في السكينة فقيل: إنّ السكينة التي كانت فيه ريح هفافة من الجنّة لها وجه كوجه الإنسان، عن عليّ عليه السلام. وقيل: كان لها جناحان ورأس كرأس الهرّة من الزبرجد والزمرّد، عن مجاهد. وروى ذلك في أخبارنا، وقيل: كان فيه آية يسكنون إليها، عن عطاء. وقيل: روح من اللَّه يكلّمهم بالبيان عند وقوع الاختلاف، عن وهب.
«وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ». قيل: إنّها عصا موسى ورضاض الألواح، عن ابن عبّاس وقتادة والسدي، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام. وقيل: هي التوراة وشيء من ثياب موسى عليه السلام، عن الحسن. وقيل: كان فيه لوحان أيضاً من التوراة وقفيز من [المنّ] الذي كان ينزل عليهم ونعلا موسى وعمامة هارون وعصاه.
هذه أقوال أهل التفسير في السكينة والبقيّة، والظاهر أنّ السكينة أَمَنة وطمأنينة جعلها اللَّه سبحانه فيه ليسكن إليه بنو إسرائيل، والبقيّة جاز أن يكون بقيّة من العلم، أو شيئاً من علامات الأنبياء، وجاز أن يتضمّنهما جميعاً على ما قاله الزجاج.
«تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ» قيل: حملته الملائكة بين السماء والأرض حتّى رآه بنو إسرائيل عياناً، عن ابن عبّاس والحسن. وقيل: لمّا غلب الأعداء على التابوت أدخلوه بيت الأصنام، فأصبحت أصنامهم منكبة، فأخرجوه ووضعوه ناحية من المدينة، فأخذهم وجع في أعناقهم، وكلّ موضع وضعوه فيه ظهر فيه بلاء وموت ووباء، فاُشير عليهم بأن يخرجوا التابوت، فأجمع رأيهم على أن يأتوا به، ويحملوه على عجلة، ويشدّوها إلى ثورين، ففعلوا ذلك، وأرسلوا الثورين، فجاءت الملائكة، وساقوا الثورين إلى بني إسرائيل، فعلى هذا يكون معنى «تحمله الملائكة»: تسوقه، كما تقول: حملتُ متاعي إلى مكّة، ومعناه: كنت سبباً لحمله إلى مكّة.۱
متن الحديث الثامن والتسعين والأربعمائة
۰.عَنْهُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أَنَّهُ قَرَأَ :«إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ»۲قَالَ :«كَانَتْ تَحْمِلُهُ فِي صُورَةِ الْبَقَرَةِ» .