317
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3

وقيل: فرق بين إخباره تعالى بالوقت المعيّن الذي له فيه بداء، وبين إخباره بالمحتوم وعلمهم عليهم السلام بسبب ذلك الإخبار، وبهذا لم يجب عليهم المدافعة في بعض الحالات كالصلاة.
وهذا الجواب لا يحسم سنخ الإشكال.
وقال الفاضل الاسترآبادي:
أحاديث هذا الباب صريحة في أنّ المقدّمة المشهورة بين المعتزلة وبين جماعة من أهل الجدل من الشيعة من أنّ حفظ النفس واجب عقلاً غير معقولة ولو خصّصنا بحالة رجاء الخلاص.۱

الحديث الثاني‏

۰.روى في الكافي بإسناده عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ۲، قَالَ : حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ قَطِيعَةِالرَّبِيعِ مِنَ الْعَامَّةِ بِبَغْدَادَ مِمَّنْ كَانَ يُنْقَلُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ لِي : قَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ مَنْ يَقُولُونَ بِفَضْلِهِ مِنْ أَهْلِ هذَا الْبَيْتِ ، فَمَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ قَطُّ فِي فَضْلِهِ وَ نُسُكِهِ ، فَقُلْتُ لَهُ : مَنْ ؟ وَ كَيْفَ رَأَيْتَهُ ؟ قَالَ :
جُمِعْنَا أَيَّامَ السِّنْدِيِّ بْنِ شَاهَكَ ثَمَانِينَ رَجُلاً مِنَ الْوُجُوهِ الْمَنْسُوبِينَ إِلَى الْخَيْرِ ، فَأُدْخِلْنَا عَلى‏ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عليهما السلام ، فَقَالَ لَنَا السِّنْدِيُّ : يَا هؤُلَاءِ ، انْظُرُوا إِلى‏ هذَا الرَّجُلِ هَلْ حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ ؟ فَإِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ قَدْ فُعِلَ بِهِ ، وَ يُكْثِرُونَ فِي ذلِكَ ، وَ هذَا مَنْزِلُهُ وَ فِرَاشُهُ مُوَسَّعٌ عَلَيْهِ غَيْرُ مُضَيَّقٍ ، وَ لَمْ يُرِدْ بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ سُوءاً ، وَ إِنَّمَا يَنْتَظِرُ بِهِ أَنْ يَقْدَمَ فَيُنَاظِرَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَ هذَا هُوَ صَحِيحٌ ، مُوَسَّعٌ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ ، فَسَلُوهُ .
قَالَ : وَ نَحْنُ لَيْسَ لَنَا هَمٌّ إِلَّا النَّظَرُ إِلَى الرَّجُلِ وَ إِلى‏ فَضْلِهِ وَ سَمْتِهِ ، فَقَالَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ عليهما السلام :
«أَمَّا مَا ذَكَرَ مِنَ التَّوْسِعَةِ وَ مَا أَشْبَهَهَا ، فَهُوَ عَلى‏ مَا ذَكَرَ ، غَيْرَ أَنِّي أُخْبِرُكُمْ أَيُّهَا النَّفَرُ ، أَنِّي قَدْ سُقِيتُ السَّمَّ فِي سَبْعِ تَمَرَاتٍ ، وَ أَنَا غَداً أَخْضَرُّ ، وَ بَعْدَ غَدٍ أَمُوتُ».

1.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۱۵۰.

2.السند في الكافي المطبوع هكذا: «عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محمّد بن بشّار».


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
316

الباب السابع والأربعون‏ : بَابُ أَنَّ الْأَئِمَّةَ عليه السلام يَعْلَمُونَ مَتى‏ يَمُوتُونَ ، وَ أَنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ إِلَّا بِاخْتِيَارٍ مِنْهُمْ‏

وأحاديثه كما في الكافي ثمانية:

الحديث الأوّل‏

۰.روى في الكافي بإسناده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ الْبَطَلِ‏۱، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام :«أَيُّ إِمَامٍ لَا يَعْلَمُ مَا يُصِيبُهُ وَ إِلى‏ مَا يَصِيرُ ، فَلَيْسَ ذلِكَ بِحُجَّةٍ لِلَّهِ عَلى‏ خَلْقِهِ» .

هديّة:

(البطل) بالتحريك وإهمال الطاء: الشجاع.
قيل: والإشكال الوارد بعلم أمير المؤمنين عليه السلام مثلاً بذلك ووجوب حفظ النفس ومدافعة الخصم، وقد قال اللَّه تعالى: «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ»۲، يدفع بأنّ الوجوب إنّما هو مع الجهل بالمعيّن، لا مع العلم به، وبما يستفاد من أخبار الباب بأنّ لهم عليهم السلام الخيرة من اللَّه سبحانه في الذهاب في وقت خاصّ والبقاء فيه، وأنّهم عليهم السلام فوّضوا ذلك - بعد تفويض اللَّه تعالى ذلك إليهم - إلى اللَّه تعالى.۳

1.السند في الكافي المطبوع هكذا: «محمّد بن يحيى، عن سملة بن الخطّاب، عن سليمان بن سماعة و عبد اللَّه بن محمّد، عن عبد اللَّه بن القاسم البطل».

2.البقرة (۲): ۱۹۵.

3.راجع: الوافي، ج ۳، ص ۵۹۵.

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 121130
صفحه از 592
پرینت  ارسال به