13
شرح دعاء أبي حمزة الثمالي

شرح دعاء أبي حمزة الثمالي
12

مراقبته الإمام علي بن الحسين عليهماالسلام

دأب أبو حمزة الثمالي على مراقبة الإمام زين العابدين عليهماالسلام في مواقف عبادته والانتباه إلى حركاته وتقلّبه في محرابه ، وحفظ ما يصدر عنه من أدعية ومناجات.
وقد يسأل أبو حمزة الإمام بعد فراغه ويستفسر عن ذلك ؛ بغية الاقتداء والتأسيّ به وحرصا منه على تصحيح وتقويم عبادته ، ثمّ رواية ذلك لخواصّه وشيعته؛ لاعتقاده بأنّ المعصوم لا يصدر منه إلّا المعصوم، وسنّته هي سنّة جدّه النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله ، وهذا الذي دعاه إلى رصد الإمام ومراقبته والانتباه لتلك المواقف.
قال أبو حمزة : «رأيت عليّ بن الحسين عليهماالسلام يصلّي، فسقط رداؤه عن منكبيه ، قال : فلم يسوّه حتّى فرغ من صلاته. قال : فسألته عن ذلك ، فقال : ويحك! أتدري بين يدي مَنْ كنت؟ إنّ العبد لا تُقبل منه صلاة إلّا ما أقبل منها ، فقلت : جُعلت فداك هلكنا ، فقال : كلّا، إنّ اللّه تعالى يتمّم ذلك بالنوافل» . ۱
وفي موقفٍ آخر قال أبو حمزة : «رأيت عليّ بن الحسين عليهماالسلام في فناء الكعبة في الليل وهو يصلّي ، فأطال القيام حتّى جعل مرّة يتوكّأ على رجله اليمنى ومرّةً على رجله اليسرى. ثمّ سمعته يقول بصوتٍ كأنّه باك : يا سيّدي، تعذّبني وحبّك في قلبي؟ أما وعزّتك لئن فعلت لتجمعنّ بيني وبين قومٍ طالما عاديتهم فيك» . ۲
وقال أبو حمزة : «كان عليّ بن الحسين عليهماالسلام يقول في آخر وتره وهو قائم : ربِّ أسأتُ وظلمتُ نفسي، وبئس ما صنعت، وهذهِ يداي جزاءً بما صنعتا.
قال : ثمّ يبسط يديه جميعا قُدّام وجهه ويقول : وهذه رقبتي خاضعة لك لما أتت.
قال : ثمّ يطأطأ رأسه ويخضع برقبته ثمّ يقول : وها أنا ذا بين يديك، فخذ لنفسك الرضا من نفسي حتّى ترضى، لك العتبى، لا أعود لا أعود، لا أعود. قال : وكان واللّه إذا قال : لا أعود، لم يعد» . ۳
وقال أبو حمزة : «كان عليّ بن الحسين عليهماالسلام إذا سافر صلّى ركعتين ثمّ ركب راحلته وبقي مواليه يتنفّلون، فيقف ينتظرهم ، فقيل له : ألا تنهاهم؟ فقال : إنّي أكره أن أنهى عبدا إذا صلّى، والسنّة أحبّ إليّ» . ۴
ولم تكن مراقبة أبي حمزة للإمام عليّ بن الحسين عليهماالسلام مقصورة على مجال عبادته، بل امتدّت لتشمل كلّ ما تعلّق بسيرته وفي جميع مرافق حياته.
وقد علم الإمام أنّ أبا حمزة لم يكن ليصحبه إلّا لينهل من علمه وللتأدّب بأدبه والتخلّق بأخلاقه ، فلم يبخل عليه بإرشادٍ أو توصيةٍ أو إفاضة علمٍ. فترى الإمام حينا يبتدئه بحديثه، وترى أبا حمزة حينا آخر يبتدره بسؤاله.
قال أبو حمزة : «صلّيت مع عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليه الفجر بالمدينة في يوم الجمعة، فدعا مولاة له يقال لها وشيكة، وقال لها : لا يقفنّ على بابي اليوم سائل إلّا أعطيتموه ، فإنّ اليوم الجمعة. فقلت له : ليس كلّ من يسأل محقّ جُعلت فداك؟ فقال : يا ثابت، أخاف أن يكون بعض من يسألنا محقّا فلا نطعمه ونردّه فينزل بنا أهل البيت ما نزل بيعقوب وآله ، أطعموهم أطعموهم ...» . ۵
وقال أبو حمزة : «كان عليّ بن الحسين يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل فيتصدّق به ويقول : إنّ صدقة السرّ تطفئ غضب الربّ عزّ وجلّ». ۶
وقال أيضا : «كان عليّ بن الحسين عليهماالسلام ليخرج في الليلة الظلماء فيحمل الجراب فيه الصرر من الدنانير والدراهم، حتّى يأتي بابا بابا فيقرعه، ثمّ يناول من يخرج إليه. فلمّا مات عليّ بن الحسين عليهماالسلام فقدوا ذلك ، فعلموا أنّ عليّ بن الحسين عليهماالسلام الذي كان يفعل ذلك». ۷

1.تهذيب الأحكام: ج ۲ ص ۱۴۱۵ ح ۳۴۱.

2.الكافي: ج ۲ ص ۵۷۹ ح ۱۰.

3.كتاب من لا يحضره الفقيه: ج ۱ ص ۱۴۱۰ ح ۴۹۱.

4.المحاسن: ح ۱۳۸ ص ۲۲۳.

5.تفسير العيّاشي: ج ۲ ص ۱۶۷.

6.حلية الأولياء: ج ۳ ص ۱۳۶.

7.علل الشرائع: ج ۱ ص ۲۳۱.

  • نام منبع :
    شرح دعاء أبي حمزة الثمالي
    سایر پدیدآورندگان :
    هوشمند، مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 358631
صفحه از 464
پرینت  ارسال به