3 ـ قبره الشريف:
من مراجعة ما تقدم يُعلم أنّ مكان قبر الكليني في الجانب الغربي من بغداد؛ لتصريح الشيخ الطوسي وغيره بأنّه دفن ببغداد في مقبرة باب الكوفة، قرب صراة الطائي، وقد رأى الشيخ أحمد بن عبدالواحد بن أحمد البزّاز المعروف بابن عبدون، والمسمّى بابن الحاشر (ت / 423 ه ) أحد مشايخ الشيخ الطوسي والنجاشي، قبر الشيخ الكليني في صراة الطائي وعليه لوح مكتوب فيه اسمه واسم أبيه كما مرّ آنفا.
ومن الثوابت التاريخية أنّ باب الكوفة أحد أبواب بغداد المشهورة؛ لأنّ المنصور العبّاسي (137 ـ 158 ه ) الذي شرع ببناء مدينة بغداد في (سنة / 140 ه ) قد اختار موقعها في الجانب الغربي من نهر دجلة، أي في منطقة الكرخ حاليا، وكان بناؤها مستديرا، ولها أربعة أبواب، سمّيت كلّ منها باسم الجهة التي تقابلها وهي:
1 ـ باب الشام في الشمال الغربي من المدينة مقابل جهة الشام.
2 ـ باب البصرة في الجنوب الشرقي من المدينة باتّجاه البصرة.
3 ـ باب خراسان في الشمال الشرقي على الضفّة الغربية لنهر دجلة باتّجاه خراسان.
4 ـ باب الكوفة في ناحية الجنوب الغربي باتّجاه الكوفة.
وأمّا صراة الطائي، فهو اسم لنهرين ببغداد وكلاهما في الجانب الغربي من بغداد.
أحدهما: يسمّى الصراة العظمى، أو الصراة العليا.
والآخر: يسمّى الصراة الصغرى، أو الصراة السفلى، ومنبعهما من نهر عيسى الأعظم الذي يأخذ ماءه من جنوب بغداد، وتحديدا من المنطقة المسمّاة حاليا بجزيرة بغداد، مقابل منطقة كلوذاي في الطرف الآخر من النهر، وهي الباب الشرقي حاليا، ونهر عيسى نسبة إلى عيسى بن علي بن عبداللّه بن عبّاس، وهذا النهر يتفرّع عند منطقة المحول الكبير ـ وهي تبعد عن سور بغداد بفرسخ واحد ـ إلى عِدّة أنهار صغيرة أشهرها نهر عيسى الأصغر، والصراتين اللذَيْنِ يستمرّان في الجري، ويذهب من الصراة العظمى فرع ليدخل بغداد من باب الكوفة، وما تبقّى منه يتّصل به نهر باب الشام الذي يأخذ ماءه من جهة الشمال وينحدر جنوبا حتى يتصل بالصراة العظمى قرب باب الكوفة بين ربض سليمان وربض المدالي، ثمّ ينحدر ماء النهرين معا إلى جهة باب البصرة بعد تفرّعه إلى أكثر من نهر ليصبّ الجميع في دجلة ۱ .
وقد قال الدكتور مصطفى جواد رحمه الله: «إنّ مصبّ الصراة، هو رأس الجعيفر في المنطقة التي كان فيها بيت السيّد محمّد الصدر (ت / 1354 ه ) رحمه اللّه » ۲ .
وفيما يلي خارطة بغداد في القرن الثالث الهجري صوّرتها (فوتوغرافيا) في (سنة / 1409 ه ) من قسم الدراسات العليا في جامعة بغداد ـ فرع الجغرافية، توضّح جميع ما ذكرناه.
1.. راجع: البلدان لليعقوبي : ص ۱۲ و۲۴، وتاريخ بغداد (في صفحات عديدة من جزئه الأوّل)، والمنتظم / ابن الجوزي (الأجزاء الثلاثة الأخيرة ـ ۱۶ و۱۷ و۱۸ ـ في عِدّة حوادث وتراجم)، ومعجم البلدان ـ بغداد، ومراصد الاطّلاع / صفيّ الدين البغدادي : ج ۲ ص ۸۳۶ ، وبغداد في عهد الخلافة العبّاسية / غي لسترانج: ص ۵۳ ، وغاية المرام في تاريخ محاسن بغداد ، دار السلام / ياسين العمري ، الخطيب الموصلي : ص ۲۲ ، والشيخ الكليني البغدادي وكتابه الكافي ـ الفروع: ص ۸۲ .
2.. راجع كتابنا : الشيخ الكليني البغدادي وكتابه الكافي ـ الفروع : ص ۸۲ .