229
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

عُتَقَاءَ ، وَنُحْدِثْ لَهُ تَوَاضُعاً فِي أَنْفُسِنَا ، وَ نَخْشَعْ فِي جَمِيعِ أُمُورِنَا ، وَإِنْ يَمْضِ بِكَ إِلَى الْجِنَانِ ، وَيُجْرِي عَلَيْكَ حَتْمَ سَبِيلِهِ ، فَغَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيكَ قَضَاؤُهُ ، وَلَا مَدْفُوعٍ عَنْكَ بَلَاؤُهُ ، وَلَا مُخْتَلِفَةٍ مَعَ ذلِكَ قُلُوبُنَا بِأَنَّ اخْتِيَارَهُ لَكَ مَا عِنْدَهُ عَلى‏ مَا كُنْتَ فِيهِ ، وَلكِنَّا نَبْكِي مِنْ غَيْرِ إِثْمٍ لِعِزِّ هذَا السُّلْطَانِ أَنْ يَعُودَ ذَلِيلًا ، وَلِلدِّينِ وَالدُّنْيَا أَكِيلًا ، فَلَا نَرى‏ لَكَ خَلَفاً نَشْكُو إِلَيْهِ ، وَلَا نَظِيراً نَأْمُلُهُ وَلَا نُقِيمُهُ» .

شرح‏

السند ضعيف؛ لكون عبد اللَّه بن الحارث مذموماً على رواية، وفيها كلام.
قوله: (خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام) يذكر فيها الحقّ الذي به يتحقّق نظام الدِّين والدّنيا وكمال النفس ونجاة الأخرويّة بوجه كلّي، والسند ضعيف.
وقيل: أحمد بن محمّد معطوف على عليّ بن الحسن وهو العاصمي، والتيمي هو ابن فضّال، وقلَّ من تفطّن لذلك.۱
وقوله: (خطب أمير المؤمنين عليه السلام الناس بصفّين).
قيل: كانت هذه بعد رجوع جمّ غفير من عسكره عن بيعته.۲
قال الفيروزآبادي:
صفّين - كسجّين - : موضع قرب الرّقة بشاطئ الفرات، كانت به الوقعة العظمى بين عليّ ومعاوية غرّة صفر سنة 37، فمن ثمّ احترز الناس السفر في صفر.۳
وقوله: (فقد جعل اللَّه تعالى لي عليكم حقّاً بولاية أمركم).
الباء للسببيّة، يُقال: ولّى الوالي البلد وفلان البيع ولاية - بالفتح والكسر - : إذا تولّاه، وقام به.
وقيل: الولاية - بالفتح - : مصدر، وبالكسر: الإمارة، والسلطان.۴ ولعلّ المراد أنّ اللَّه تعالى جعل لي عليكم حقّ الطاعة؛ لأنّه سبحانه جعلني والياً عليكم متولّياً لاُموركم.
(ومنزلتي التي أنزلني اللَّه - عزّ ذكره - بها) أي بتلك المنزلة (منكم).
الباء بمعنى «في»، وكلمة «من» بمعنى عند، أو مرادفة «في»، والمنزلة: المرتبة، والدرجة،

1.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۱۷.

2.لم نعثر على قائله.

3.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۲۴۲ (صفن).

4.اُنظر: الكشّاف، ج ۲، ص ۴۸۶.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
228

