37
العنعنة

العنعنة
36

4 ـ المعنْعَنُ بينَ الاتّصال والانقطاع :

قال الشهيد الثاني في المعنعن : والصحيح ، الّذي عليه جمهور المحدّثين ، بل كاد يكون إجماعا ، أنّه متّصل ۱ .
وقال السيّد الداماد : عندنا وفي أعصارنا واستعمالات أصحابنا ، فأكثر ما يراد بالعنعنة : الاتّصال ۲ .
وقال ابن حجر : إنّ « عن » في عرف المتقدّمين محمولة على السماع قبل ظهور المدلّسين ۳ .
وقال ابن الصلاح : والصحيح والّذي عليه العمل ، أنّه من قبيل الإسناد المتّصل ، وإلى هذا ذهب الجماهير من أئمّة الحديث وغيرهم ، وأودعه المشترطون للصحيح في تصانيفهم فيه ، وقبلوه ، وكان أبو عمر بن عبد البرّ الحافظ يدّعي إجماع أئمّة الحديث على ذلك ۴ .
وادّعى أبو عمرو الداني المقرئ الحافظ : إجماع أهل النقل على ذلك . وإنْ خالفها بعض الحنفية فقال : اعلم أنّ « عن » مقتضية للانقطاع عند أهل الحديث ، ووقع في مسلم والبخاري من هذا النوع شيء كثير ، فيقولون على سبيل التجوّه : ما كان من هذا النوع في غير الصحيحين فمنقطع ، وما كان في الصحيحين فمحمول على الاتّصال . انتهى ۵ .
ومن أصحاب التجوّه هؤلاء مَن صرّح بأنّ إخراج مسلم في صحيحه لحديث مَن كان مِن المدلّسين ، دليل على أنّه ثبتَ عنده أنّه متّصل وأنّه لم يدلّس فيه .
وأضاف : وفي الصحيحين من العنعنة شيء كثير ، وذلك دليل على أنّه ليس بمدلّس ، أو أنّه ثبت من خارج أنّ تلك الأحاديث متّصلة ، مع أنّه قال في مورد : إنّ عنعنة المدلّس قادحة في الصحّة ۶ .
أقول :
وهذا الإجماع دعوىً ومخالفةً إنّما يرد على المتشدّدين في أمر الإسناد إلى حدّ التفريط والإفراط ، وهو دليل على تجاوزهم للحدود اللّازمة في ضبط الحديث وطرقه .
وأضاف ابن الصلاح : وهذا بشرط أن يكون الّذين أُضيفت العنعنةُ إليهم قد ثبتت ملاقاة بعضهم بعضا ، مع براءتهم من وصمة التدليس ، فحينئذٍ يُحمَل على ظاهر الاتّصال ، إلّا أنْ يظهر فيهم خلاف ذلك ۷ .
أقول :
قوله : « ثبتتْ ملاقاة . . . » ؛ يمكن أن يُقال : إنّ ظهوره في الاتّصال ما لم يثبت الخلاف يقتضي كون الأصل فيه هو الاتّصال ، وحينئذٍ فلا لزوم لثبوت اللقاء ، بل يكفي إمكانُه وعدم ثبوت خلافه ، فيكون واقع هذا الشرط هو قابليّة اللقاء و « إمكانه » ، كما عبّر به بعض علمائنا ۸ .
وعلى هذا فليس « اللقاء » شرطا إضافيا ، بل هو بيان لواقع « الاتّصال » الّذي هو الأصل ، ويظهر هذا من مخالفة المتشدّدين من العامّة الّذين اشترطوا العلم الخاصّ باللقاء ، وعبّروا عنه بطول الصحبة ، كما سيأتي ۹ .
