4 ـ الزيديّة:
وكان للزيديّة وجود في بلاد الريّ ، ويدلّ عليه دخول جماعة من أهل الريّ على الإمام أبي جعفر الثاني الجواد عليه السلام ببغداد، وكان فيهم رجل زيدي، وجماعته لا يعلمون مذهبه، وقد كشف لهم الإمام الجواد عليه السلام عن مذهبه ۱ ومن المستبعد أن يكون ذلك الرجل هو الزيدي الوتر في تلك البلاد، خصوصا وأنّ الدولة العلوية في طبرستان كانت تضمّ ـ وهي قريبة من الريّ ـ العلويين من الحسنيين والحسينيين والزيديين معا، كما أنّ قادة تلك الدولة قد سيطروا على الريّ كما مرّ في الحياة السياسية، وفيهم من أعلام الزيديّة الكثير، نظير عيسى بن محمّد العلوي أحد كبار العلماء في الريّ، وهو من الزيدية ۲ .
5 ـ الفِرَق الاُخرى الموجودة في الريّ :
تركت الأفكار التي طرحتها الفرق الموجودة في الريّ أثرها الكبير في دفع عجلة الحياة الفكرية والثقافية إلى الأمام وبخطوات واسعة في تلك المدينة، وذلك من خلال رصد العلماء لما انحرف من تلك الأفكار عن المحجّة الواضحة، ومناقشتها والردّ عليها، وأشهر تلك الفرق في الريّ فرقة النجّارية، وهم أتباع الحسين بن محمّد النجّار التي افترقت بناحية الريّ كما يقول البغدادي إلى فرق كثيرة يكفر بعضها بعضا ۳ ، وقد عدّ المصنّفون في المقالات فرق النجّارية من الجبرية ۴ في حين أنّهم وافقوا المعتزلة في كثير من المسائل، ولهذا قال الشهرستاني: «وأكثر معتزلة الريّ وما حواليها على مذهب الحسين بن محمّد النجّار» ۵ .
وقد عانت فرق النجّارية من تكفير مخالفيهم لهم، قال الإسفراييني البغدادي : إنّ النجّارية: «وافقوا أصحابنا في اُصول، ووافقوا القدرية في اُصول وانفردوا باُصول لهم.. وأكفرتهم القدرية فيما وافقوا فيه أصحابنا، وأكفرهم أصحابنا فيما وافقوا فيه القدرية» ۶ .
ثمّ ذكر بعد هذا أنّ فرق النجّارية في الريّ أكثر من عشر فرق إلّا أنّه اكتفى بذكر أشهرها، ومثله فعل الشهرستاني في الملل، إذ ذكر ثلاث فرق، وهي:
1.. الهداية الكبرى : ص ۳۰۲، الخرائج والجرائح : ج ۲ ص ۶۶۹ ح ۱۲، الثاقب في المناقب : ص ۵۱۹ الرقم ۴۵۰ (۶) فصل ۹.
2.. طبقات الزيديّة الكبرى : ج ۳ ص ۱۱۰۰.
3.. الفَرْقُ بين الفِرَق : ص ۲۲.
4.. الملل والنحل : ج ۱ ص ۹۵ في حديثه عن الجبرية.
5.. المصدر السابق : ج ۱ ص ۹۸ في حديثه عن النجّارية .
6.. الفرق بين الفِرَق : ص ۲۰۷ ـ ۲۰۸.