49
العنعنة

8 ـ أحوال « عَنْ » في الأسانيد :

قال الصنعاني : إنّ للفظ « عن » ثلاثة أحوال :
الأوّل : إنّها بمنزلة « حدّثنا » و « أخبرنا » .
الثاني : إنّها ليست بتلك المنزلة ، إذا صدرت من مدلّسٍ .
وهاتان الحالتان ، مختصّتان بالمتقدّمين .
وأمّا المتأخّرون وهم مَنْ بعدَ الخمسمئة وهَلُمَّ جَرّا فاصطلحوا عليها للإجازة ، وهذه هي الحالة الثالثة . إلّا أنّ الفرق بينها وبين الحالة الأُولى مبنيٌّ على الفرق فيما بين السماع والإجازة ؛ لكون السماع أرجح .
وبقي حالة أُخرى لهذه اللفظة ، وهي خفيّة جدّا ، لم يُنبّه أحدٌ عليها في علوم الحديث ، مع شدّة الحاجة إليها ، وهي : أنّها ترد ، ولا يتعلّق بها حكم باتّصال ولا انقطاع ، بل يكون المراد بها سياق قصّة ، سواء أدركها الناقلُ أم لم يدركها ! ويكون هناك شيء محذوف ، فيُقدّر ۱ .
أقول :
وقد صرّح بهذه الحالة أيضا ابن عبد البرّ في التمهيد ، والسخاوي في الفتح ۲ . فلو كان ذلك مذكورا في أثناء الإسناد فإنّ في عدّها حالةً مستقلّةً تأمُّلاً ؛ وذلك لأنّ كلام الناقل المذكور لا يخلو إمّا أنْ يكون نقلاً مباشرا عمّن قاله ، فهو متّصلٌ ، وإمّا أنْ يكون بواسطة غير مذكورة ، فهو منقطعٌ ، والناقل مدلّسٌ ، وإمّا أنْ يكون السند مذكورا في محلّ آخر ، فهو معلَّقٌ ، وإنْ لم يُذكَر أصلاً ، فهو مُرسَلٌ . فليس ما ذكره خارجا عن هذه الحالات .
وإنْ لم يكن في الإسناد ، فلا ربط له بمباحث علوم الحديث . فاستشهاد المشكّكين في الحديث المعنعن بمثل هذه الحالة ، وهي من أهمّ أدلّتهم ، غير صحيح على قول العلائي ؛ لأنّ المفروض عدم تعلّق حكم الاتّصال ولا حكم الانقطاع بمثل سياق القصّة ؛ لأنّ الاتّصال والانقطاع من أحكام الإسناد ، وعلى فرضه لا إسناد هنا .

1.توضيح الأفكار : ج ۱ ص ۳۳۶ .

2.فتح المغيث : ج ۱ ص ۱۵۹ .


العنعنة
48
  • نام منبع :
    العنعنة
    المؤلف :
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    الاولی
عدد المشاهدين : 93599
الصفحه من 173
طباعه  ارسل الي