في مخالفة الهوى مِن اتّباع أوامر اللّه واجتناب مناهيه ؛ فإنّ النفس الأمَّارة بالسُّوء تأمره بما فيه من هلاك نفسه ودينه ، فالمرء المسلم يجاهد نفسه ويدافعها حتّى يَسلم دينُه ونفسه .
وقيل : معناه : مَن امتنع مِن مواقعة المعاصي فهو بمنزلة مَن بإزائه عدوٌّ يقابله لما يُعاني من المشقَّة في مغالبة قلبه والتحفّظ من هوى نفسه . و«المجاهد» : مفاعل من الجَهد وهو المشقّة ، أو من الجُهد وهو الطاقة ، والمجاهدة والجِهاد مصدران لما كان بين اثنين في الأغلب كالمقاتلة والقتال ، وفي عرف الشرع: مقاتلةُ مَن يجب قتاله من الكُفّار من أهل الحرب ، ومخالفة النفس في شهواتها كما أمر اللّه ، ومجاهدتها الجهاد الأكبر .
۱۳۰.الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ المَوْتِ ، وَالعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللّهِ . ۱
يقول : حاسِبوا أنفسكم في الدنيا، وأذِلّوا في طاعة اللّه ؛ فإنّ الكيّس من حاسب نفسه اليوم قبل أن يحاسَب في الآخرة ، وأذلَّها بترك عزّ الدُّنيا ، وساسها ، وعمل ما ينفعه بعد الموت ، و«العاجز» : الذي لا يهتدي إلى مصالح نفسه ، [و هو] من أطاعها في متابعة الهوى وهو يقول : «ليت اللّه غفر لي وأدخلني الجنّة» أو «لعلّ اللّه يغفر لي .
و«الكيّس» : الفطن ۲ ، و«الدِّين» : الحساب ، ومعنى «دان نفسه» حاسبها ، وقيل :