37
التّصحيف في متن الحديث

السؤال المطروح هو أنّ بُعد المؤمن عمّن تباعد منه، بأيّ نحوٍ مطلوب؟ هل المطلوب أن يكون كما ورد في نهج البلاغة: «زُهدٌ وَنَزاهَةٌ»؟ أم كما ورد في الكافي: «بُغضٌ وَنَزاهَةٌ»؟ أم كما ورد في مستدرك الوسائل: «بِغَضٍّ وَنَزاهَةٍ» ؟ أم بنحوٍ آخر ؟ الفهم الصحيح للحديث يتوقّف على معرفة النسخة الصحيحة له.
فإن كان اللفظ الصحيح للحديث هو الأوّل ، كان فهمنا للحديث الثاني فهماً خاطئاً؛ لأنّه غير المطلوب ، وإن كان اللفظ الصحيح للحديث هو الثاني ، كان فهمنا للحديث الأوّل فهماً خاطئاً أيضاً.
وأمّا ما ذكره العلّامة المجلسي من معنى الحديث ، فهو مبني على أنّ نسخة الكافي هي النسخة الصحيحة، قال بعد إيراد الحديث:
«بُعدُهُ مِمَّن تَباعَدَ مِنهُ بُغضٌ وَنَزاهَةٌ»: أَي إنّما يبعد عن الكفّار والفسّاق للبغض في اللّه‏ والنزاهة والبعد عن أعمالهم وأفعالهم. والنزاهة بالفتح: التباعد عن كلّ قذر ومكروه. ۱

النموذج الثاني:

۶.۱) في مستدرك الوسائل: عَن أَبي الحَسَنِ مُحَمَّدِ بنِ عَليٍّ، عَن أَبي بَكرِ بنِ عَبدِ اللّه‏ِ، عَن عَبدِ اللّه‏ِ بنِ أَحمَدَ بنِ عامِرٍ، عَن أَبيهِ، عَنِ الرِّضا عَن آبائِهِ عليهم ‏السلام ، قالَ: قالَ رَسولُ اللّه‏ِ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله : مَن حَزَنَهُ أَمرٌ فَليَقُل: لا حَولَ وَلا قوَّةَ إلّا بِاللّه‏ِ. ۲

۷.۲) وفي بحار الأنوار: قالَ رَسولُ اللّه‏ِ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله : مَن حَزَبَهُ أَمرٌ فَليَقُل: لا حَولَ وَلا قوَّةَ إِلّا بِاللّه‏ِ. ۳

ولا ريب أنّ فهم الحديث متوقّف على فهم ألفاظه، فإن كان النصّ بلفظ «حزنه» فهو من الحزن، وعليه سيكون معنى الحديث: إذا أصابه الحزن بسبب عروض أمر

1.بحار الأنوار: ج ۶۴ ص ۳۸۳ .

2.مستدرك الوسائل: ج ۵ ص ۳۶۷ ح ۶۱۰۶ نقلاً عن عيون أخبار الرضا و ج ۵ ص ۳۷۱ ح ۶۱۱۵ نقلاً عن صحيفة الرضا .

3.بحار الأنوار: ج ۶۸ ص ۴۵ ح ۴۹ .


التّصحيف في متن الحديث
36

1. ما يرجع إلى المعنى

أ ـ الفهم الخاطئ للحديث

ذكرنا أنّ جذور الحديث تمتدّ إلى مختلف جوانب الحياة الفردية والاجتماعية، العلمية والعملية، ولا تخصّ جانباً دون آخر، ولهذا فإنّ الحاجة له تعمّ جميع الأفراد وجميع المجالات، ولا تخصّ فرداً ـ كطالب العلوم الدينية ـ دون آخر، ولا تخصّ مجالاً ـ كالفقه ـ دون ثاني. ولهذا فلو عرض التصحيف على حديث فلا محالة في أنّه سيترك أثره عليه، وفي مقدّمة هذه الآثار السيّئة هو الفهم الخاطئ للحديث، وما يترتّب عليه. ومن نماذج ذلك:

النموذج الأوّل:

۴.۱) في نهج البلاغة في صفة المتّقي: إِن ضَحِكَ لَم يَعلُ صَوتُهُ، وَإِن بُغيَ عَلَيهِ صَبَرَ حَتّى يَكونَ اللّه‏ُ هوَ الَّذي يَنتَقِمُ لَهُ، نَفسُهُ مِنهُ في عَناءٍ، وَالنّاسُ مِنهُ في راحَةٍ، أَتعَبَ نَفسَهُ لآخِرَتِهِ، وَأَراحَ النّاسَ مِن نَفسِهِ، بُعدُهُ عَمَّن تَباعَدَ عَنهُ زُهدٌ وَنَزاهَةٌ، وَدُنُوُّهُ مِمَّن دَنا مِنهُ لينٌ وَرَحمَةٌ، لَيسَ تَباعُدُهُ بِكِبرٍ وَعَظَمَةٍ، وَلا دُنُوُّهُ بِمَكرٍ وَخَديعَةٍ. ۱

۵.۲) وفي الكافي: ... نَفسُهُ مِنهُ في عَناءٍ، وَالنّاسُ مِنهُ في راحَةٍ، أَتعَبَ نَفسَهُ لآِخِرَتِهِ فَأَراحَ النّاسَ مِن نَفسِهِ، إِن بُغيَ عَلَيهِ صَبَرَ حَتّى يَكونَ اللّه‏ُ الَّذي يَنتَصِرُ لَهُ، بُعدُهُ مِمَّن تَباعَدَ مِنهُ بُغضٌ وَنَزاهَةٌ، وَدُنُوُّهُ مِمَّن دَنا مِنهُ لينٌ وَرَحمَةٌ، لَيسَ تَباعُدُهُ تَكَبُّراً وَلا عَظَمَةً، وَلا دُنُوُّهُ خَديعَةً وَلا خِلابَةً... . ۲

1.. نهج البلاغة : الخطبة ۱۹۳ ، شرح نهج البلاغة : ج ۱۰ ص ۱۴۸ ، روضة الواعظين : ص ۴۳۹ ، مكارم الأخلاق : ص۴۷۷ .

2.الكافي: ج ۲ ص ۲۳۰ ح ۱، ورواه عن الكافي في مستدرك الوسائل: ج ۱۱ ص ۱۸۳ ح ۱۲۶۸۷ مع ضبط العبارة محلّ الشاهد بالشكل التالي: «بُعدُهُ مِمَّن تَباعَدَ مِنهُ بِغَضٍّ وَنَزاهَةٍ» ، أعلام الدين: ص ۱۱۷ .

  • نام منبع :
    التّصحيف في متن الحديث
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث، للطباعة و النشر
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1432 ق / 1390 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
    شمارگان :
    1000
    قیمت :
    45000 ریال
تعداد بازدید : 251759
صفحه از 277
پرینت  ارسال به