133
حياة الشيخ محمد بن يعقوب الكليني

وفي هذا الكلام عِدّة ملاحظات، وهي:

1 ـ إنّ (الثِّقَةَ) في اللغة لا يدلّ على الإمامي العدل، وإنّما هو مصدر قولك وَثِقَ به وَثَاقة وثِقَةً: إذا ائتمنه، ووثَّقْتُ فلانا، إذا قلت أنّه ثِقَةٌ، والوثاقة: مصدر الشيء الوثيق المحكم.
ويقال: وَثِقْتُ به، أَثِقُ ثِقَةً، أي: سكنتُ إليه، واعتمدت عليه ۱ .
وسكون شخص إلى آخر، والاعتماد عليه فيما يرويه، لا يكون جزافا ما لم يطمئن قبل ذلك من صدقه وتحرّزه من الكذب، سواء كان إماميا أو غيره.
2 ـ إذا كان المراد بالثقة في الأخبار هو المعنى اللغوي، وإنّهم يطلقونه على العدل الإمامي، فإنّه ينبغي عدم تخصيص الكليني بثقة الإسلام، إذ اللازم إطلاقه على كلّ عدل إمامي، وعليه فلابدّ وأن تكون ثمّة ميزة لهذا التخصيص.
3 ـ إنّ الكثير من علماء الشيعة قد بيّنوا سبب تخصيص الكليني بهذا اللقب، وستأتي كلماتهم في الفصل الأخير من هذا البحث ولا بأس بالإشارة إلى بعضها.
قال العلّامة المجلسي: «الشيخ الأجلّ الأعظم، ثقة الإسلام، المعظّم بين الخاصّ والعامّ».
وقال أيضا: «مقبول طوائف الأنام، ممدوح الخاص والعام».
وقال العلّامة الوحيد البهبهاني في الردّ على رواية صحّحها البحراني لأنّها موجودة في أحد الاُصول، قال: «لو كانت كذلك، لكان الكليني ذكرها واعتمد عليها، لكونه أقرب عهدا من الكلّ بالنسبة إلى الاُصول، ولهذا صار ثقة الإسلام عند الخاصّة والعامّة».
4 ـ إنّ إطلاق (ثقة الإسلام) على الكليني لا بصفته عدلاً إماميا فحسب، وإنّما لاتّفاق علماء الفريقين على تعظيمه ووصفه بأعظم من الوثاقة بكثير، كالمجدّد، وغير هذا من الأوصاف الجليلة التي قلّما أطلقها علماء العامّة على رجالات الشيعة، فثناء الكلّ عليه وتبجيله وإطرائه كما سيأتي مفصّلاً في محلّه دليل واضح على سبب إطلاق (ثقة الإسلام) عليه، الأمر الذي يكشف لنا وبكلّ وضوح عن أنّ لهذا الرجل العظيم منزلة بين علماء الإسلام لا يمسّها أحد بسوء إلّا كُذِّب وافتضح أمره بين الناس أجمعين، كما افتضح في هذا بعض متأخّري نابتة عصرنا من الحشوية المعروفين باقتدائهم بمن شذّ عن الطريق المستقيم.

1.. المفردات للأصبهاني : ص ۸۵۳ ، لسان العرب : ج ۱۵ ص ۲۱۲ ، المصباح المنير : ص ۶۴۷ (وثق).


حياة الشيخ محمد بن يعقوب الكليني
132
  • نام منبع :
    حياة الشيخ محمد بن يعقوب الكليني
    المؤلف :
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    الاولی
عدد المشاهدين : 308994
الصفحه من 532
طباعه  ارسل الي