7
شرح دعاء أبي حمزة الثمالي

طلبه العلم

شغف أبو حمزة الثمالي بالعلم واهتمّ بوصايا الأئمّة عليهم السلام وإرشاداتهم وحثّهم له على طلبه.
قال أبو حمزة الثمالي : «قال لي أبو عبداللّه عليه السلام : اغدُ عالما أو متعلِّما أو احبب أهل العلم ولا تكن رابعا فتهلك ببغضهم» . ۱
وتنقل لنا بعض الأخبار مدى التزامه رحمه الله بتعاليم الأئمّة عليهم السلام ، وجدّه في طلب العلم ودأبه على تدوينه وضبطه.
قال أبو حمزة : «قرأت صحيفة فيها كلام زهد من كلام علي بن الحسين عليهماالسلام ، فكتبت ما فيها وأتيته بها ، فعرضته عليه فعرفه وصحّحه ، وكان فيها : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، كفانا اللّه وإيّاكم ...» . ۲
وقد ورد أنّ أبا حمزة كان مواظبا على السفر كلّ عام من بلدته الكوفة لأداء فريضة الحجّ ، والالتقاء بأئمّة أهل البيت والوقوف على آرائهم في المسائل ، والتزوّد من علومهم .
قال أبو حمزة : «كنت أزور عليّ بن الحسين عليهماالسلام في كلّ سنة مرّة في وقت الحجّ» . ۳ .
وقال رحمه الله : «خرجت إلى مكّة ، فدخلت على أبي جعفر محمّد الباقر عليه السلام وقلت أسأله مسائل وأكتب ما يجيبني عنها» . ۴
وكان يغتنم كلّ لقاء بهم عليهم السلام ولم يدع أيّ فرصة تجمعه معهم.
قال أبو حمزة : «دخلت على محمّد بن على عليهماالسلام وقلت : يابن رسول اللّه ، حدّثني بحديثٍ ينفعني ، قال : كلٌّ يدخل الجنّة إلّا من أبى ...» . ۵
فكان من ثمرة سعيه واجتهاده في طلب العلم أن تكون له مجموعة كتب ، وتراثا حديثيا ضخما. فله كتاب الزهد ، وكتاب النوادر ، وتفسير القرآن ، ورسالة الحقوق ، وكتاب.
وفي مجال نشر العلم وتعليمه ، فقد كانت له رحمه الله حلقة من فقهاء الكوفة يروي لهم ويلقي إليهم علومه ، وكأنّه قد آلى على نفسه الالتزام بما رواه هو عنهم عليهم السلام من أن العلم يأرز إذا لم يوجد له حمَلَة يحفظونه ويروونه كما سمعوه من العلماء ويصدقون عليهم فيه . ۶
قال داوود بن كثير الرقي : «وفد من خراسان وافد يكنّى أبو جعفر ، فورد الكوفة وزار أمير المؤمنين ، ورأى في ناحية رجلاً وحوله جماعة ، فلمّا فرغ من زيارته قصدهم فوجدهم شيعة فقهاء ويسمعون من الشيخ، فسألهم عنه فقالوا : هو أبو حمزة الثمالي» . ۷
وقد عدَّه اليعقوبي من الفقهاء الذين عاصروا أبا العبّاس السفاح وأبا جعفر المنصور . ۸

1.المحاسن: باب الحثّ على طلب العلم ح ۱۵۵ ص ۲۲۷.

2.الأمالي للمفيد: المجلس الثالث والعشرون ح ۳۳ ص ۱۹۹.

3.فرحة الغري: ص ۱۱۵.

4.طبّ الأئمّة: ص ۱۱۱.

5.تفسير فرات : ص ۴۳۴ .

6.لاحظ المسند : كتاب الحجّة، باب أنّ الأرض لا تخلو من حجّة.

7.الخرائج والجرائح: ج ۱ ص ۳۲۸ ح ۲۲.

8.تاريخ اليعقوبي: ج ۲ ص ۳۶۳ و ۳۹۱ .


