وهذا التمسّك بنصوص الأحاديث ممّا لا ريب في حسنه، إلّا أنّه يجب الاطمئنان من صحّة نسخة الحديث المنقول وعدم طروء الخلل عليه أثناء النقل، حيث إنّ بعض الأحاديث لم يُنقل بدقّة كما تقدّم، وهذا ما عكس أثره على الفتوى في بعض المجالات. أو فقل: إنّ الفقيه بذل جهده وأفتى على ضوء الأحاديث الواصلة إليه، إلّا أنّ بعضها لم ينقل بدقّة ؛ لتصحيفٍ أو غيره ، فترك أثره على الفتوى، ومن نماذج ذلك ما يلي:
النموذج الأوّل:
۸.۱) أورد الشيخ الصدوق في كتاب الفقيه الذي هو كتاب فتواه الحديث التالي: قالَ أَميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : مَن جَدَّدَ قَبراً أَو مَثَّلَ مِثالاً، فَقَد خَرَجَ مِنَ الإِسلامِ. ۱
وكتب بعد نقله للحديث قائلاً:
اختلف مشايخنا في معنى هذا الخبر، فقال محمّد بن الحسن الصفّار رحمهالله: هو «جَدَّد» بالجيم لا غير، وكان شيخنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضىاللهعنهيحكى عنه أنّه قال: «لا يجوز تجديد القبر ولا تطيين جميعه بعد مرور الأيّام عليه، وبعدما طُيّن في الأوّل، ولكن إِذا مات ميّتٌ وطُيِّن قبره، فجائزٌ أن يُرمَّ سائر القبور من غير أن يُجَدّد». وذكر عن سعد بن عبد اللّهِ رحمهاللهأنّه كانَ يَقولُ: «إنّما هو من حدّد قبراً، بالحاء غير المعجّمة، يعني به مَن سنّم قبراً»، وذكر عن أحمد بن أبي عَبد اللّه البرقي أنّه قال: «إنّما هو: من جَدّث قبراً»، وتفسير الجَدَث: القبر، فلا ندري ما عنى به. والذي أذهب إليه أنّه «جدَّد» بالجيم؛ ومعناه نبش قبراً؛ لأنّ مَن نبش قبراً فقد جدّده وأحوج إلى تجديده، وقد جعله جَدَثاً محفوراً... . ۲