فِي صَدْرِهِ ، فَقَالَ وَالْبُكَاءُ يَقْطَعُ مَنْطِقَهُ ، وَغُصَصُ الشَّجَا تَكْسِرُ۱ صَوْتَهُ إِعْظَاماً لِخَطَرِ مَرْزِئَتِهِ ، وَ وَحْشَةً مِنْ كَوْنِ فَجِيعَتِهِ .
فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنى‏ عَلَيْهِ ، ثُمَّ شَكَا إِلَيْهِ هَوْلَ مَا أَشْفى‏ عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَرِ الْعَظِيمِ ، وَ الذُّلِّ الطَّوِيلِ فِي فَسَادِ زَمَانِهِ ، وَانْقِلَابِ جَدِّهِ‏۲ ، وَانْقِطَاعِ مَا كَانَ مِنْ دَوْلَتِهِ ، ثُمَّ نَصَبَ الْمَسْأَلَةَ إِلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - بِالِامْتِنَانِ عَلَيْهِ ، وَالْمُدَافَعَةِ عَنْهُ بِالتَّفَجُّعِ ، وَحُسْنِ الثَّنَاءِ ، فَقَالَ : يَا رَبَّانِيَّ الْعِبَادِ ، وَيَا سَكَنَ‏۳ الْبِلَادِ ، أَيْنَ يَقَعُ قَوْلُنَا مِنْ فَضْلِكَ؟ وَأَيْنَ يَبْلُغُ وَصْفُنَا مِنْ فِعْلِكَ؟ وَأَنّى‏ نَبْلُغُ حَقِيقَةَ حُسْنِ ثَنَائِكَ ، أَوْ نُحْصِي جَمِيلَ بَلَائِكَ؟ فَكَيْفَ‏۴ وَ بِكَ جَرَتْ نِعَمُ اللَّهِ عَلَيْنَا ، وَعَلى‏ يَدِكَ اتَّصَلَتْ أَسْبَابُ الْخَيْرِ إِلَيْنَا؟ أَلَمْ تَكُنْ لِذُلِّ الذَّلِيلِ مَلَاذاً ، وَلِلْعُصَاةِ الْكُفَّارِ إِخْوَاناً؟ فَبِمَنْ إِلَّا بِأَهْلِ بَيْتِكَ وَبِكَ أَخْرَجَنَا اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنْ فَظَاعَةِ تِلْكَ الْخَطَرَاتِ؟ أَوْ بِمَنْ فَرَّجَ عَنَّا غَمَرَاتِ الْكُرُبَاتِ؟ وَ بِمَنْ إِلَّا بِكُمْ أَظْهَرَ اللَّهُ مَعَالِمَ دِينِنَا ، وَاسْتَصْلَحَ مَا كَانَ فَسَدَ مِنْ دُنْيَانَا حَتَّى اسْتَبَانَ بَعْدَ الْجَوْرِ ذِكْرُنَا ، وَقَرَّتْ مِنْ رَخَاءِ الْعَيْشِ أَعْيُنُنَا ؛ لِمَا وَلَّيْتَنَا بِالْإِحْسَانِ جَهْدَكَ ، وَ وَفَيْتَ لَنَا بِجَمِيعِ‏۵ عَهْدِكَ ، فَكُنْتَ شَاهِدَ مَنْ غَابَ مِنَّا ، وَخَلَفَ أَهْلِ الْبَيْتِ لَنَا ، وَكُنْتَ عِزَّ ضُعَفَائِنَا ، وَثِمَالَ فُقَرَائِنَا ، وَعِمَادَ عُظَمَائِنَا ، يَجْمَعُنَا مِنَ‏۶ الْأُمُورِ عَدْلُكَ ، وَيَتَّسِعُ لَنَا فِي الْحَقِّ تَأَنِّيكَ ، فَكُنْتَ لَنَا أُنْساً إِذَا رَأَيْنَاكَ ، وَسَكَناً إِذَا ذَكَرْنَاكَ ، فَأَيَّ الْخَيْرَاتِ لَمْ تَفْعَلْ؟ وَأَيَّ الصَّالِحَاتِ لَمْ تَعْمَلْ؟ وَلَوْ لَا۷ أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي نَخَافُ عَلَيْكَ مِنْهُ يَبْلُغُ تَحْرِيكَهُ‏۸ جُهْدُنَا ، وَتَقْوى‏ لِمُدَافَعَتِهِ طَاقَتُنَا ، أَوْ يَجُوزُ الْفِدَاءُ عَنْكَ مِنْهُ بِأَنْفُسِنَا ، وَ بِمَنْ نَفْدِيهِ بِالنُّفُوسِ مِنْ أَبْنَائِنَا ، لَقَدَّمْنَا أَنْفُسَنَا وَ أَبْنَاءَنَا قِبَلَكَ ، وَلَأَخْطَرْنَاهَا وَقَلَّ خَطَرُهَا دُونَكَ ، وَلَقُمْنَا بِجُهْدِنَا فِي مُحَاوَلَةِ مَنْ حَاوَلَكَ ، وَفِي مُدَافَعَةِ مَنْ نَاوَاكَ ، وَلكِنَّهُ سُلْطَانٌ لَا يُحَاوَلُ ، وَعِزٌّ لَا يُزَاوَلُ ، وَرَبٌّ لَا يُغَالَبُ ، فَإِنْ يَمْنُنْ عَلَيْنَا بِعَافِيَتِكَ ، وَيَتَرَحَّمْ عَلَيْنَا بِبَقَائِكَ ، وَيَتَحَنَّنْ عَلَيْنَا بِتَفْرِيحِ‏۹ هذَا مِنْ حَالِكَ إِلى‏ سَلَامَةٍ مِنْكَ لَنَا ، وَبَقَاءٍ مِنْكَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا ، نُحْدِثْ لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - بِذلِكَ شُكْراً نُعَظِّمُهُ ، وَذِكْراً نُدِيمُهُ ، وَنَقْسِمْ أَنْصَافَ أَمْوَالِنَا صَدَقَاتٍ ، وَأَنْصَافَ رَقِيقِنَا

1.في بعض نسخ الكافي: «يكسر».

2.في الطبعة الجديدة وأكثر نسخ الكافي: «حدّه» بالحاء المهملة.

3.في الطبعة الجديدة: «سكن».

4.في أكثر نسخ الكافي: «وكيف».

5.هكذا في النسخة وأكثر نسخ الكافي وشرح المازندراني. وفي كلتا الطبعتين: + «وعدك، وقمت لنا على جميع».

6.هكذا في النسخة وكثير من نسخ الكافي وشرح المازندراني. وفي كلتا الطبعتين: «في».

7.في كثير من نسخ الكافي: «ولو».

8.في الطبعة القديمة والوافي «تحويله».

9.هكذا في النسخة وفي جميع نسخ الكافي. وفي كلتا الطبعتين: «بتفريج» بالجيم المعجمة.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 71964
صفحه از 568
پرینت  ارسال به