أمّا اللقب الثاني من ألقاب القسم الأوّل الدّالة على الشيخ الكليني من حيث المكان، فهو:
2 ـ الرازي:
وهو نسبة إلى الريّ، المعروفة حاليا باسم (شهر ري) أي مدينة الريّ ، وهي من الأحياء الكبيرة الجنوبية لطهران عاصمة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وفيها قبر السيّد عبدالعظيم بن عبداللّه الحسني رضى الله عنه وكذلك قبر الشيخ الصدوق محمّد بن علي بن الحسين ابن بابويه القمّي قدس سره.
وحرف (الزاي) من زيادات النسب، ولقب الرازي من الألقاب الشاذّة التي لا تنطبق مع حروف أصل النسبة (الريّ)، نظير لقب المروزي نسبة إلى مروالروذ في أقصى خراسان، وسبب الشذوذ هذا، هو أنّ النسبة إلى الريّ على القياس (رووي)، لأنّ أصلها واوي من روى ريّا، والاسم الريّ .
قال أبو الفتح: «لِيّةٌ (فعلةٌ) من: لويت، ولو نسبت إليها، لقلت: لووي على حقيقة النسب، كما تقوله في الريّ : رووي لولا تغييره» ۱ ، يعني: من رووي إلى رازي.
وقد مرّ في الفصل الأوّل أنّ الريّ كانت تسمّى في القديم (أرازي)، وعلى هذا فالنسبة إليها بحذف ألفها على خلاف القياس أيضا، إذ يقتضي القياس اللغوي أن يكون اللقب على وفق تلك النسبة هو (الأرازي)، ولكن المعتمد هو الأوّل أي: النسبة إلى الريّ .
وسبب نسبة الكليني إلى الريّ ، وتلقيبه بالرازي، إنّما هو على أساس تبعية قرية كلين لمدينة الريّ ، ولأهل القرى حقّ الانتساب إلى مدنهم بلا خلاف، هذا من جهة، ومن جهة اُخرى ، فإنّ الكليني رحمه الله قد سمع الحديث من مشايخ أهل الريّ ، وروى عنهم كثيرا جدّا في الكافي، الأمر الذي يشير إلى انتقاله من كلين إلى الريّ في بدايات حياته العلمية، وبقي فيها إلى أن بلغ ذروة شهرته، حتى قال النجاشي في ترجمته: «شيخ أصحابنا ـ في وقته ـ بالريّ، ووجههم، وكان أوثق الناس في الحديث، وأثبتهم» ۲ .
ولا شكّ أنّ لقب الرازي يعبِّر عن المكان الذي طارت منه شهرة الكليني إلى الآفاق، وهو المكان الذي أنهى فيه شوطا كبيرا من حياته في تأليف كتابه الخالد (الكافي)، وهو آخر كتبه تأليفا، ولكنّه لم يتمّه بالريّ كما سيأتي في مؤلّفاته رحمه الله.