115
حياة الشيخ محمد بن يعقوب الكليني

الفصل الثاني : الهوية الشخصية للشيخ الكليني

توطئة :

هناك الكثير من الأشياء الغامضة في الحياة الشخصية لعباقرة الشيعة الذين تركوا آثارا علمية قيّمة، لم تزل طرق البحث موصدة أمام اكتشافها؛ لعدم وجود ما يدلّ على تفاصيل تلك الحياة التي اكتنفها الغموض من جوانب شتّى. وكلّما ابتعدنا عن تاريخ اُولئك العظماء، إزدادت حياتهم الشخصية غموضا، خصوصا بعد حرق مكتبات الشيعة في القرن الخامس الهجري على أثر الهمجية السياسية التي غذّتها الطائفية البغيضة وحوّلت مداد العلماء إلى دُخان كثيف!
ولا يفيدنا ـ في المقام ـ علم الرجال إلّا شذرات من هنا وهناك؛ لعناية هذا العلم بأحوال الناس جرحا وتعديلاً، وأمّا علم التراجم، فعلى الرغم من تأخّر نشأته، وضياع اُصوله الاُولى، لا زال إلى اليوم يفتقر إلى الاُسس الموضوعية التي لابدّ من مراعاتها في هذا العلم الحيوي لمعرفة من يُراد معرفته بنحو أكثر دقّةً وتفصيلاً، ويأتي في طليعتها: المعاصرة بأن ينهض بأعباء تعريف رموز أي عصر أهل ذلك العصر نفسه، فإن تعذّر ذلك، فالنقل المتقن يدا بيد، وإلّا سيضيع الكثير، وحينئذٍ لا يكفي وصول بعض مؤلّفاتهم أو كلّها لإزالة ذلك الغموض؛ لوضوح اختصاص كلّ كتاب بموضوعه، أو معالجته مشكلة محدّدة قائمة في عصره، وبالتالي ستكون مؤلّفات العظماء الواصلة إلينا من أفقر المواد المتيسّرة لدراسة حياتهم الشخصية.
فكتب الحديث مثلاً لا تدلّنا على أصل مؤلّفيها، ولا توقفنا على عمود نسبهم، ولا تاريخ ولاداتهم، أو نشأتهم، وهكذا في اُمور كثيرة اُخرى تتّصل بهويّتهم، وإن أفادت كثيرا في معرفة ثقافتهم، وفكرهم، وتوجّههم. وانطلاقا من هذه الحقائق المرّة التي تقف حيال معرفة المزيد من الحياة الشخصية لأغلب العلماء المتقدّمين، سنحاول دراسة الهوية الشخصية لثقة الإسلام الكليني بتوظيف كلّ ما من شأنه أن يصوِّر لنا جانبا من تلك الهوية من الولادة إلى الوفاة، لنأتي بعد ذلك على دراسة شخصية الكليني العلمية وبيان ركائزها الأساسية، كالآتي:


حياة الشيخ محمد بن يعقوب الكليني
114
  • نام منبع :
    حياة الشيخ محمد بن يعقوب الكليني
    المؤلف :
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    الاولی
عدد المشاهدين : 305189
الصفحه من 532
طباعه  ارسل الي