وقوله : « مع براءتهم من وصمة التدليس » ؛ فالمراد أنّ ثبوت وصمة التدليس في حقّهم مانع من الاعتماد على ظاهر « العنعنة » في الاتّصال ، فالمانع من الحكم باتّصال المعنعن هو ظهور قرينة تدلّ على عدم اللقاء ، وثبوت التدليس في مورده ، كما صرّح بذلك صاحب القوانين ۱۰ .
وقد أعلّوا أحاديث كثيرة بقولهم « فلان مدلّسٌ وقد عنعنهُ » ، أو « رواه بالعنعنة » حتّى لو كان الراوي ثقةً ! ۱۱ . وصرّحوا بأنّ عنعنة المدلّس قادحة في الصحّة ۱۲ حتّى من مثل الأوزاعي ، فقد قال ابن حجر في حديث أعلّه : العلّة فيه عنعنة الأوزاعي ۱۳ . وقال النووي : الحسن بن عرفة روى بعنعنته إلى أنس ۱۴ .
لا مجرّد احتمال التدليس ، فإنّه مَنْفيٌّ بالأصل ؛ لأنّ الأصل عدمه ، وهو كذلك منفيٌّ بأصالة الصحّة في فِعل المسلم . وقد اعتمد على هذا الأصل الثاني في المقام الشافعيُّ في الرسالة ، حيث قال : المسلمون العدول عدولٌ أصحّاء الأمر في أنفسهم . . . وقولهم عن خبر أنفسهم وتسميتهم على الصحّة ، حتّى نستدلّ من فِعلهم بما يخالف ذلك فنحترس منهم في الموضع الّذي خالف فِعلهم فيه ما يجب عليهم ۱۵ .
واعتمده من علمائنا الإمام العامليّ حيث قال : والأصحّ عدم اشتراط شيء من ذلك لحمل المسلم على الصحّة ۱۶ .
أقول :
ما ذُكر من الشرطين ، متحقّقان : أحدهما بظهور الكلمة في الاتّصال ، والثاني بأصالة عدم التدليس ، وكلاهما بأصالة الصحّة في فعل المسلم .
فاللّازم اشتراط عدم ثبوت التدليس ، لا ثبوت عدمه . نعم ، لو عُلم عدم اللقاء ، أو عُلم التدليس في استعمال « عن » في معنى الرواية غير المتّصلة ، فالسَنَدُ معلّل بذلك . كما قال ابن حجر في ترجمة ( إبراهيم بن جرير بن عبد اللّه البجلي ) : صدوق ، إلّا أنّه لم يسمع من أبيه ، وقد روى عنه بالعنعنة ، وجاءت روايةٌ بصريح التحديث ، لكنّ الذنب لغيره ۱۷ .
وقال في التهذيب : قال ابن معين : لم يسمع من أبيه شيئا . وقال ابن عديّ : يقول في بعض رواياته : « حدّثني أبي » ولم يضعّف في نفسه . . . وأحاديثه مستقيمة تُكتب . . . مات أبوه وهو حَمْلٌ .
قال ابن حجر : إنّما جاءت روايته عن أبيه بتصريح التحديث منه من طريق . . . ضعيف ، ونسبه بعضهم إلى الكذب ، وقد روى عن أبيه بالعنعنة أحاديث ۱۸ .
ومضى تعليلهم لحديث المدلّس بأنّه رواه بالعنعنة ، أو عَنْعَنَهُ . وقد عرفنا في تحقيقنا لمدلول « عَنْ » لغةً أنّها وفي الأسانيد خاصّة بمعنى « مِنْ » الدالّة على النقل المباشر ، ولا تستعمل في غيره إلّا مع التصريح أو القرينة .
وعلى هذا يجب أن نحمل كلام المحقّق الداماد حيث قال : والعنعنة بحسب مفاد اللفظ أعمّ من الاتّصال ، فإذا أمكن اللقاء وصَحّت البراءة من التدليس تعيّن أنّه متّصل ، ولا يفتقر إلى كون الراوي معروفا بالرواية من المرويّ عنه ، على الأصحّ ۱۹ .
