وعظٌ للمسلمين ؛ فإنّ الكفّار لا يتّعظون بوعظ النبيِّ عليه السلام . ومثل قوله تعالى في حقّ القرآن : « هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ »۱ ، والقرآن هدىً لهم ولغيرهم ، [ غير ]أنّ الكفّار لمّا لم ينتفعوا به ما اعتدّ بهم وخصّ المتّقين ؛ لأنّهم هم المنتفعون به . ومثله « إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا »۲ .
ومعنى الخبر : أنّ اللّه تعالى حَرَّم دم المسلم عن الإراقة ، ومالَه عن النَّهْب والاستباحة ، وعِرضَه عن الفِرية والاغتياب . ومعنى «التحريم» المنعُ ، يُقال : حرّمه عطاءه ، والحرمان : المنع ، وعرض الرَّجُل : نفسه وسَلَفه من آبائه واُمّهاته ، فإذا قيل : ذكر عرض فلانٍ ، أي ذكر ما يمدح به أو يذمّ .
۱۲۷.حُرْمَةُ مَالِ المُسْلِمِ كَحُرْمَةِ دَمِهِ . ۳
يعني : إنّ مال المسلم في كونه حراماً يُنزّل منزلة دمه ؛ فكما أنّ إراقة دمه حرامٌ ، كذلك أخذ ماله ، حتّى مَن استحلّ مالَه كان كمن استحلّ دمه ؛ لأنّ المال به قوام البدن من حيث يتغذّى ويمتنع به من الحرّ والبرد ، فقد صار بمنزلة تخريب بنيته ، والمستحلّ لهما ولأحدهما خارجٌ عن الملّة إلّا بحقّ .
وقال عليه السلام : «اُمرت أن اُقاتل الناس حتّى يقولوا لا إله إلّا اللّه ، فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلّا بحقِّ ، وحسابهم على اللّه » . ۴ و«الحُرمة» : مصدر حَرَمَ الشيءَ فهو حرام .