51
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

إلى قوله تعالى في سورة الأحزاب: «مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً»۱.
قال الجوهري: «النحب: النذر. والنحب: المدّة، والوقت. يُقال: قضى فلان نحبه، إذا مات»۲ انتهى.
وقال البيضاوي في تفسير هذه الآية:
إنّ المراد بصدقهم ما عاهدوا اللَّه عليه الثبات مع الرسول والمقاتلة لأعداء الدِّين، من صدقني: إذا قال لك الصدق؛ فإنّ العاهد إذا وفي بعهده فقد صدق فيه.۳
وقال الشيخ الطبرسي رحمة اللَّه عليه:
أي بايعوا أن لا يفرّوا، فصدقوا في لقائهم العدوّ، «فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ» أي مات، أو قتل في سبيل اللَّه، فأدرك ما تمنّى، فذلك قضاء النحب.
وقيل: «قَضَى نَحْبَهُ» معناه: فرغ من عمله، ورجع إلى ربّه؛ يعني من استشهد يوم اُحد. عن محمّد بن إسحاق.
وقيل: معناه: قضى أجله على الوفاء والصدق. عن الحسن.
وقال ابن قتيبة: أهل النحب النذر، وكان قوم نذروا أن يلقوا العدوّ وأن يقاتلوا حتّى يُقتلوا أو يفتح اللَّه، فقُتلوا، فقيل: فلان قضى نحبه: إذا قتل.
وقال ابن إسحاق: «فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ» من استشهد يوم بدر واُحد «وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ» ما وعد اللَّه من نصرة أو شهادة على ما مضى عليه أصحابه، «وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً» أي ما غيّروا العهد الذي عاهدوا ربّهم كما غيّر المنافقون.
قال ابن عبّاس: «مَنْ قَضَى نَحْبَهُ» حمزة بن عبد المطّلب ومن قتل معه وأنس بن النضر وأصحابه.
وقال الكلبي: ما بدّلوا العهد بالصبر، ولا نكثوه بالفرار.
وروى أبو القاسم الحسكاني بالإسناد عن عمرو بن ثابت، عن أبي إسحاق، عن عليّ عليه السلام، قال: «فينا نزلت «رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ» فأنا واللَّه المنتظر، وما بدّلت تبديلاً» انتهى.۴

1.الأحزاب (۳۳) ۲۳.

2.الصحاح، ج ۱، ص ۲۲۲ (نحب) مع التلخيص.

3.تفسير البيضاوي، ج ۴، ص ۳۷۰ مع اختلاف في اللفظ.

4.مجمع البيان، ج ۸، ص ۱۴۵.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
50

وإنّما حمل الارتفاع والانحطاط على مراتب التسخين والتبريد ولم نحمله على ظاهره الدالّ على أنّ الحرارة والبرودة منهما فقط، لا من الشمس بسبب القُرب والبعد، وعلى تساويهما في الحركة وتقابلهما في الوضع ودورهما في سنة؛ لأنّ الكلّ مناف لما هو المقرّر عند الرياضيّين، أو حركة التدوير للمرّيخ في يوم وليلة سبعة وعشرون دقيقة تقريباً، ولزحل سبعة وخمسون دقيقة تقريباً، وحركة الحامل للأوّل إحدى وثلاثون دقيقة تقريباً، وللثاني دقيقتان، فلا تساوي ولا تقابل، ولا دورة في سنة فيهما، لا باعتبار حركة التدوير، ولا باعتبار حركة الحامل وزيادة تدوير، أو خارج مركز لكلّ منهما مع اعتبار حركة الزائد على وجه توافق مجموع حركته، وحركة المزيد عليه حركة خارج مركز الشمس، وهي في كلّ يوم بليلة تسع وخمسون دقيقة بحيث يتحقّق المساواة في الحركة وتتميم الدورة في سنة مناف للمحسوس والمرصود، ومع ذلك لا يرفع الاختلاف بالكلّية، فليتأمّل فإنّه دقيق جدّاً،۱ انتهى.
ثمّ اعلم أنّ هذا الخبر لا ينافي حدوث الحرارة في الصيف بارتفاع الشمس وتأثيرها، والبرودة في الشتاء بانخفاضها؛ لجواز أن يكون لكلا الأمرين مدخلاً في ذلك، بأن يكون أحدهما سبباً جليّاً، والآخر سبباً خفيّاً. وتعرّضه عليه السلام بالخفي لخفائه دون الجليّ لجلائه.

متن الحديث الرابع والسبعين والأربعمائة

۰.عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحِ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام ، قَالَ :
«قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله : يَا عَلِيُّ ، مَنْ أَحَبَّكَ ثُمَّ مَاتَ فَقَدْ قَضى‏ نَحْبَهُ ، وَمَنْ أَحَبَّكَ وَلَمْ يَمُتْ فَهُوَ يَنْتَظِرُ ، وَمَا طَلَعَتْ شَمْسٌ وَلَا غَرَبَتْ إِلَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ بِرِزْقٍ وَإِيمَانٍ» . وَفِي نُسْخَةٍ : «نُورٍ» .

شرح‏

السند ضعيف.
قوله: (يا علي، من أحبّك ثمّ مات فقد قضى نحبه، ومن أحبّك ولم يمت فهو ينتظر) إشارة

1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۳۱ مع اختلاف في اللفظ.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 71958
صفحه از 568
پرینت  ارسال به