فقوله : « إذا أمكن اللقاء » يقتضي الاكتفاء بما يعطيه ظاهر النقل ، وقوله : « صحّت البراءة من التدليس » يمكن الاعتماد فيها على الأصل المذكور . ويدلّ على إرادته لهذا المعنى تقييده العنعنة المفيدة لعدم الاتّصال بكونها « بحسب مفاد اللفظ » ، مع أنّ المبحوث عنها هي العنعنة المصطلحة .
وأمّا قوله : « ولا يفتقر . . . على الأصحّ » فهو صريح في نفي ما يقوله المتشدّدون من اشتراط اللقاء والتأكّد من عدم التدليس ، فلاحظ .
فما عن الخطيب البغدادي من قوله : إنّ « عَنْ » مستعملةٌ كثيرا في تدليس ما ليس بسماعٍ ۲۰ . وكذلك ما فُرّع عليه من أنّ قول المحدّث : « حدّثنا فلان ، قال : حدّثنا فلان » أعلى منزلةً من قوله : « حدّثنا فلان ، عن فلان » ۲۱ .
كلاهما باطلان :
أوّلاً : لو فرض صحّة ما نقله من كثرة الاستعمال في التدليس في تراث الخطيب ومَنْ على شاكلته ، فإنّها لم تبلُغ مبلغا يُرفع بها اليد عن ظاهر اللغة وعن الأصلين اللذين ذكرناهما ، خصوصا في تراثنا الإماميّ الّذي ثبت فيه كثرة الاستعمال للاتّصال ، بل نَدَرَ خلافه ، كما سيأتي مفصّلاً .
وثانيا : إنّ قوله : « ما ليس بسُماعٍ » أعمُّ من المدّعى وهو عدم الاتّصال ؛ لأنّ ما ليس بسماع يشمل ما كان بالقراءة وسائر الطرق المعتبرة الّتي لا ريب في كون الرواية بها متّصلة ومسنَدةً ، وإنّما البحث في العنعنة في أدائها إلى الانقطاع أو الإرسال .
مضافا إلى منافاة دعوى الخطيب لكثرة استعمال « عن » في التدليس ، مع دعوى الإجماع المتأخّر عن الخطيب على الاتّصال في الحديث المعنعن ، كما عرفت . فلو كان منعقدا في عصره لم ينعقد فيما بَعده على خلافه .
وأمّا التفريع عليه فهو باطل ؛ لأنّ الراوي لو كان مدلّسا لم يفرّق في عدم اعتبار قوله بين ما صرّح بألفاظٍ مثل : « حدّثنا فلان ، قال : حدّثنا » ، وبين قوله : « حدّثنا فلان ، عن فلان » ؛ لأنّ المدلِّس لا يؤمَنُ على قوله ، فإنّه يُخفي كذبه في الثاني ، فكيف يصدّق على الأوّل ؟ !
فما وجه عُلُوّ الأوّل على الثاني ، مع فرض العلم بكونه مدلّسا ؟ ! وإنْ لم يكن مدلّسا ، فلا فرق بين قوليه ؛ لأنّ « عَنْ » على ظاهر الاتّصال ، ومحكوم به ، ما لم يُعلم الخلاف ، كما مرّ في حقّ « إبراهيم بن جرير بن عبد اللّه البجلي » . مضافا إلى أنّ هذا التفريق مبتنٍ على التشديد في مسألة ألفاظ التحمّل والأداء وصيغه والتفرقة بينها في الطرق ، وقد أثبتنا في بحثٍ مستقلٍّ خاصّ بذلك : عدم صحّة التشدّد المذكور ۲۲ كما ستأتي الإشارة إليه أيضا .
