تفسيره للقرآن
كان آية اللّه الميانجي وجماعة من كبار رجال الحوزة العلمية يعقدون مجالس للتباحث في تفسير القرآن. واستمرت هذه المجالس التي كانت تعقد اُسبوعيا ، أكثر من خمسين سنة. وكان يحضرها كلٌّ من آية اللّه السيد موسى الصدر ، وآية اللّه السيد موسى الشُّبيري الزنجاني ، والمرحوم آية اللّه السيد مهدي الرَّوحاني ، وآية اللّه السيد أبو الفضل مير محمّدي ، وقد قال آية اللّه الأحمدي الميانجي عن تلك المجالس:
كان من خصائص بحثنا التفسيري أنَّه لم يكن عن كتاب معيّن ، وإنّما كان كلُّ واحد منّا يطالع مصادر شتّى في داره ، ويأتي إلى المجالس ليقرأ على مسامع الآخرين خلاصة ما طالعه. وكلّ من يقرأ بحثه كان يتعرّض لموجة من الإشكالات التي يثيرها ضدَّه الآخرون. وكان يردُّ عليها ، أو ربّما يعجز عن الردّ. وكنتُ أنا أُلخّص حصيلة ما استفدناه منها ، وأقول: «من فوائد مجلسنا التفسيري هذا ، أنَّ آيات اللّه المحكمة تغدو فيه متشابهة!» وكان كلامي هذا يحمل طابع المزاح ؛ فقد كان السادَّة الحاضرون يعرضون إشكالات وتدقيقا إلى الحدّ الّذي يؤدِّي بالشخص إلى التخلّي عن الرأي والاحتمال الذي تكوّن لديه أثناء المطالعة .
صفاته
1 . الإخلاص: كان عطر الإخلاص يفوح من جميع حركاته وسكناته ، وكان باستطاعة الجميع استنشاق ذلك العطر . فقد كان سماحته يضع اللّه نصب عينيه في كُلِّ عمل ، متحرزا عن الأهواء والهواجس الشَّيطانية. وكان يتجنّب بشدّة جميع صور الرِّياء والتظاهر في ميدان العلم ، وفي ميدان مكارم الأخلاق ، على حدّ سواء.
2 . التّقوى: ما كان يعتبر الانطوائية والعزلة من التَّقوى في شيء. بل كان يرفض الانطوائية ، ويجسِّد التَّقوى بمعناها الإيجابي ، الذي يعني العيش بين الناس وفي الوسط الاجتماعي ، وخدمة الناس والدِّين.
3 . الإيمان بولاية الفقيه: كان شديد الاعتقاد بولاية الفقيه المطلقة ، والامتثال لها وللأحكام الحكوميّة. وكان يرى وجوب الالتزام حتّى بالقوانين والتعليمات العادية ، ويقول: إذا خالف أحد التعليمات المرورية ، ولم يكن هناك شرطيٌّ يفرض عليه غرامة ، يجب أن يبادر هو من تلقاء نفسه إلى دفع الغرامة المقرّرة الى خزينة الدولة.
4 . العبادة: كان ينهض من النوم قبل ساعتين من أذان الفجر ، للتهجّد والدُّعاء والتضرّع إلى اللّه . ولكنَّه كان يقوم بهدوء؛ لكي لا يزعج أفراد اُسرته ويوقظهم من النوم. وكان يُعرّف الرياضة بأنّها: أداء الواجبات وترك المحرّمات. ويوصي بالاعتدال في كلّ الاُمور ، حتّى في العبادة وفي زيارة قبور الأئمّة.
5 . خدمة الناس: كانت لديه رغبة عميقة في تقديم ما يمكن من خدمة للناس ، ولم يكن يشعر بالكلل والملل من كثرة المراجعين ، بل بالعكس كان يستقبلهم بكلّ ودّ ، ويعمل جهد استطاعته لحلِّ مشاكلهم ، وحتى إذا رنَّ جرس الهاتف أثناء تناوله الطّعام أو أثناء نومه ، ما كان يتوانى عن الجواب.
6 . قطع الرجاء من الآخرين: لم يكن يرتجي شيئا من أحد ، ولا حتّى من أولاده ، وأصهاره ، وزوجات أبنائه ، وإنَّما كان يقول لهم: لاتستشيروني في اُموركم ، واعلموا أنّ زمانكم يختلف عن زماننا؛ فإذا أشرت عليكم بما يصعب عليكم عمله ، أو يتعارض مع رغباتكم ، فاعملوا حسب مشيئتكم. وأنا لا أرتجي منكم ما هو أكثر من ذلك.
7 . الحضور في جبهات الحرب: لم يكتف آيه اللّه الأحمدي في حياته بارتياد المدرسة والمسجد واعتلاء المنبر ، بل كان ـ أثناء الحرب الدفاعية التي خاضتها الجمهورية الاسلامية الإيرانية ضدّ الهجوم العراقي ـ يتوجّه إلى جبهات الحرب مرّتين في كلِّ سنة ، و يتفقّد الخطوط الأمامية لجند الإسلام ، ويحثُّهم على الجهاد في سبيل اللّه وطاعة الولي الفقيه .