157
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

في مخالفة الهوى مِن اتّباع أوامر اللّه واجتناب مناهيه ؛ فإنّ النفس الأمَّارة بالسُّوء تأمره بما فيه من هلاك نفسه ودينه ، فالمرء المسلم يجاهد نفسه ويدافعها حتّى يَسلم دينُه ونفسه .
وقيل : معناه : مَن امتنع مِن مواقعة المعاصي فهو بمنزلة مَن بإزائه عدوٌّ يقابله لما يُعاني من المشقَّة في مغالبة قلبه والتحفّظ من هوى نفسه . و«المجاهد» : مفاعل من الجَهد وهو المشقّة ، أو من الجُهد وهو الطاقة ، والمجاهدة والجِهاد مصدران لما كان بين اثنين في الأغلب كالمقاتلة والقتال ، وفي عرف الشرع: مقاتلةُ مَن يجب قتاله من الكُفّار من أهل الحرب ، ومخالفة النفس في شهواتها كما أمر اللّه ، ومجاهدتها الجهاد الأكبر .

۱۳۰.الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ المَوْتِ ، وَالعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللّهِ . ۱

يقول : حاسِبوا أنفسكم في الدنيا، وأذِلّوا في طاعة اللّه ؛ فإنّ الكيّس من حاسب نفسه اليوم قبل أن يحاسَب في الآخرة ، وأذلَّها بترك عزّ الدُّنيا ، وساسها ، وعمل ما ينفعه بعد الموت ، و«العاجز» : الذي لا يهتدي إلى مصالح نفسه ، [و هو] من أطاعها في متابعة الهوى وهو يقول : «ليت اللّه غفر لي وأدخلني الجنّة» أو «لعلّ اللّه يغفر لي .
و«الكيّس» : الفطن ۲ ، و«الدِّين» : الحساب ، ومعنى «دان نفسه» حاسبها ، وقيل :

1.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۴۰ ، ح ۱۸۵ ؛ مسند أحمد ، ج ۴ ، ص ۱۲۴ ؛ سنن الترمذي ، ج ۴ ، ص ۵۴ ، ح ۲۵۷۷ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۱ . ص ۵۷ ؛ و ج ۴ ، ص ۲۵۱ ؛ السنن الكبرى ، ج ۳ ، ص ۳۶۹ . الأمالي للطوسي ، ص ۵۲۹ ، ح ۱ ؛ مكارم الأخلاق ، ص ۴۶۲ ؛ مجموعة ورّام ، ج ۱ ، ص ۶۴ .

2.اُنظر : العين ، ج ۵ ، ص ۳۹۳ ؛ لسان العرب ، ج ۶ ، ص ۲۰۱ (كيس) .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
156

۱۲۸.المُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَاهُ اللّهُ عَنْهُ . ۱

۱۲۹.المُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللّهِ . ۲

يقول بالخبر الأوّل : إنّ الهاجر الممدوح هو الّذي جمع إلى هجران وطنه هجر ما حرَّم اللّه عليه ؛ لأنّه إذا لم يكن كذلك يكون مهاجراً بالاسم غير مهاجر بالإيقان . و«المهاجر» : مفاعل من الهجرة ، والفِعلة : الحالة كما قدَّمنا ، فالهجرة هيئة وكيفية للمفارقة ، وفي عرف الشرع : الخروج من مكّة إلى المدينة موافقة النبيِّ عليه السلام ، ولهذا قال صلى الله عليه و آله : «لا هجرةَ بعد الفتح» . ۳ وقوله في فقه صلاة الجمعة : «إذا حضر قوم من المسلمين ، ودخل وقت الصلاة ، فالأولى بالتقدُّم للإمامة أقرأ القوم ، ثمّ أفقههم ، ثمّ أقدمهم هجرة ، ثمّ أسنّهم ، ثمّ أصبحهم وجهاً»۴ ، فالمراد بقدم الهجرة في عهد رسول اللّه : أسبق إليها والتقدّم فيها ، وفي عهدنا : كثرة أجداده في الإسلام .
ومعنى الخبر أنّ المهاجر الحقيقي هو من ترك المنهيّات ، ومن ترك المحارم الآن كمن هاجر بيته يومئذٍ ، وثوابه ثواب المهاجرين . وإنّما داعي [الخبر الأوّل] المطابقة بين الهجرتين في اللفظ ، وحثّ به على هجر مناهي اللّه ، فكذلك الخبر الثاني ترغيب في مجاهدة النفس ؛ يقول : المجاهد كلّ المجاهد من جاهَدَ نفْسَه ونازعها

1.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۳۸ ، ح ۱۸۰ (وفيه : «ما حرّم اللّه عليه» بدل «ما نهاه اللّه عنه») ؛ مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۱۹۲ و ۲۰۵ ؛ سنن النسائي ، ج ۸ ، ص ۱۰۵ ؛ المعجم الكبير ، ج ۱۹ ، ص ۱۷۶ (وفي الثلاثة الأخيرة : «نهى» بدل «نهاه») . وراجع : تفسير القمّي ، ج ۲ ، ص ۱۴۹ ؛ مشكاة الأنوار ، ص ۸۵ ؛ بحارالأنوار ، ج ۱۲ ، ص ۲۹ ؛ و ج ۶۴ ، ص ۳۵۸ .

2.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۳۹ ، ح ۱۸۳ و ۱۸۴ ؛ مسند أحمد ، ج ۶ ، ص ۲۰ و ص ۲۲ (مع اختلاف يسير فيه) ؛ سنن الترمذي ، ج ۳ ، ص ۸۹ ، ح ۱۶۷۱ (وفيه : ـ «في طاعة اللّه ») ؛ صحيح إبن حبّان ، ج ۱۰ ، ص ۴۸۴ (وفيه مع اختلاف يسير) ؛ المعجم الكبير ، ج ۱۸ ، ص ۳۰۹ (وفيه : ـ «طاعة») . المجازات النبويّة ، ص ۲۰۱ ، ح ۱۵۷ (وفيه : ـ «في طاعة اللّه ») ؛ مجموعة ورّام ، ج ۱ ، ص ۹۶ ؛ أعلام الدين ، ص ۲۶۵ .

3.الخصال ، ص ۱۹۳ ، ح ۲۶۸ ؛ الخرائج ، ج ۲ ، ص ۵۴۵ ؛ المحتضر للحلّي ، ص ۱۸۷ ، ح ۲۲۷ .

4.راجع : التهذيب ، ج ۳ ، ص ۳۱ ، ح ۱۱۲ ؛ فقه الرضا عليه السلام ، ص ۱۲۴ ؛ دعائم الإسلام ، ج ۱ ، ص ۱۵۲ .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    المؤلف :
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 215767
الصفحه من 627
طباعه  ارسل الي