فما التزم به جمع من العامّة من تعليل الأحاديث بمجرّد كونها « معنعنةً » ، مثل قول ابن حجر : « العلّة فيه عنعنة الأوزاعي » ۲۳ ، وقول كثير منهم في تعليلها : « فلان مدلّس وقد عنعنه » ، أو « . . رواه بالعنعنة » ۲۴ مع كون الراوي ثقة ! كلّ ذلك مبنيّ على ذلك الالتزام الفاسد ، والتشدّد الكاسد .
على أنّ التشكيك في اتّصال المعنعن ، قد حكم ببطلانه القدماء السابقون على الخطيب ، مثل مسلم بن الحجّاج القشيريّ ( ت 261 ه ) الّذي نقل في مقدّمة كتابه عمّن نَسَبَ إليه « سوء الرويّة » قوله : إنّ كلّ إسناد لحديث فيه « فلان عن فلان » وقد أحاط [ أهل ] العلم بأنّهما قد كانا في عصر واحد ، وجائز أنْ يكون الحديث الّذي روى الراوي عمّن روى عنه قد سمعه منه وشافهه به ، غير أنّه لا نعلم له منه سماعا ، ولم نجد في شيءٍ من الروايات أنّهما التقيا قطُّ أو تشافها بحديث : أنّ الحجّة لا تقوم عنده بكلّ خبرٍ جاء هذا المجيء ۲۵ .
ثمّ ترجم مسلم في كتابه لِبابٍ ب : « صحّة الاحتجاج بالحديث المعنعن » ، قال فيه : هذا القول في الطعن في الأسانيد قول مخترَع مستحدَث غير مسبوقٍ صاحبُه إليه ، ولا مساعِدَ له من أهل العلم عليه ، وذلك أنّ القول الشائع المتّفق عليه بين أهل العلم بالأخبار والروايات قديما وحديثا : إنّ كلّ رجلٍ ثقةٍ روى عن مثله حديثا ، وجائزٌ ممكنٌ له لقاؤه والسماع منه ، لكونهما جميعا كانا في عصرٍ واحدٍ ، وإنْ لم يأتِ في خبر قطُّ أنّهما اجتمعا ، ولا تشافها بكلامٍ ، فالروايةُ ثابتةٌ ، والحجّة بها لازمةٌ ، إلّا أنْ يكون هناك دلالةٌ بيّنة أنّ هذا الراوي لم يَلْقَ مَنْ روى عنه أو لم يسمع منه شيئا ، فأمّا ، والأمر مبهم على الإمكان الّذي فسّرناه ، فالرواية على السماع أبدا ۲۶ .
وقال الحاكم ( ت 405 ه ) : الأحاديث المعنعنة وليس فيها تدليس وهي متّصلة بإجماع أئمّة أهل النقل ، على تورُّع رواتها من أنواع التدليس ۲۷ .
وكذا استظهر بعض الأُصوليّين الاتّصال في المعنعن ، قال الشيرازي : « إذا قال : حدّثني فلان عن فلان » فالظاهر أنّه متّصل ، واستدلّ على ذلك بأنّه لو كان بينهما واسطة لبيّن ذلك . وردّ حجّة القول بالإرسال استنادا إلى استعمال الرواية عن المتّصل وغيره ، بأنّ الأصل عدم الوسائط ، فوجب أن يُحمل الأمر عليه ۲۸ ، والظاهر أنّه استدلّ بالأصلَين المذكورَين :
فالأوّل : حمل فِعل الراوي على الصحّة .
والثاني : أصالة عدم الواسطة .
فقد ظهر حصول الإجماع قبل الخطيب وبعده ، على الحكم باتّصال المعنعن ، وهذا ممّا يوهن دعواه كثرة استعمال « عن » في التدليس ، كما لا يخفى . وبالرغم من هذا كلّه ، أصبح احتمال الانقطاع في المعنعن من أهمّ العقبات المطروحة فيه ، كما سيأتي في فصل الإشكالات عليه .