شرح دعاء أبي حمزة الثمالي
6

أحواله في رواية الحديث

افترق علماء الشيعة وأهل السنّة عند تعرّضهم لأبي حمزة الثمالي ، فوثّقه الشيعة وأجلّوه ، وضعّفه أهل السنّة وتركوه.

مؤلّفاته

1. كتاب النوادر .
2. كتاب الزهد .
3. كتاب . ۱
4. صحيفة الحقوق .
5. تفسير القرآن .

مكانته ومنزلته

يُعدّ أبو حمزة الثمالي أحد الأوائل الذين تربّوا في كنف أئمّة أهل البيت عليهم السلام وأخذوا الحديث عنهم ونهلوا من علومهم. وقد أصبحت له بذلك منزلة سامية منهم عليهماالسلامومكانة بارزة بين أصحابهم ، وقد تجلّى ذلك بأمور :
الأوّل : مدح الأئمّة عليهم السلام أبا حمزة وتعظيمهم له وإظهارهم قوّة إيمانه وثبات عقيدته.
الثاني : إنّ أبا حمزة كان معتمد الأئمّة في مناظرة المخالفين والاحتجاج على الخصوم ،
فقد عاصر أبو حمزة الثمالي الفترة التي استحكمت في المجتمع الاسلامي بعض الجماعات والفرق المنحرفة ، كالمرجئة والخوارج والقدرية ، فنصبوا منابر لآرائهم ، وعقدوا حلقات جدل بينهم.
ومن المعضلات التي واجهت الأئمّة عليهم السلام وصحبهم أنّ فكرة الإرجاء قد استمالت عددا من علماء الأُمّة وأئمّة المذاهب بدرجة أو بأُخرى من الذين آثروا الدعة وحبّ السلامة ، فلجؤوا إلى موادعة الحكم الأموي ، والذي وجد هو بدوره فيهم ضالّته حيث أغمضوا عن موبقاته وجرائمه وعبّدوا له طريق اغتصابه الخلافة من أهلها حينما أوجدوا لها مستساغا شرعيا.
ومن الطبيعي والحال هذه أن نرى تصدّي أصحاب أئمّة أهل البيت عليهم السلام وفي طليعتهم أبي حمزة الثمالي لتلك الجماعات والدخول معها في نزاعات واحتجاجات ، لتفنيد آرائها والوقوف أمام انتشار عقائدها ، ومن ورائه في ذلك كلّه أئمّة أهل البيت عليهم السلام يمدّونه بمعين أفكارهم ويلقّنونه بتأويل ما اشتبه على تلك الفرق من معاني الآيات وأُصول الاعتقادات.
فعند أحد تلك المواقف لأبي حمزة مع المرجئة يسخر الإمام الباقر عليه السلام من هذه الفرقة الضالّة التي زيّنت لها أهواؤها التمسّك بظواهر بعض الآيات فأشادت عليها عقائدها وبنت أفكارها.
الثالث : إنّ أبا حمزة كان من ثقاتهم لدى الناس وقت الأزمات وعند تعرّض آل البيت للاظطهاد والتنكيل :
فقد شهد أبو حمزة دعوة زيد بن علي عليهماالسلام بالكوفة وعاش أحداثها وخذلان من بايعه وغرّه.
الرابع : إنّ الأئمّة عليهماالسلام كانوا يؤثرونه على سواه بعلومهم وأسرارهم ووصاياهم :
وقد يظهر ذلك بسؤال وطلب من أبي حمزة ، أو بمبادرة منهم ، بخطابٍ له باسمه أو كنيته أو لقبه وتكرار ذلك أثناء حديثهم إيّاه ؛ مبالغةً في إكرامه ، وقد يقسمون له أثناء ذلك.

1.اختلف العلماء في معنى الكتاب والأصل، وذكروا فروقا عديدة بينهما ، إلّا أنّهم اتّفقوا أنّ الكتاب أعمّ من الأصل، فكلّ أصل كتاب، وليس كلّ كتاب أصل.

  • نام منبع :
    شرح دعاء أبي حمزة الثمالي
    سایر پدیدآورندگان :
    هوشمند، مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 354823
صفحه از 464
پرینت  ارسال به