155
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

وعظٌ للمسلمين ؛ فإنّ الكفّار لا يتّعظون بوعظ النبيِّ عليه السلام . ومثل قوله تعالى في حقّ القرآن : « هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ »۱ ، والقرآن هدىً لهم ولغيرهم ، [ غير ]أنّ الكفّار لمّا لم ينتفعوا به ما اعتدّ بهم وخصّ المتّقين ؛ لأنّهم هم المنتفعون به . ومثله « إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا »۲ .
ومعنى الخبر : أنّ اللّه تعالى حَرَّم دم المسلم عن الإراقة ، ومالَه عن النَّهْب والاستباحة ، وعِرضَه عن الفِرية والاغتياب . ومعنى «التحريم» المنعُ ، يُقال : حرّمه عطاءه ، والحرمان : المنع ، وعرض الرَّجُل : نفسه وسَلَفه من آبائه واُمّهاته ، فإذا قيل : ذكر عرض فلانٍ ، أي ذكر ما يمدح به أو يذمّ .

۱۲۷.حُرْمَةُ مَالِ المُسْلِمِ كَحُرْمَةِ دَمِهِ . ۳

يعني : إنّ مال المسلم في كونه حراماً يُنزّل منزلة دمه ؛ فكما أنّ إراقة دمه حرامٌ ، كذلك أخذ ماله ، حتّى مَن استحلّ مالَه كان كمن استحلّ دمه ؛ لأنّ المال به قوام البدن من حيث يتغذّى ويمتنع به من الحرّ والبرد ، فقد صار بمنزلة تخريب بنيته ، والمستحلّ لهما ولأحدهما خارجٌ عن الملّة إلّا بحقّ .
وقال عليه السلام : «اُمرت أن اُقاتل الناس حتّى يقولوا لا إله إلّا اللّه ، فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلّا بحقِّ ، وحسابهم على اللّه » . ۴ و«الحُرمة» : مصدر حَرَمَ الشيءَ فهو حرام .

1.البقرة (۲) : ۲ .

2.النازعات (۷۹) : ۴۵ .

3.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۳۷ ، ح ۱۷۷ و ۱۷۸ ؛ الجامع الصغير ، ج ۱ ، ص ۵۷۳ ، ح ۳۷۰۷ ؛ كنزالعمّال ، ج ۱ ، ص ۹۳ ، ح ۴۰۴ . المسبوط للطوسي ، ج ۳ ، ص ۵۹ ؛ عوالي اللئالي ، ج ۳ ، ص ۴۷۳ ، ح ۴ ؛ الصوارم المهرقة ، ص ۳۱ ؛ بحارالأنوار ، ج ۲۹ ، ص ۴۰۷ .

4.دعائم الإسلام ، ج ۲ ، ص ۴۰۴ ؛ ثواب الأعمال ، ص ۲۹۴ ؛ عيون الأخبار ، ج ۱ ، ص ۷۰ ، ح ۲۸۰ (مع الاختلاف في الجميع) .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
154

إحصان ، وقتل [نفس] بغير حقٍّ» 1 .
وإنّما كان طلب المعارف الواجبة مفروضاً لأنّ التكليف مشتمل على العلم والعمل ، والعلم مقدَّم على العمل ؛ لأنّ العمل يحتاج إلى العلم بكيفيّته وشرائطه وما لا يصحّ إلّا به وما يبطله ؛ ليأتي المكلِّف به على ما اُمر به ويَعلم أنّه لا يعمله على خلاف المأمور به ، والعلم المكتسب لا يوجد إلّا بالطَّلب ، فطلبُه المؤدِّي إليه فريضة .
وقال عليه السلام : «اطلبوا العلم ولو بالصِّين» 2 . وهذا على سبيل التقدير بأن لا يُستبعد الطريق البعيد إلى العلم ، ولو كان العلم لا يوجد إلّابالصين لوجب الخروج إليه في طلبه ، وإلّا ليس بالصين علم يجب أن يُطلب .
وقال : «مَن اغبرَّتْ قدماه في طلب العلم وجبتْ له الجنّة» 3 .
وقال : «مَن طلب العلم للّه عز و جل لم يُصِب منه باباً إلّا ازداد به في نفسه ذُلّاً ، وللناس تواضعاً ، وللّه خوفاً ، وفي الدين اجتهاداً ، فذلك الذي ينتفع بالعلم ، فليتعلّمه ؛ ومَن طلب العلم للدنيا والمنزلة عند الناس والحظوة عند السلطان لم يُصِبْ منه باباً إلّا ازداد في نفسه عظمةً ، وعلى الناس استطالةً ، وباللّه اغتراراً ، وفي الدِّين جفاءً ، فذلك الذي لا ينتفع بالعلم فليكفّ ، وليُمسك عن الحجّة على نفسه ، وله الندامة والخزي يوم القيامة» . 4
وقوله : «وكلّ المسلم» وإن كان اللفظ واحداً ، فالمراد به الجمع للام الجنس . بيّن عليه السلام [أنَّ] دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم تحرم على كلّ أحد من المسلمين والكفّار ، غير أنّه خَصّ المسلمين بالذكر لأنّ الكفّار لا يَعرفون الحلال والحرام والشرعيّات ولا يؤمنون به، فيستحلّون جهلاً جميع ذلك من المسلمين ، ولأنّ الخبر

1.كتاب الاُمّ ، ج ۶ ، ص ۱۶۸ ؛ المحلي ، ج ۱۱ ، ص ۳۸۵ ؛ أحكام القرآن ، ج ۲ ، ص ۱۳۵ .

2.روضة الواعظين ، ص ۱۱ ؛ مصباح الشريعة ، ص ۱۳ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۲۷ ، ص ۲۷ ، ح ۲۰ .

3.راجع : تفسير الرازي ، ج ۲ ، ص ۱۸۹ .

4.روضة الواعظين ، ص ۱۱ ؛ مشكاة الأنوار ، ص ۲۳۸ ؛ بحارالأنوار ، ج ۲ ، ص ۳۴ ، ح ۳۳ (مع الاختلاف في الجميع) .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    المؤلف :
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 215796
الصفحه من 627
طباعه  ارسل الي