17
شرح دعاء أبي حمزة الثمالي

شرح دعاء أبي حمزة الثمالي
16

الفصل الثاني : التعريف بالدعاء

مع الدعاء

حثَّ الأئمّة عليهم السلام على الدعاء ، وبيّنوا آدابه وشروط إجابته ، وبذلوه لمن ينتفع به من أهل الإيمان باللّه والتصديق برسوله، وأمسكوه عن أهل الشكّ والارتياب ومن أخذه على غير تصديق ، وآثروا البعض ممّن كملت عقيدتهم ورسخ إيمانهم بما استأثروا به من أدعية وأذكار. وكان أبو حمزة في طليعة هؤلاء الذين حباهم الأئمّة بتلك الأدعية.
ففي بيان أحد مقدّمات الدعاء وآدابه وتمهيدا لقبوله، يجيب الإمام عليّ بن الحسين عليهماالسلامأبا حمزة عن كيفية تمجيد اللّه عزّ وجلّ . ۱
ومن الأدعية التي خصّ بها كلّ من الإمام السجّاد والباقر والصادق عليهم السلام أبا حمزة الثمالي:
الدعاء عند الخروج من المنزل . ۲
ومن الدعاء لقضاء الحاجات . ۳
ومن أدعية العلل والأسقام . ۴
ومن أدعية الشدائد . ۵
ومن الأدعية التي خصّ أبو حمزة بها الدعاء عند السحر لشهر رمضان :
قال أبو حمزة : «كان عليّ بن الحسين سيّد العابدين صلوات اللّه عليهما يصلّي عامّة الليل في شهر رمضان، فإذا كان السحر دعا بهذا الدعاء :
إلهي، لا تؤدّبني بعقوبتك، ولا تمكر بي في حيلتك ...» . ۶
وبلاغة الدعاء وما يحمله من مضامين شاهد على فضله رحمه الله وجلالته وسموّ منزلته.
وقد أورد ابن طاووس رحمه الله في الإقبال فصلاً مختصرا وتعرض لدعاء أبي حمزة وقال : فصل فيما نذكره من أدعية تتكرّر [متكرّرة] كلّ ليلة منه وقت السحر .
اعلم إنّنا روينا في عمل اليوم واللّيلة من كتاب المهمّات والتتمّات فيما اخترناه من الروايات بأنّ سحر كلّ ليلة ينادي منادٍ عن مالك قضاء الحاجات بما معناه: هل مِن سائلٍ؟ هل من طالبٍ هل من مستغفرٍ؟ يا طالب الخير أقبِل، ويا طالب الشرّ أقصر.
وقد قدّمنا في فصلٍ من هذا الكتاب أنّ المنادي ينادي عن اللّه جلّ جلاله في شهر رمضان من أوّل اللّيل إلى آخره، وإيّاك ثمّ إيّاك أن تعرض عن منادِ اللّه جلّ جلاله، وهو يسألك أن تطلب منه ما تقدر عليه من ذخائره ، وأنت محتاج إلى دون ما دعاك إليه، فاغتنم فتح الأبواب ونداء المنادي عن مالك الأسباب، وإن لم تسمع أُذناك فقد سمع العقل والقلب إن كنت مسلما مصدّقا بمولاك ومالك دنياك، وأُخراك، فمن الدعاء في سحر كلّ ليلة من شهر رمضان ما رويناه بإسنادنا إلى أبي محمّد هارون بن موسى التلّعُكبري رضي اللّه تعالى عنه، بإسناده إلى الحسن بن محبوب الزرّاد عن أبي حمزة الثمالي، أنّه قال: كان عليّ بن الحسين سيّد العابدين صلوات اللّه عليه، يصلّي عامّة ليله في شهر رمضان، فإذا كان في السحر دعا بهذا الدعاء.
أحد تعاليم الأديان هو طرحها لمفهومٍ اسمه «الذنب»، فهذا المفهوم لا وجود له في المدارس والمذاهب غير الدينية. والذنب معنىً متعدّد، والجحود. ومن جهةٍ يعني إيذاء الذات والإضرار بالنفس وجه الروح ، ويعني من جهةٍ أُخرى استحقاق العذاب. ومجموع هذه المعاني يخلق مفهوما يُسمّى في الشرائع «ذنبا».
