333
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

قلوب توبتهم ليعدّوا من جملة التوّابين، أو رجع عليهم بالقبول والرحمة مرّة بعد اُخرى ليستقيموا على توبتهم.
«إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ» لمن تاب، ولو عاد في اليوم مائة مرّة «الرَّحِيمُ» متفضّل عليهم بالنِّعم.۱
وقال الشيخ الطبرسي:
القراءة المشهورة: الذين خلّفوا. وقرأ عليّ بن الحسين وأبو جعفر الباقر والصادق عليهم السلام وأبو عبد الرحمن السلمي: خالفوا. وقرأ عكرمة وزر بن حبيش وعمرو بن عبيد: خلفوا، بفتح الخاء واللّام خفيفة.۲
ثمّ قال:
نزلت في كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن اُميّة، وذلك أنّهم تخلّفوا عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله ولم يخرجوا معه، لا عن نفاق، لكن عن توان، ثمّ ندموا، فلمّا قدم النبيّ صلى اللَّه عليه وآله المدينة جاؤوا إليه واعتذروا، فلم يكلّمهم النبيّ، وتقدّم إلى المسلمين أن لا يكلّمهم أحد منهم، فهجرهم الناس حتّى الصبيان، وجاءت نساؤهم إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله فقلن: يا رسول اللَّه، نعتزلهم؟ فقال: لا، ولكن لا يقربوكنّ. فضاقت عليهم المدينة، وخرجوا إلى رؤوس الجبال، وكان أهاليهم يجيئون لهم بالطعام ولا يكلّمونهم، فقال بعضهم لبعض: قد هجرنا الناس ولا يكلّمنا أحد فهلّا نتهاجر نحن أيضاً، فتفرّقوا ولم يجتمع منهم اثنان، وبقوا على ذلك خمسين يوماً يتضرّعون إلى اللَّه ويتوبون إليه، فقبلَ اللَّه توبتهم وأنزل فيهم هذه الآية.
ثمّ قال مجاهد۳ : معناه: خلفوا عن غزوة تبوك لمّا تخلّفوا هم، وأمّا قراءة أهل البيت عليهم السلام «خالفوا» فإنّهم قالوا: لو كانوا خلّفوا لما توجّه عليهم العتب، ولكنّهم خالفوا،۴ انتهى.
إذا تمهّد هذا فنقول: ظاهر هذا الخبر أنّه عليه السلام خطأ قراءة التخليف وتفسير الثلاثة بما ذكر، فأشار إلى الأوّل بقوله: (لو كانوا خلفوا) أي لو كان خلّفهم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله ورخّص لهم في

1.تفسير البيضاوي، ج ۳، ص ۱۷۸ مع اختلاف في اللفظ.

2.مجمع البيان، ج ۵، ص ۱۳۵.

3.في المصدر: «قال الحسن وقتادة».

4.مجمع البيان، ج ۵، ص ۱۳۷ و ۱۳۸ مع التلخيص.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
332

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : «كَيْفَ تَقْرَأُ1«وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا»2؟» قَالَ : «لَوْ كَانُوا3 «خُلِّفُوا» لَكَانُوا4 فِي حَالِ طَاعَةٍ5 ، وَلكِنَّهُمْ خَالَفُوا : عُثْمَانُ وَصَاحِبَاهُ ، أَمَا وَاللَّهِ مَا سَمِعُوا صَوْتَ حَافِرٍ ، وَلَا قَعْقَعَةَ حَجَرٍ إِلَّا قَالُوا : أُتِينَا ، فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْخَوْفَ حَتّى‏ أَصْبَحُوا» .

شرح‏

السند مجهول.
قوله: (كيف تقرأ).
«كيف» للسؤال، أو للإنكار.
«وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا».
قال اللَّه - عزّ وجلّ - في سورة التوبة: «لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِىِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنْ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ»۶.
قال بعض المفسّرين:
إنّ قوله تعالى: «وَعَلَى الثَّلَاثَةِ» عطف على قوله: «عَلَى النَّبِىِّ» أي تاب على الثلاثة، وهم كعب بن مالك، وهلال بن اُميّة، ومرارة بن الربيع.
وقوله: «خُلِّفُوا» أي تخلّفوا عن الغزو، أو خُلِّف أمرهم؛ فإنّهم المرجون لأمر اللَّه.
وقوله: «إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ» أي برحبها لإعراض الناس عنهم بالكلّيّة، وهو مثل لشدّة الحيرة.
وقوله: «وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ» أي قلوبهم من فرط الوحشة والغمّ بحيث لا يسعها اُنس وسرور، وقوله: «ظَنُّوا» أي علموا «أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنْ اللَّهِ» أي من سخطه «إِلَّا إِلَيْهِ» أي إلى استغفاره «ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ»بالتوفيق للتوبة «لِيَتُوبُوا»، أو أنزل

1.في بعض نسخ الكافي: «تقرؤون».

2.التوبة (۹): ۱۱۸.

3.في الطبعة القديمة: «كان».

4.في بعض نسخ الكافي: «كانوا».

5.في بعض نسخ الكافي: «طاعته».

6.التوبة (۹): ۱۱۷ - ۱۱۹.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 73598
صفحه از 568
پرینت  ارسال به