341
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3

صار إلى حال لم يرد أمراً قطّ في الدِّين إلّا كان موافقاً بتقدير اللَّه لأمر اللَّه، فلمّا أكمل له الأدب قال اللَّه تعالى في سورة ن والقلم: «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ»۱، ثمّ فوّض إليه وقال في سورة الحشر: «وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ»۲ الآية، وفي سورة النساء: «مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ»۳.
وليس المراد بالتفويض هنا ما يوجب استقلالاً تامّاً وتفرّداً كملاً للمفوَّض إليه في الأمر والحكم كما فهم الجاهلون، وأنّهم عليهم السلام لا يتنفّسون قطّ إلّا بإذن اللَّه تعالى؛ بل المعنى كرامة التشريف لهم بافتراض طاعتهم على الجميع بحيث ينقادونهم في جميع ما أتوا به فيما أتوه إيّاهم من غير اعتراض أو طلب دليل أو ظنّ أنّه ليس من اللَّه.
وسيجي‏ء في الحديث السادس في الباب العاشر والمائة عن الجواد عليه السلام: «أنّ اللَّه تعالى فوّض الاُمور عليهم‏۴ وهم يحلّون ما يشاؤون ويحرِّمون ما يشاؤون ولن يشاؤوا إلّا أن يشاء اللَّه تعالى».۵
في بعض النسخ - كما ضبط برهان الفضلاء - : «وائتمنه» من الايتمان، مكان (وأئمّته عليهم السلام).

الحديث الثاني‏

0.روى في الكافي بإسناده عَنْ بَكَّارِ بْنِ بَكْرٍ6 ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَشْيَمَ ، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالى‏ ، فَأَخْبَرَهُ بِهَا ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ دَاخِلٌ ، فَسَأَلَهُ عَنْ تِلْكَ الْآيَةِ ، فَأَخْبَرَهُ بِخِلَافِ مَا أَخْبَرَ بِهِ الْأَوَّلَ، فَدَخَلَنِي مِنْ ذلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ حَتّى‏ كَأَنَّ

1.القلم (۶۸): ۴.

2.الحشر (۵۹): ۷.

3.النساء (۴): ۸۰ .

4.في المصدر: «اُمورها إليهم» بدل «الاُمور عليهم».

5.الكافي، ج ۱، ص ۴۴۱، باب مولد النبي صلى اللَّه عليه وآله و وفاته، ح ۵؛ وفي الطبعة الجديدة، ج ۲، ص ۴۳۹، ح ۱۱۹۶.

6.السند في الكافي المطبوع هكذا: «عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس، عن بكّار بن بكر».


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
340

الباب الثاني والخمسون‏ : بَابُ التَّفْوِيضِ إِلى‏ رَسُولِ اللَّهِ صلّى اللَّه عليه وآله وَ إِلَى الْأَئِمَّةِ عليه السلام فِي أَمْرِ الدِّينِ‏

وأحاديثه كما في الكافي عشرة:

الحديث الأوّل‏

۰.روى في الكافي بإسناده عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ۱، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ النَّحْوِيِّ ، قَالَ : دَخَلْتُ عَلى‏ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ :«إِنَّ اللَّهَ تَعَالى‏ أَدَّبَ نَبِيَّهُ صلى اللَّه عليه وآله عَلى‏ مَحَبَّتِهِ ، فَقَالَ : «وَ إِنَّكَ لَعَلى‏ خُلُقٍ عَظِيمٍ» ، ثُمَّ فَوَّضَ إِلَيْهِ ، فَقَالَ : «وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا» ، وَ قَالَ تَعَالى‏ : «مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ»» .
ثُمَ‏۲ قَالَ : «وَ إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ فَوَّضَ إِلى‏ عَلِيٍّ عليه السلام وَ أئِمَّتِهِ عليهم السلام‏۳ ، فَسَلَّمْتُمْ وَ جَحَدَ النَّاسُ ؛ فَوَ اللَّهِ لَنُحِبُّكُمْ أَنْ تَقُولُوا إِذَا قُلْنَا ، وَ أَنْ تَصْمُتُوا إِذَا صَمَتْنَا ، وَ نَحْنُ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ اللَّهِ تَعَالى‏ ؛ مَا جَعَلَ اللَّهُ لِأَحَدٍ خَيْراً فِي خِلَافِ أَمْرِنَا».

هديّة:

(أدّب نبيّه صلى اللَّه عليه وآله) على نهج المحبّة وسبيل الرأفة، كما هو دأب المحبّ للحبيب، والوالد المشفق للولد، حتّى انتهى به إلى ما أراد من إتمام نوره ولو كره الكافرون بحيث

1.السند في الكافي المطبوع هكذا: «محمّد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر، عن عليّ بن إسماعيل، عن صفوان بن يحيى، عن عاصم بن حميد».

2.في الكافي المطبوع: «قال: ثمّ قال».

3.في الكافي المطبوع: «وائتمنه» بدل «وأئمّته عليهم السلام».

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 121151
صفحه از 592
پرینت  ارسال به