا عليه السلام والأوصياء عليهم السلام ) تفسير للموصول الثاني، ويحتمل أن يكون تفسيرا ل«صراط مستقيم».
(ثمّ تلا هذه الآية: «فَلَمَّا رَأَوْهُ» قال البيضاوي:
أي الوعد بمعنى الموعود.
«زُلْفَةً» ذا زلفة، أي قُرب.
«سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا» : بانَ علّتها الكآبة، وساءتها رؤية العذاب.
«وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ» به تطلبون وتستعجلون تفتعلون من الدّعاء، أو تدّعون أن لا بعث فهو من الدعوى، انتهى. ۱۵
والظاهر أنّ قوله عليه السلام : (أمير المؤمنين) تفسير لمرجع الضميرين، وبيان للمشار إليه، فمعنى الآية على هذا التفسير: فلمّا رأوا أمير المؤمنين عليه السلام ذا قُرب ومنزلة عند ربّه في القيامة، ظهر أثر الحزن والكآبة في وجوه الذين كفروا بولايته، وقال لهم قائل بأمر اللّه مشيرا إليه عليه السلام : هَذَا الَّذِي كُنتُمْ تَدَّعُونَ منزلته ومكانه وتسميتهم باسمه الخاصّه به، وهو أمير المؤمنين، أو تستعجلون على سبيل الإنكار ظهور منزلته عند اللّه التي أخبركم بها رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
قال عليّ بن إبراهيم: إذا كان يوم القيامة، ونظر أعداء أمير المؤمنين عليه السلام إلى ما أعطاه اللّه من المنزلة الشريفة العظيمة، وبيده لواء الحمد، وهو على الحوض يسقي ويمنع، تسودّ وجوه أعدائه، فيُقال لهم: «هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ» منزلته وموضعه واسمه. ۱۶
(يا فضيل، لم يتسمّ).
في بعض النسخ: «لم يسمّ».
(بهذا الاسم) يعني أمير المؤمنين.
(غير عليّ عليه السلام إلّا مفترٍ كذّاب إلى يوم الناس هذا) أو يوم القيامة، أو زمان التكلّم بهذا الحديث.
وفيه دلالة على عدم جواز إطلاق هذا الاسم على سائر الأئمّة عليهم السلام أيضا.
(أما واللّه يا فضيل، ما للّه ـ عزّ وجلّ ـ حاجّ غيركم).
كلمة «ما» نافية، والحاجّ اسم فاعل من الحجّ.
قال الجوهري: «حججت البيت أحجّه حجّا، فأنا حاجّ». ۱۷ وكونه من الحجّه مع عدم مناسبته للمقام لم يعهد من اللغة.
(وإنّكم لأهل هذه الآية) باعتبار العمل بمضمونها، والانتفاع بالثمرة المترتّبة عليه؛ لأنّ التديّن بالولاية رأس اجتناب الكبائر وأصله.
«إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ» أي كبائر الذنوب التي نهاكم اللّه ورسوله عنها.
«نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ» .
قيل: أي نغفر لكم صغائركم، ونمحها عنكم.
«وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيما» . ۱۸ قرأ نافع بفتح الميم، والباقون بالضمّ، وهما يحتملان المصدر والمكان، أي إدخالاً مقرونا بالكراهة، أو الجنّة وما وعد فيه من الثواب.
(يا فضيل، أما ترضون أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة، وتكفّوا ألسنتكم) عن المخالفين (وتدخلوا الجنّة؟).
(ثمّ قرأ قوله تعالى) في سورة النساء: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ» يعني عن القتال «وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ» واستقبلوا بما اُمرتم به. وتتمّة الآية: «فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّه ِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْاخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنْ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً»۱۹ .
(أنتم واللّه أهل هذه الآية) المشار إليه بهذه الفقرة الاُولى من الآية لا تمامها؛ يعني أنتم معاشر الشيعة مكلّفون بمضمونها، وينبغي أن تعلوا به في زمن استيلاء أهل الجور.
هذا، ويفهم من هذا الخبر أنّ المراد بكفّ الأيدي في الآية ما يعمّ كفّ الألسن، فتدبّر.

1.هكذا في النسخة ومعظم نسخ الكافي. وفي الطبعة القديمة: «عليّ بن الحسن» بدل «علي عن الحسن»، ولاحظ ما قلنا ذيل سند الحديث السابق.

2.في بعض نسخ الكافي: «كانوا».

3.في بعض نسخ الكافي: «منكبين».

4.الملك (۶۷): ۲۲.

5.الملك (۶۷): ۲۷.

6.في بعض نسخ الكافي: «لم يسمّ».

7.في الطبعة القديمة: «يوم البأس».

8.النساء (۴): ۳۱.

9.النساء (۴): ۷۷.

10.الصحاح، ج ۱، ص ۲۰۷ (كبب) مع التلخيص.

11.. التوبة (۹): ۷۹.

12.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۳۱۱ مع اختلاف يسير في اللفظ.

13.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۰۵.

14.تفسير البيضاوي، ج ۵، ص ۳۶۵.

15.تفسير البيضاوي، ج ۵، ص ۳۶۶.

16.تفسير القمّي، ج ۲، ص ۳۷۹ مع التلخيص.

17.الصحاح، ج ۱، ص ۳۰۳ (حجج).

18.. النساء (۴): ۳۱.

19.. النساء (۴): ۷۷.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید ؛ فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 240660
صفحه از 607
پرینت  ارسال به