335
حياة الشيخ محمد بن يعقوب الكليني

2 ـ طريقة المسانيد:

والتصنيف بموجب هذه الطريقة له صور متعدّدة.
منها: القيام بجمع ما عند كلّ صحابي من الحديث المرفوع إلى النبي صلى الله عليه و آله ، سواء كان الحديث صحيحا أو ضعيفا، ثمّ يرتّبُه على ترتيب الحروف، أو القبائل، أو السابقة في الإسلام، وهكذا حتّى ينتهي إلى النساء الصحابيّات، ويبدأ باُمّهات المؤمنين ۱ .
ومنها: القيام بجمع ما أسنده أحد أئمّة أهل البيت عليهم السلام من الأحاديث إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله في كتاب يسمّى (المسند) ، مضافا إلى اسم ذلك الإمام عليه السلام ، كمسند الإمام الباقر أو الصادق عليهماالسلام. وهذه الطريقة استخدمها تلاميذ الأئمّة عليهم السلام من رواة العامة ۲ .
ومنها: أن تجمع ـ من كتب الحديث ـ روايات راوٍ معيّن أسندها إلى الأئمّة عليهم السلام ، وتدوَّن في كتاب يسمّى (المسند) مضافا إلى اسم ذلك الراوي الّذي أسند الأحاديث، كما هو الحال في مسند زرارة بن أَعْيَن ، ومسند محمّد بن مسلم المطبوعين.
ولو استخدمت هذه الصورة في جمع ما أسنده بعض الرواة الذين أكثروا من الرواية عن الأئمّة عليهم السلام ولم يرد توثيق بحقّهم، أو اختلف الرجاليّون بشأنهم؛ لسهّلت الوقوف على اُمور كثيرة قد تؤدّي إلى إعادة النظر في تقييم حال اُولئك الرواة؛ لأنّ النظر في نشاطهم العلمي وتراثهم الفكري يكشف عن أشياء ذات صلةٍ وثيقةٍ بالدقّة والضبط والعلم والوثاقة وغيرها من الاُمور التي ربّما لم تلحظ في تقييمهم بكتب الرجال.
ومهما يكن، فقد استخدم الكليني قدس سره الطريقة الاُولى في تصنيف كتابه الكافي، لتلبيتها غرضه في أن يكون كتابه مرجعا للعالِم والمتعَلّم، سهل التناول في استخراج أيّ حديث من أحاديثه.
وقد حقّق ثقة الإسلام هذا المطلب على أحسن ما يُرام، إذْ قسّم كتابه الكافي على ثلاثة أقسام رئيسيّة، وهي: اُصول الكافي، وفروع الكافي، وروضة الكافي .
ثمّ قسم اُصول الكافي على ثمانية كتب اشتملت على (499) بابا وأخرج فيها (3881) حديثا، وتجد هذا التصنيف نفسه مع فروع الكافي أيضا، إذ اشتملت على (26) كتابا، فيها (1744) بابا، ومجموع أحاديثها (11021) حديثا.
أمّا قسم الروضة من الكافي فلم يخضعه إلى هذا المنهج من التصنيف، بل ساق أحاديثه تباعا من غير كتب أو أبواب، بل جعله كتابا واحدا، وقد احتوى على ستمائة وستة أحاديث.
ومن هنا يظهر أنّ ما قيل عن مجموع أحاديث الكافي لا ينطبق مع العدد الفعلي المطبوع حاليا كما سيتّضح من الجدول الآتي، والسبب في ذلك ليس كما تصوّره البعض من اختلاف نسخ الكافي؛ لأنّ النسخ التي اعتمدت في تحقيق الكافي، والنسخ الكثيرة جدا الواصلة إلينا من الكافي هي أسبق زمانا من الذين أحصوا أحاديث الكافي فأوصلوها إلى أكثر من ستة عشر ألف حديث، ويبدو أنّ سبب التفاوت ليس بسبب عدّ الحديث الواحد المروي بإسنادين حديثين، ولا بسبب تشعّب الطريق الواحد إلى شعبتين أو أكثر، وإنّما لعدّ أجوبة الإمام عليه السلام في مجلسٍ واحد على أكثر من سؤال بمنزلة الأحاديث المستقلّة، خصوصا وأنّها تحمل أجوبة مختلفة تبعا لاختلاف الأسئلة الموجّهة للإمام في مجلسٍ واحد، وإنْ رواه الكليني رحمه الله بإسنادٍ واحد.
نظير ما لو قال زرارة مثلاً: سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن مسألة كذا؟ فقال عليه السلام : كذا، ثمّ يقول زرارة: وسألته عن كذا، فأجاب بكذا، وهكذا. ونظير ما لو قال أيضا: قال الإمام الصادق عليه السلام : كذا، ثمّ يقول بعد ذلك: وقال عليه السلام : وقد يتكرّر هذا في الحديث الواحد مرّتين أو ثلاثا.
وقد وقع مثل هذا في الكافي، ولكن لم أعدّه إلّا حديثا واحدا في الفهرس الآتي؛ لغلبة الظنّ أنّ الفارق بين (16199) حديثا ـ وهو الإحصاء المنسوب إلى بعض العلماء ـ وبين ما هو مبيّن في الفهرس الآتي، إنّما كان بسبب ما تقدّم آنفا، ولبعد احتمال سقوط مثل ذلك المقدار من النسخ المعتمدة في تحقيق الكافي، وموافقة المطبوع لما في مرآة العقول والوافي ، مع عدم تنبيه أحد من العلماء على سقوط مثل ذلك المقدار ولو من بعض النسخ، فلم يبق إلّا السبب المذكور، أو خطأ في الحساب، واللّه العالم.

1.. الخلاصة في اُصول الحديث : ص ۱۴۷ ، ومن المسانيد المصنّفة بهذه الصورة مسند أحمد بن حنبل .

2.. راجع (المصطلح الرجالي: أسند عنه) / السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي، بحث نُشر في مجلة تراثنا ، العدد الثالث، السنة الاُولى، إصدار مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، قم / ۱۴۰۶ ه ، وانظر فيه العلاقة بين هذا المصطلح الرجالي وبين كتب المسانيد المصنّفة على وفق الصورة الثانية.


حياة الشيخ محمد بن يعقوب الكليني
334

تبويب وترتيب الكافي:

لتصنيف الأحاديث الشريفة وتبويبها وترتيبها طريقتان مشهورتان، وهما:

1 ـ طريقة الأبواب:

وفيها يتمّ توزيع الأحاديث ـ بعد جمعها ـ على مجموعة من الكتب، والكتب على مجموعة من الأبواب، والأبواب على عدد من الأحاديث، بشرط أن تكون الأحاديث مناسبةً لأبوابها، والأبواب لكتبها. وقد سبق الشيعةُ غيرَهم إلى استخدام هذه الطريقة، وأوّل من عرف بها منهم هو الصحابي الجليل أسلم أبو رافع (ت / 40 أو 35 ه) في كتابه (السنن والأحكام والقضايا) إذْ صنّفه على طريقة الأبواب ۱ ، ثمّ شاع استخدامها بعد ذلك، وتأثّر بها أعلام المحدّثين من الفريقين؛ لما فيها من توفير المزيد من الجهد لمن أراد الاطّلاع على معرفة شيء من الأحاديث في حكم ما والوقوف عليه بسهولة ويسر.

1.. رجال النجاشي : ص ۶ الرقم ۱.

  • نام منبع :
    حياة الشيخ محمد بن يعقوب الكليني
    المؤلف :
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    الاولی
عدد المشاهدين : 309011
الصفحه من 532
طباعه  ارسل الي