متن الحديث السابع والأربعين والأربعمائة
۰.إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ الْقُرَشِيُّ ، قَالَ :أَتى إِلى أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام رَجُلٌ ، فَقَالَ لَهُ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللّهِ ، رَأَيْتُ فِي مَنَامِي كَأَنِّي خَارِجٌ مِنْ مَدِينَةِ الْكُوفَةِ فِي مَوْضِعٍ أَعْرِفُهُ ، وَكَأَنَّ شَبَحا مِنْ خَشَبٍ أَوْ رَجُلًا مَنْحُوتا مِنْ خَشَبٍ عَلى فَرَسٍ مِنْ خَشَبٍ يُلَوِّحُ بِسَيْفِهِ ، وَأَنَا أُشَاهِدُهُ ۱ فَزِعا مَرْعُوبا .
فَقَالَ لَهُ عليه السلام : «أَنْتَ رَجُلٌ تُرِيدُ اغْتِيَالَ رَجُلٍ فِي مَعِيشَتِهِ ، فَاتَّقِ اللّهَ الَّذِي خَلَقَكَ ثُمَّ يُمِيتُكَ» .
فَقَالَ الرَّجُلُ : أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أُوتِيتَ عِلْما ، وَاسْتَنْبَطْتَهُ مِنْ مَعْدِنِهِ ، أُخْبِرُكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللّهِ عَمَّا قَدْ ۲ فَسَّرْتَ لِي ، إِنَّ رَجُلًا مِنْ جِيرَانِي جَاءَنِي وَعَرَضَ عَلَيَّ ضَيْعَتَهُ ، فَهَمَمْتُ أَنْ أَمْلِكَهَا بِوَكْسٍ كَثِيرٍ ، لِمَا عَرَفْتُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا طَالِبٌ غَيْرِي .
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : «وَصَاحِبُكَ يَتَوَلَانَا ، وَيَبْرَأُ مِنْ عَدُوِّنَا؟».
فَقَالَ : نَعَمْ يَا ابْنَ رَسُولِ اللّهِ ، رَجُلٌ جَيِّدُ الْبَصِيرَةِ ، مُسْتَحْكَمُ الدِّينِ ، وَأَنَا تَائِبٌ إِلَى اللّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَإِلَيْكَ مِمَّا هَمَمْتُ بِهِ وَنَوَيْتُهُ ، فَأَخْبِرْنِي يَا ابْنَ رَسُولِ اللّهِ لَوْ كَانَ نَاصِبا ۳ حَلَّ لِي اغْتِيَالُهُ؟
فَقَالَ : «أَدِّ الْأَمَانَةَ لِمَنِ ائْتَمَنَكَ وَ أَرَادَ مِنْكَ النَّصِيحَةَ وَلَوْ إِلى قَاتِلِ الْحُسَيْنِ عليه السلام » .
شرح
السند مرسل.
قوله: (وكان شَبَحَا من خشب).
في القاموس: «الشَبَح ـ محرّكة ـ : الشخص، ويسكّن». ۴
(أو رجلاً)؛ كان الترديد من الراوي.
(يلوّح بسيفه).
في القاموس: «لاح بسيفه: لمع به، كلوّح». ۵ وفي تاج اللغة: «التلويح: الإشارة».
(وأنا اُشاهده فزعا مرعوبا).
الفزع ـ محرّكة ـ : الخوف، وفعله كعلم، وهو فزع ككتف. والرعب: الإخافة.
(فقال له عليه السلام : أنت رجلٌ تريد اغتيال رجلٌ في معيشته).
قال الفيروزآبادي: «غاله: أهلكه، كاغتاله، وأخذه من حيث لم يدرِ». ۶
وقال: «العيش: الحياة. عاش يعيش عيشا ومعيشةً. والمعيشة: التي تعيّش بها من المطعم والمشرب، وما تكون به الحياة، وما يُعاش به أو فيه». ۷
(فهممت أن أملكها بوكس كثير).
قال في القاموس: «الوكس ـ كالوعد ـ : النقصان، والتنقيص، لازم متعدّ». ۸
وقال: «نصحه وله ـ كمنعه ـ نصحا، والاسم: النصيحة. ونصح: خلص». ۹
وقال بعض الشارحين:
كأنّه عليه السلام أوّل رؤياه بالإلهام والتعليم الربّاني، ويحتمل أنّه استنبط أنّ ذلك الرائي منافق يريد اغتيال غيره من قوله تعالى: «كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ»۱۰ . وقد فسّر بعض المعبّرين الخشب بالمنافق نظرا إلى هذه الآية، فذلك الشبح الخشبي كان مثاله، وذلك الفرش الخشبي كان نفاقه، وكما أنّ المنافق في ترويج أمره راكب على فرس النفاق الذي لا يكون أمره رائجا، ولا يوصل صاحبه إلى منزل، كذلك [الفرس ]الخشبي وسيف ذلك الشبح قصد الرائي إهلاك غيره. وأمّا كون الاغتيال في أمر المعيشة فيحتمل أنّه مستنبط من ركوبه على الفرس؛ لأنّ الفرس قد يأوّل بالدُّنيا وسعة المعاش [و]لأنّه سبب لازدياد الرزق والتوسعة في المعيشة وطلب الدُّنيا، كما ورد في بعض الروايات، واللّه يعلم. ۱۱
1.في بعض نسخ الكافي: «شاهده».
2.في بعض نسخ الكافي والوافي: - «قد».
3.في بعض نسخ الكافي: «ناصبيّا».
4.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۲۳۰ (شبح).
5.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۲۴۸ (لوح) مع التلخيص.
6.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۲۷ (غول).
7.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۲۸۰ (عيش) مع التلخيص.
8.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۲۵۸ (وكس).
9.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۲۵۲ (نصح) مع التلخيص.
10.. المنافقون (۶۳): ۴.
11.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۰۹.