117
حياة الشيخ محمد بن يعقوب الكليني

حياة الشيخ محمد بن يعقوب الكليني
116

أولاً ـ اسمه :

هو الشيخ الجليل محمّد بن يعقوب بن إسحاق، بلا خلاف بين سائر مترجميه، إلّا من شذّ منهم من علماء العامّة، نظير ما ورد في كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير (ت / 630 ه )، في حوادث (سنة / 328 ه ) بخلاف ما اتّفق عليه الكلّ، قال : «وفيها تُوفّي محمّد بن يعقوب، وقُتِل محمّد بن علي أبو جعفر الكليني، وهو من أئمّة الإمامية، وعلمائهم» ۱ .
وفي هذا الكلام على قصره ثلاثة أخطاء، وهي:
الأوّل: إنّه جعل انتقال ثقة الإسلام الكليني طاب ثراه إلى رحمة اللّه في (سنة / 328 ه )، وهو أحد القولين في وفاته، وقد وافقه بعض أعلام الإمامية على ذلك، ولكنّ الصحيح هو الثاني، وسيأتي الكلام عن هذا في وفاة الكليني رحمه الله.
الثاني: إنّ لفظ (وَقُتِل) إن كان منه ولم يكن مصحّفا، فهو خطأ ثان، لأنّ الكليني لم يُقتل، وإنّما مات موتا، وبهذا صرّح جميع علماء الإمامية وغيرهم من علماء العامّة، ولكن الظاهر وقوع التصحيف في هذا اللفظ، وإنّ أصله (وقيل) فقلب من النسّاخ أو في أثناء طبع الكتاب إلى (وقتل)، ويدلّنا على ذلك اُمور، وهي:
1 ـ سياق العبارة دال على ما ذكرناه؛ إذ لو كان أصل اللفظ (وقتل)، فالمناسب للسياق أن يذكر الجهة أو المكان، لا أن يعيد الاسم مع الاختلاف في اسم الأب، الذي هو قرينة على (وقيل)، على أنّه ابتدأ الكلام بوفاته، الأمر الذي يدلّ على أنّه قال (وقيل)، ولم يقل (وقتل).
2 ـ وهو ما أشرنا إليه آنفا من أنّه لا يوجد من قال بقتل الكليني رحمه الله قطّ لا قبل ابن الأثير ولا بعده، منذ عصر الكليني وإلى يومنا هذا.
3 ـ ما ذكره ابن عساكر الدمشقي (ت / 571 ه ) في ترجمة الكليني دالّ على أنّ الأصل في كلام ابن الأثير هو (وقيل) ثمّ صحّف فيما بعد إلى (وقتل). قال ابن عساكر: «محمّد بن يعقوب، ويقال: محمّد بن علي، أبو جعفر الكليني..» ۲ . وابن عساكر مات قبل ابن الأثير بتسع وخمسين سنة، الأمر الذي يشير إلى أنّ ما في كتاب الكامل في التاريخ بخصوص هذا المورد مأخوذ من تاريخ دمشق لابن عساكر الذي لم يسبقه إلى هذا القول أحد. ولعلّ ابن عساكر اشتبه بمحمد بن علي بن يعقوب بن إسحاق أحد مشايخ النجاشي ۳ لتشابه الإسمين، أو بشخص آخر من أهل كلين بالإسم المذكور، ويؤكّد اشتباهه أنّه لم يتردّد أحد من علماء الرجال في تسمية أبي ثقة الإسلام بين (يعقوب) و(علي) وإنّما اتّفقوا على تسميته بيعقوب. ويكفي أنّ تلامذة الكليني، وهم أكثر من ثلاثين تلميذا ـ كما سيأتي في تلامذته ـ قد رووا عن شيخهم الكليني ما لا يحصى كثرة مع تسميتهم له بمحمد بن يعقوب.
الثالث: في تسمية الشيخ الكليني بمحمد بن علي، وقد اتّضح جوابه.
ولعلّ من الطريف أنّي لم أجد من اسمه (محمّد بن علي، أبو جعفر الكليني) في جميع كتب الرجال لدى الفريقين، لا في عصر الكليني، ولا في غيره. ومنه يتبيّن غلط ابن عساكر وابن الأثير، وفي المثل: أهل مكّة أعرف بشعابها.
هذا.. وأمّا عن سبب تسمية الكليني بـ (محمّد)، فلا شكّ في كونها تيمّنا باسم خاتم الأنبياء وأشرف المرسلين عليهم السلام نبيّنا محمّد صلى الله عليه و آله ، سيّما والمسمّي والده الشيخ يعقوب، وهو شيخ جليل. وقد صادف أن يكون اسم الكليني الثلاثي مطابقا لثلاثة من أسماء الأنبياء عليهم السلام .
وبالجملة، فإنّ الشيخ يعقوب قد أحسن الاختيار في تسمية وليده الميمون محمّدا، فهو اسم بهي مبارك وجميل، بل هو أجمل أسماء الخلق قاطبة.

1.. الكامل في التاريخ : ج ۸ ص ۳۶۴.

2.. تاريخ دمشق : ج ۵۶ ص ۲۹۷ الرقم ۷۱۲۶.

3.. رجال النجاشي : ص ۳۹۸ الرقم ۱۰۶۶.

  • نام منبع :
    حياة الشيخ محمد بن يعقوب الكليني
    المؤلف :
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    الاولی
عدد المشاهدين : 305134
الصفحه من 532
طباعه  ارسل الي