ويختلف نوع الذنب تبعا لاختلاف الفرد ومرتبته وسيره في مدارج المعنى والسلوك. فحينما يعصي أحد أمر اللّه ، ويجفو محبوبه ، ولا يعمل وفقا لمقتضيات المحبّة والمودّة الإلهيّة ، أو لا يشكر المنعم بما هو أهل له من الشكر ، أو يُسيء إلى نفسه ويؤدّي إلى تعكير صفو باطنه وظلمة نفسه ، ففي كلّ هذه الحالات يُعتبر الشخص مذنبا وآثِما.
ومن أهمّ خواصّ الدعاء أنّه يذيق الإنسان في كلّ هذه الموارد طعم المغفرة ؛ أي أنّه يخلق لديه نوعا من الشعور الباطني بالنجاة من الظلمة ، ويحسّ على أثر ذلك بزوال ذلك الظلام الباطني وتبدّد الكدورة التي أكمّت بالقلب ، وأنّ علاقته باللّه التي انتابها شيء من الخلل واعتراها الاضطراب قد استعادت قوّتها ورجعت على ما كانت عليه. وهذا الأمر كما ذكرنا سابقا لا يختصّ بشريعة معيّنة.
ومن ذلك على سبيل المثال أنّ المفكّرين المسيحيّين قالوا أيضا بأنّ الشخص يشعر أحيانا أثناء الدعاء وكأنّه يُقال له إنّك قد غُفِر لك. وسماع هذا النداء وبلوغ هذا الإيحاء إلى أعماق الباطن يُعدُّ من ألذّ الأحوال التي ينالها الداعي التقيّ والعابد الورع.
الشيء الآخر الذي نتعلّمه من هذه الأدعية ، معرفة اللّه . فالأدعية بشكلٍ عامّ تبدأ عادةً بذكر اللّه وتسبيحه وحمده وبيان أوصافه. وأدعية الصحيفة السجّادية مبيّنة على أفضل وجه لهذا النحو من علاقة المكاشفة بين العبد وربّه. ففي مستهلّ كلّ دعاء تأتي عبارات كثيرة في تسبيح اللّه والثناء عليه ، والتحية والتسليم على أئمّة الدين ، ومن بعدها اعتراف بما اقترف من الذنوب والمعاصي ، ثمّ الاستغفار منها ، والإدلاء بما يريده العبد من ربّه وما يطلبه منه.
دعاء أبي حمزة يتضمّن التضرّع بين يدي الباري تعالى ، والتعبير عن العبودية واستذكار الموت وما يليه من العوالم. وفي بعض فقراته إلماحات فلسفية وعرفانية رفيعة. وأمّا المطالب التي تُطرح في هذا الدعاء في مطاليب معنوية تارةً ، وتارةً أُخرى مادّية وتتعلّق بشؤون الحياة والأُمور المعاشية. ولو قارنّا هذه الأدعية بالأدعية التي تُقرأ في الأسحار في شهر رمضان المبارك ، كالدعاء الذي نقله الإمام الرضا عليه السلام عن الإمام الباقر عليه السلام ، لوجدنا ما بينهما من فارق. ففي تلك الأدعية التي تُذكر فيها أسماء الباري تعالى ، جاءت مضامين عرفانية خالصة، ولا يمكن إدراك معانيها إلّا بشرح ما استغمض منها. في حين إنّ دعاء أبي حمزة أبسط في هذا الجانب وأيسر فهما.

1.الخصال: باب الخمسة ح ۷۲ ص ۲۹۹.

2.الكافي: ج ۲ ص ۵۴۱ ح ۲.

3.الكافي: ج ۲ ص ۵۵۶ ح ۱.

4.الكافي: ج ۲ ص ۵۶۸.

5.منهج الدعوات: ص ۱۶۵.

6.مصباح المتهجّد: ص ۵۲۴.

  • نام منبع :
    شرح دعاء أبي حمزة الثمالي
    سایر پدیدآورندگان :
    هوشمند، مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 358628
صفحه از 464
پرینت  ارسال به