فعله طالباً للثناء فذلك عيبٌ وفساد لفعله .
وأمّا «الجمال» فحُسن الصورة واستواء الخلقة ، و«الخُيَلاء» : الكِبْر ، أي : إذا كان لك زينة وحُسْن هيئة باللباس فلا تفسدها بزهو وتكبّر ، واختال أبو دجانة في الحرب وافتخر، فقاتل بين يدي رسول اللّه ، فقال صلى الله عليه و آله : «إنّها الخصلة يُبغضهااللّه إلّا في هذا الموضع» . ۱
وأمّا «الحسبُ» فهو الَّذي يَعدّه المرء من مفاخر آبائه ومآثر نفسه ، وآفته أن يفتخر به ، نهى أن يُفخَر بحسن الفعال المحمود من الخصال . و«الظرف» عند العرب : الكياسة والعقل وفصاحة اللسان ، و«الصَّلَف»: قلّة الخير ، ومعنى الخبر أنّ العقل والحظّ لا يجتمعان ، فالأكثر في أحوال المرء أن لا يجتمع له العلم والمال فإنّه الكمال . وقيل : معناه أنّه فصاحة اللسان أن [ لا ]يتكلّم بما لا خير فيه ولا فائدة في الدِّين والجود والسخاء . و«السَّرَف» : الإخطاء ، قال : ما في عطائهم مَنّ ولا سَرَف أي إخطاء ووضعٌ في غير موضعه ، وهذا دليل على أنّ السَّرَف ليس من الإسراف .
ومعنى الخبر أنّ آفة الجود أن يَضَعَ العطيّة في غير موضعها ، ويصنعها مع غير أهلها . و«الدِّين» : الإسلام ، أي : آفته اتّباع الهوى ، على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ، و«الهوى» : المراد به الشهوة ، وهي من اُصول النعم فلا يكون آفة للدين ، ولابدّ من تقدير الحذف ؛ قال اللّه تعالى : « وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى »۲ .
۵۸.السَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ ، وَالشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ اُمِّه . ۳
يقول : اتّعظْ بغيرك ممّن كان قبلك أو معك ؛ فإنّ السعيد مَن نظر إلى أحوال غيره واعتبر به ؛ لأنّه إن اتّعظ بغيره انتفع باتّعاظه ، ولا يمكنه أن يتّعظ بنفسه . مثاله : إذا رأيت إنساناً قتل نفساً ظلماً فاقتُصَّ منه وقُتل بالمقتول قِوَداً ، صار ذلك لطفاً لك