1.شرح البداية : ص ۳۳ .

2.الرواشح السماوية : ص ۱۲۸ .

3.نقله السيّد أحمد صقر في تقديمه لفتح الباري : ج ۱ ص ۴۲ ، عن كتاب تغليق التعليق لابن حجر .

4.نقله المحقّق للمصدر التالي عن التمهيد مبحث الإسناد المعنعن : ج ۱ ص ۲۶ .

5.الجواهر المضيّة : ج ۲ ص ۴۲۸ ـ ۴۲۹ .

6.الجوهر النقي : ج ۳ ص ۳۲۷ و ج ۷ ص ۳۷۷ .

7.علوم الحديث لابن الصلاح : ص ۶۱ .

8.الرواشح السماوية : ص ۱۲۸ .

9.لاحظ : مقباس الهداية : ج ۱ ص ۲۱۰ .

10.القوانين المحكمة : ج ۱ ص ۴۸۶ .

11.لاحظ سنن ابن ماجة : ج ۱ ص ۲۹۰ و ۳۶۵ و ۳۶۶ و ۶۲۱ و ۶۴۱ و ۶۶۳ و ج ۲ ص ۷۸۹ و ۸۰۳ و ۸۸۹ و ۹۰۲ و ۹۲۵ و ۱۱۳۴ و ۱۱۷۸ و ۱۴۰۵ و ۱۴۲۰ ؛ ومجمع الزوائد : ج ۱ ص ۴۲ و ۱۰۳ و ۲۱۲ و ۲۱۳ و ۲۴۵ و ۲۵۲ و ۲۶۸ ؛ والمجموع شرح المهذّب للنووي : ج ۱۲ ص ۱۳۱ و ج ۱۹ ص ۴۳۵ .

12.الجوهر النقي : ج ۷ ص ۳۷۷ .

13.تلخيص الحبير : ج ۵ ص ۲۲۳ .

14.المجموع شرح المهذّب : ج ۲۰ ص ۳۴ .

15.الرسالة : ص ۳۷۸ ؛ وانظر : توثيق السُنّة : ص ۱۹۶ رقم ۳۶۲ .

16.وصول الأخيار : ص ۱۰۰ .

17.تقريب التهذيب : ج ۱ ص ۳۳ رقم ۱۸۰ .

18.تهذيب التهذيب : ج ۱ ص ۱۱۲ رقم ۱۹۵ .

19.الرواشح السماوية : ص ۱۲۷ .

20.الكفاية في علوم الرواية : ص ۴۱۸ .

21.مستدركات مقباس الهداية : ج ۶ ص ۲۸۵ رقم ۴۴۴ .

22.لاحظ بحثنا : « صيغ التحمّل والأداء للحديث الشريف » المنشور في مجلّة علوم الحديث العدد الأوّل ، السنة الأُولى ۱۴۱۸ ه ؛ ولاحظ : علوم الحديث لابن الصلاح : ص ۶۲ .

23.تلخيص الحبير : ج ۵ ص ۲۲۳ .

24.المجموع للنووي ؛ شرح التهذيب : ج ۱۲ ص ۱۳۱ و ج ۱۹ ص ۴۳۵ ؛ وسنن ابن ماجة القزويني : ج ۱ ص ۲۹۰ و ج ۲ ص ۷۸۹ وغيرهما ؛ ومجمع الزوائد : ج ۱ ص ۴۲ و ۱۰۳ و ۲۱۲ وغيرها .

25.صحيح مسلم : ص ۲۲ .

26.المصدر السابق : ج ۱ ص ۲۳ .

27.معرفة علوم الحديث : ص ۳۴ النوع ۱۱ .

28.التبصرة في أُصول الفقه للفيروز آبادي الشيرازي : ص ۳۳۶ .

  • نام منبع :
    العنعنة
    المؤلف :
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    الاولی
عدد المشاهدين : 107546
الصفحه من 173
طباعه  ارسل الي